خلال الأسبوع الفائت، فاجأت البنوك المركزية العديد من المتداولين بقراراتها. وبدأ الأمر مع الاحتياطي الفدرالي وقرار السياسة النقدية يوم الأربعاء. حيث أن رفع الفائدة بـ 25 نقطة أساس كان محتسباً بالكامل ومنذ عدّة أسابيع، لكن العديد من المستثمرين في الأسواق توقعوا صدور البيان الصحفي بنبرة متساهلة بسبب الضعف المسجّل في البيانات الاقتصادية مؤخراً. لكن البيان جاء بنبرة متشدّدة وبدت جانيت يلين واثقة من مسار النمو الاقتصادي. وعلى المنوال ذاته، كان قرار البنك المركزي الإنكليزي. فبعد النتائج المفاجئة للانتخابات التي أوصلت إلى برلمان معلق في المملكة المتحدة، وبعد أن دقت البيانات الاقتصادية ناقوس الخطر، كانت التوقعات تشير إلى صدور قرار بالإجماع بعدم تغيير معدلات الفائدة، لكنّ ثلاثة من بين الأعضاء الثمانية في لجنة السياسة النقدية صوّتوا على رفع الفائدة. وهذا يشير إلى أنّ صنّاع السياسة النقدية بدأوا يشعرون بقلق أكبر بخصوص ارتفاع التضخّم رغم أن الاقتصاد لا يسير في الاتجاه الصحيح.
من جهته، كانت رد فعل الدولار متفاوتاً، مما يشير إلى أن المستثمرين يشكّكون نوعاً ما بمسار رفع الفائدة من الفدرالي وتقليص مقتنياته من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة برهون عقارية والبالغ قيمتها 4.2 ترليون $. وقد أنهى الدولار الأميركي الأسبوع على ارتفاع مقابل الين واليورو، وعلى تراجع مقابل عملات السلع، ولم يتغير مقابل الاسترليني. كما أرسلت سندات الخزانة الأميركية الإشارة ذاتها حيث تراجعت العوائد على طول منحنى العائد. ويحق للمستثمرين التشكيك، وخاصة بعد سلسلة من البيانات الاقتصادية الضعيفة والتي شملت مبيعات التجزئة ومؤشر أسعار المستهلكين، والمساكن الجديدة، والثقة الاقتصادية. ولا يبرّر أي من هذه الأرقام تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر.
الأرقام الوحيدة المنتظرة الأسبوع المقبل في أميركا هي مؤشرات مديري المشتريات (PMI) ومبيعات المساكن. وعلى الأغلب أن يراقب الدولار تصريحات أعضاء الفدرالي. حيث من المنتظر أن يتحدّث ستة منهم بما في ذلك لايل برينارد، وجون ويليامز، وروبرت كابلان، وباتريك هاركر، وويليلام دودلي، وجيرومي باول. فإذا بدت نبرتهم متوافقة مع نبرة جانيت يلين، فوقتها هناك على الأرجح شيء ما يعرفه الفدرالي ولا نعرفه نحن، وسيكون ذلك إيجابياً بالنسبة للدولار. ولكن أعتقد أن هناك فرصة كبيرة بأن نتلقى رسائل متباينة، ممّا يصعّب المراهنة على حركة الدولار في اتجاه واحد.
وعلى الجانب الآخر من الأطلسي، فإن السياسة ستظل هي المحرّك الأساسي للإسترليني. ورغم أنه ليس هناك بيانات اقتصادية رئيسية منتظرة في المملكة المتحدة، إلا أن المحادثات الرسمية بخصوص عملية البريكست ستنطلق يوم الاثنين. وللأسف، فإن تيريزا ماي ليست في موقع قوي بما أنّ البرلمان المعلق سيعقّد المفاوضات. ورغم أنني أعتقد بأنّ الاسترليني مقوّم دون قيمته الحقيقية بناءً على الأساسيات، إلا أنّ هذه العملة قد تواجه احتمالات الهبوط اعتماداً على مدى التشدّد في موقف الاتحاد الأوروبي.