أصدر الاقتصاد الأمريكي اليوم بيانات مهمة تتعلق بأداء القطاع الصناعي خلال شهر أيار/مايو، وعلى ما يبدو بأننا شهدنا تراجعاً لوتيرة الأنشطة الاقتصادية في القطاع خلال تلك الفترة، وبالأخص في منطقة نيويورك، حيث أكدت بيانات المؤشر على تواصل "الاعتدال" في وتيرة أنشطة قطاع الصناعة، ولكن بوتيرة بطيئة.
فقد صدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم الاثنين قراءة مؤشر نيويورك الصناعي والخاصة بشهر أيار/مايو، حيث شهدنا هبوط المؤشر ليصل إلى 11.90 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 21.70 وبأدنى من التوقعات التي بلغت 19.55.
في حين أظهرت المؤشرات الفرعية في التقرير أن الأسعار المدفوعة ارتفعت خلال أيار/مايو إلى 69.89 مقابل 57.69 خلال نيسان/أبريل، أما بالنسبة للأسعار المقبوضة فقد ارتفعت أيضا إلى 27.96 مقابل 26.92، والمثير بالإهتمام أن الطلبات الجديدة انخفضت خلال فترة إعداد التقرير إلى 17.19 مقابل 22.34 فقط، في حين ارتفعت العمالة في المنطقة إلى 24.73 مقابل 23.08، أما بالنسبة للمخزونات فقد ارتفعت لتصل إلى 10.75 مقابل -1.28.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن المؤشر أكد على أن ارتفاع أسعار اسلع الأساسية والخامات الأساسية واصل ويواصل الضغط على كاهل الأسعار لترتفع، في حين واصلت أسعار الطاقة والغذاء الارتفاع خلال الفترة الماضية، مع العلم بأن المحللين يواصلون التأكيد على أن ارتفاع أسعار الطاقة سيسهم وبشكل ملحوظ في التأثير سلباً على عجلة النمو الاقتصادي في البلاد خلال الفترة القادمة.
ويواصل قطاع الصناعات التحويلية التوسع في الفترة الحالية، على الرغم من كون وتيرة التوسع تراجعت خلال أيار/مايو، علماً بأن قطاع الصناعة الأمريكي كان أحد أوائل القطاعات التي خرجت بسلام من مستنقع الركود، بل وأسهم نوعاً ما في انتشال القطاعات الأخرى، مع التأكيد على أن قطاع الصناعة كان قادراً على التعافي من أسوأ ركود يعم القطاع منذ مطلع الثمانينيات، إلا أن عجلة التعافي والانتعاش لم تتمكن بعد من الوصول إلى مرحلة التعافي الكلي أو الاستقرار الكلي في ظل الضعف المحيق بالأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة.
ارتفاع الأسعار من جهته رافق الانخفاض في الطلبيات الجديدة والشحنات، الأمر الذي لا يرسل إشارة قوية حيال صحة القطاع الصناعي، علماً بأن ارتفاع المخزونات عزز من ارتفاع المؤشر، مع الإشارة إلى أن المخزونات تعد كقراءة منخفضة الأهمية بالنسبة للمؤشر ككل.
وبشكل عام فإن قطاع الصناعة لا يزال بحاجة إلى المزيد من الوقت قبيل الوصول إلى مرحلة التعافي التام، حاله حال بقية قطاعات الاقتصاد الأمريكي، حيث تبرز الحاجة إلى الوقت لنصل إلى مرحلة من التطور نكون قادرين على قول "أن الاقتصاد الأمريكي عاد إلى الطريق الصحيح للنمو على المدى البعيد"، الأمر الذي لن يتحقق قبيل النصف الثاني من العام الجاري 2011 على الأقل.
وفي النهاية فقد صدر عن أكبر إقتصاد في العالم بيانات التدفقات النقدية، حيث شهدنا انخفاض صافي التدفقات النقدية طويلة الأمد في آذار/مارس لتصل إلى 24.0 مليار، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 26.9 مليار والتي تم تعديلها إلى 27.2 مليار، وبأدنى من التوقعات التي بلغت 33.0 مليار.
وعلى صعيد آخر فقد شهدنا ارتفاع مجمل التدفقات النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة ذاتها لتصل إلى 116.0 مليار بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 97.7 مليار والتي تم تعديلها إلى 95.6 مليار.
يذكر بأن المؤشرات الفرعية أظهرت بأن ارتفاع الاستثمارات في سندات الشركات بالتحديد أسهمت في ارتفاع التدفقات النقدية خلال آذار/مارس، ناهيك عن ارتفاع الاستثمارات الأجنبية في الأسهم الأمريكية، حيث ارتفعت الأولى لتصل إلى 3.8 مليار، بالمقارنة مع ما كانت عليه خلال شباط/فبراير عند -2.5 مليار، أما في ما يتعلق باستثمارات الأسهم، فقد ارتفعت لتصل إلى 14.7 مليار دولار أمريكي، بالمقارنة مع ما كانت عليه خلال شبا/فبراير عند 6.1 مليار.
ولا بد لنا من الإشارة في النهاية إلى أن خطط التخفيف الكمي 2 أسهمت في ذلك الارتفاع في التدفقات النقدية، ومن ناحية أخرى فقد دعمت مستويات الثقة الآخذة في الارتفاع هذا الارتفاع في مستويات الاستثمارات في الولايات المتحدة بشكل عام، علماً بأن البنك الفدرالي الأمريكي أكد مؤخراً وفي العديد من المناسبات على أن خطط التخفيف الكمي 2 أتت أكلها وأسهمت في نمو الاقتصاد الأمريكي في الربع الأول من العام الجاري وفي الربع الأخير من العام الماضي، كما وأسهمت في تخفيض معدلات البطالة في البلاد.