Investing.com - تراجعت حيازات الصين من سندات الخزانة الأمريكية إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2009، حيث تحتفظ بكين بالمزيد من سنداتها الحكومية الأمريكية عبر حسابات أقل وضوحًا، مع تنويع استثماراتها في أصول بديلة.
لمدة 48 ساعة فقط..اشترك في أفضل خدمة تحليل أسهم وقوائم استثمار بالذكاء الاصطناعي في السوق السعودي والأمريكي..بخصم 50%
أظهرت بيانات وزارة الخزانة الأمريكية الصادرة يوم الثلاثاء أن قيمة السندات السيادية الأمريكية التي يحتفظ بها المستثمرون الصينيون انخفضت بمقدار 57 مليار دولار لتصل إلى 759 مليار دولار في عام 2024. ولا يشمل هذا الرقم السندات التي تمتلكها الصين عبر حسابات في دول أخرى.
ويقول المحللون إن هذا التغيير يعكس جزئيًا رغبة الصين في تنويع احتياطياتها الأجنبية عبر شراء أصول مثل الذهب. لكنهم يشيرون أيضًا إلى أن بكين تسعى إلى إخفاء الحجم الحقيقي لحيازاتها من سندات الخزانة عن طريق تحويلها إلى حسابات لدى جهات حفظ أجنبية مسجلة في دول أخرى.
وقال براد سيتسر، الباحث البارز في مجلس العلاقات الخارجية والمسؤول السابق بوزارة الخزانة الأمريكية: "اتخذت الصين قرارًا في عام 2010 بأن الاحتفاظ بسندات الخزانة الأمريكية يمثل مخاطرة، حيث بدا من غير المناسب بصريًا أن تكون هذه النسبة الكبيرة من ثروة الصين في أيدي منافس جيوسياسي".
وأضاف سيتسر أن الانخفاض في الحيازات الصينية قد يكون مبالغًا فيه بسبب نقل بعض الأصول إلى جهات إيداع أوراق مالية مثل "يوروكلير" في بلجيكا و"كليرستريم" في لوكسمبورغ، مما أدى إلى زيادة الحيازات الرسمية لهذه الدول وفقًا للبيانات الرسمية.
وأشار إلى أنه "أصبح من الصعب بشكل متزايد تتبع ما تفعله الصين وكيف تؤثر تدفقاتها المالية على الأسواق العالمية".
تأثير التغيرات في ملكية السندات على الأسواق
تُراقب التحولات في ملكية سندات الخزانة الأمريكية عن كثب نظرًا لحاجة الحكومة الأمريكية إلى تمويل عجز ميزانيتها الضخم، في وقت يعمل فيه البنك المركزي الأمريكي على تقليل حيازاته من الديون الحكومية.
وتراجعت الحيازات الصينية المُعلنة من سندات الخزانة الأمريكية بنحو 550 مليار دولار منذ أن بلغت ذروتها في عام 2011. في المقابل، زادت حيازات المملكة المتحدة بمقدار 34.2 مليار دولار في 2024، وارتفعت حيازات بلجيكا بمقدار 60.2 مليار دولار، بينما نمت حيازات لوكسمبورغ بمقدار 84 مليار دولار. ولا تزال اليابان أكبر حائز لسندات الخزانة الأمريكية بأكثر من تريليون دولار.
وقال مصدر مطلع على إدارة احتياطيات الصين الأجنبية: "ليست كل سندات الخزانة الأمريكية المملوكة للصين مودعة مباشرة في المؤسسات الأمريكية". وأوضح أن بكين تحتفظ بجزء من أصولها الاحتياطية عبر كيانات مثل "يوروكلير" و"كليرستريم" بغرض تنويع المخاطر.
وأضاف المصدر: "مع ذلك، فإن الاتجاه العام واضح؛ إذ ستواصل الصين خفض حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية بشكل تدريجي مع تنويع أصولها الاحتياطية".
زيادة الاستثمار في الذهب كبديل للسندات الأمريكية
قال مارك سوبل، رئيس الفرع الأمريكي لمنتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية، إن بنك الشعب الصيني زاد من استثماراته في أصول أخرى مثل الذهب، والذي يُنظر إليه تقليديًا على أنه ملاذ آمن في أوقات الاضطرابات الاقتصادية والسوقية.
وارتفع سعر الذهب بنحو 12% منذ بداية العام، مما يعكس تزايد الطلب من قبل كبار المستثمرين. ووفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي، كانت الصين ثالث أكبر مشترٍ للذهب في الربع الأخير من عام 2024، حيث أضافت 15.24 طنًا إلى احتياطياتها.
ومع ذلك، ورغم أن حيازات بنك الشعب الصيني من الذهب زادت بنسبة 13% خلال العامين الماضيين، لا يزال الذهب يمثل جزءًا صغيرًا نسبيًا من إجمالي احتياطيات البنك المركزي.
وأشار سوبل إلى أن تراجع حيازات الصين من سندات الخزانة لا يعني بالضرورة أنها تتخلص بالكامل من الأصول المقومة بالدولار. ويعتقد بعض المحللين أن الصين زادت من استثماراتها في أدوات دين أمريكية أخرى، مثل السندات المدعومة بالوكالات الحكومية الأمريكية. كما أن التقلبات في قيمة السندات قد تلعب دورًا في تغير قيمة الحيازات الصينية.
وقال سوبل: "لا أعرف ما إذا كانت الصين قد خفضت إجمالي حيازاتها من الدولار، لكنها بالتأكيد تستثمر في مجموعة أوسع من الأدوات المالية عبر وسائل مختلفة".
دور المملكة المتحدة وبلجيكا في تدفق الاستثمارات الأجنبية
أوضح المحللون أن الزيادة في الحيازات البريطانية من سندات الخزانة الأمريكية تعود إلى تدفق الأموال من صناديق الثروة السيادية الأجنبية، والعائلات الثرية، وصناديق التحوط عبر لندن، بينما تشهد بلجيكا ديناميكية مماثلة.
وقال آندي برينر، رئيس قسم الدخل الثابت الدولي في "نات أليانس"، إنه "نظرًا لأن العائد على السندات البريطانية (غيلت) أعلى من نظيره على سندات الخزانة الأمريكية، فمن غير المرجح أن يكون المشترون في المملكة المتحدة مستثمرين بريطانيين، بل من المرجح أن تكون الأموال الأجنبية، بما في ذلك أموال الشرق الأوسط، هي المحرك الرئيسي".
وأضاف سيتسر أن صناديق التحوط تحتفظ بسندات الخزانة الأمريكية في المملكة المتحدة كجزء من استراتيجية تُعرف بـ"التجارة الأساسية" (Basis Trade)، وهي استراتيجية ذات رافعة مالية عالية تعتمد على شراء السندات الأمريكية وبيع العقود الآجلة لتحقيق أرباح من الفروق السعرية الصغيرة.
استفد من البيانات الحصرية المتاحة عبر إنفستنغ برو وقيم استثماراتك المختلفة سواء في الأسواق العربية أو العالمية. اشترك الآن من هنا