نحتاج الآن للتحلي بالصبر لفترة طويلة. جاء اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة كما كان متوقعا على نطاق واسع: فقد حذفت اللجنة من بيانها عبارة "فترة طويلة" وقالت اللجنة بدلا منها إنها "يمكن أن تتحلى بالصبر في بداية تطبيع موقف السياسة النقدية." وكان البيان حذرا من حيث إن اللجنة قد حاولت التقليل من أثر هذا الفرق بالقول إن العبارة الجديدة "متسقة" مع العبارة القديمة – ولكن إذا كان الأمر كذلك، فلماذا كان التغيير إذا؟ ولكن رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي جانيت يلين مالت بشدة إلى الجانب المتشدد حيث أوضحت في مؤتمرها الصحفي أن العبارة الجديدة تعني أن اللجنة لن تبدأ في رفع أسعار الفائدة "على الأقل خلال الاجتماعين القادمين"، وهو ما يعني أن هذا لن يحدث قبل شهر أبريل 2015، وهو وقت مبكر مما كان متوقعا في السابق. وعلاوة على ذلك، قالت يلين على وجه التحديد إن رفع أسعار الفائدة يمكن أن يحدث في الاجتماعات التي لا يعقبها مؤتمرا صحفيا، مما يجعل من الصعب التنبؤ بالتوقيت (فليس هناك مؤتمرا صحفيا بعد اجتماع أبريل أو يوليو أو أكتوبر). ومن الواضح أن التقلبات في الأسواق والمشاكل في روسيا لم تؤثر على تفكير اللجنة كثيرا – فاللجنة ما تزال تصب تركيزها على الاقتصاد المحلي في الولايات المتحدة وبشكل خاص على سوق العمل، وهي آخذة في التحسن.
وفي الوقت نفسه، فإن "الرسم البياني بالنقاط" لتوقعات أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة كشف عن توقعات ذات متوسط منخفض لسعر فائدة الأموال الفيدرالية في نهاية عام 2015 و 2016، ولكن هذا الانخفاض لقد اقتصر على 14 نقطة فقط أي ما يساوي نصف مرة من مرات رفع سعر الفائدة (وبانخفاض4 نقاط في نهاية 2017). وبالإضافة إلى ذلك، ضاق إلى حد كبير الاختلاف في الآراء بالنسبة لعامي 2015 و 2016 مما يشير إلى أن آراء اللجنة بدأت تتحد، على الرغم من أنه كان هناك عددا أكبر من الأصوات المعارضة هذه المرة (عضوان من المتشددين، وعضو واحد من المعتدلين). وبناء على ذلك، ارتفعت أسعار الفائدة الضمنية على العقود الآجلة للأموال الفيدرالية بمقدار 11 نقطة في العقود طويلة الأجل. وتؤكد هذه الأخبار صحة وجهة نظرنا بأن ارتفاع الدولار من المرجح أن يستمر.
كان رأي السوق سريعا وبالإجماع: فقد ارتفع كل شيء تقريبا يحمل علامة الدولار الأمريكي. فقد ارتفع الدولار الأمريكي، وشهدت الأسهم الأمريكية أفضل أيامها في عام 2014، وضاقت هوامش الائتمان. ويعد هذا انجازا كبيرا للآراء الأكثر تشددا. ومع ذلك، فربما كانت هناك علاقة بين هذا الانطباع الجيد في جميع أنحاء الأسواق وبين مع ما حدث في النفط وروسيا بقدر علاقته بمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
هل انتهى الذعر بشأن النفط/الروبل؟ ارتفعت أسعار النفط الخام يوم أمس، حيث قفزت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 5.8%. ومن الصعب تحديد السبب الذي يقف وراء هذا الارتفاع: فإمدادات النفط الخام في الولايات المتحدة قد انخفضت بأقل بكثير مما كان متوقعا، بل كانت هناك زيادة كبيرة في مخزونات خام غرب تكساس الوسيط وإن كان المخزون من بعض أنواع الوقود قد انخفض بأكثر من المتوقع. ويبدو الأمر بمثابة مجرد تغيير مفاجئ في المشاعر وأنه ارتفاع قائم على إغلاق مراكز البيع أكثر من كونه رد فعل على أنباء متعلقة بالتحليل الأساسي. وفي الوقت نفسه فإن الروبل قد تعافى ايضا وارتفع بنسبة 16٪ أمام الدولار الأمريكي في أعقاب تدخل البنك المركزي الروسي لدعم الروبل وقيامه بتعديل نظام المحاسبة الخاص به لمساعدة البنوك على التعامل. وإنني لن أقول أن المشاكل قد انتهت لأي أصل من هذين الأصلين، ولاسيما وأن الاقتصاد الروسي يواجه صعوبات طويلة الأمد والتي ستواصل التأثير على العملة. ومع ذلك، فإنه يبدو أن تداول النفط والروبل الروسي في اتجاه واحد قد انتهى وربما يكون هناك المزيد من التقلبات (أياما من الصعود وكذلك أياما من الهبوط) اعتبارا من ذلك. ويمكن أن نشهد انعكاسا متوسطا في الوقت الراهن.
البرلمان اليوناني يرفض مرشح الحكومة للرئاسة رفضا مدويا، ولم يحصل المرشح الحكومي سوى على 160 صوتا فقط. ويذكر أن هذا العدد من الأصوات كان هو الحد ألأدنى للتوقعات وهو عدد أقل بكثير من 180 صوتا اللازمة للحيلولة دون إجراء انتخابات عامة في يناير. ولن يكون للتصويت المقبل، المقرر عقده يوم الثلاثاء المقبل، معنى لأنه من المؤكد تقريبا أنه سيسفر عن نفس النتيجة. وستعقد جولة التصويت النهائية والحاسمة يوم 29 ديسمبر. وإذا لم تستطع الحكومة الحصول على 20 صوتا آخرين – وهو أمر يبدو صعبا – فإن استطلاعات الرأي تقول إنه من المرجح أن يصل للسلطة حزب سيريزا اليساري المعارض والذي تقوم سياسته على إعادة التفاوض على شروط الاتحاد الأوروبي لإنقاذ اليونان. وعندئذ فإن الأمر سيصبح بمثابة مواجهة بين قوة لا تقاوم وكائن لا يتحرك – فهل يتزحزح أحدهما عن موقفه أم ستترك اليونان منطقة اليورو؟ أتوقع أنه إذا وصلنا لهذه المرحلة فإن حزب سيريزا سيتراجع ليتجنب الطرد، ولكن لا شيء مؤكد في هذه الدنيا.