Investing.com - على مدار سنوات طويلة، وعمال وأصحاب المناجم يبذلون جهود كبيرة من أجل العثور على المعادن الثمينة والفريدة، وبالفعل تم العثور على العديد من المعادن النفيسة والغريبة، إلا أنهم عثروا في الوقت نفسه خلال رحلة البحث على بعض الشوائب الضارة، ومن بينها "الكوبالت" الذي كان غريب بالنسبة للكثير ولم يكن أحد يعلم كيف يمكن استغلاله.
ومع بداية ثورة السيارات الكهربائية، وزيادة إقبال الشركات في هذا المجال على تطوير وتحديث مركبات صديقة للبيئة زاد الطلب على "الكوبالت"، في نفس الوقت الذي فرضت فيه الحكومات قيود لمكافحة التغيرات المناخية الناتجة عن الوقود الأحفوري.
وبحسب تقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست"، فإن شركات صناعة السيارات تستهلك عشرة كيلو جرامات من "الكوبالت" في كل مركبة كهربائية، ولم يعد مصدر هذا المعدن في ألمانيا كما كان، بل أصبح المصدر الرئيسي في الصين، الأمر الذي دفعنا لطرح هذا التساؤل، ماذا لو فرضت الصين سيطرتها الكاملة على "سوق الكوبالت"؟.
يعلم الجميع أن أكثر من نصف احتياطي "الكوبالت" في العالم يوجد في دولة "الكونغو الديمقراطية" وهي دولة تقع في قارة أفريقية تعاني من عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن أربعة أخماس "كبريتات وأكاسيد الكوبالت" التي تستخدم في صناعة أقطاب الكاثود في بطاريات أيونات الليثيوم يتم صناعتها في الصين، وأن شركة "Molybdenum" الصينية تمتلك غالبية إنتاج المعدن في الكونغو، بينما يتم معالجة الـ20% المتبقية في فنلندا.
أعلنت شركة "GEM" الصينية لصناعة البطاريات أنها ستسيطر على ثلث الكوبالت الذي يتم شحنه بواسطة "جلينكور (LON:GLEN)" في الفترة بين عامي 2018 و2020، أي حوالي نصف الإنتاج العالمي لعام 2017، الأمر الذي أثار مخاوف حول سيطرة الصين على إنتاج "الكوبالت" بالكونغو، وأدئ إلى زيادة أسعار "الكوبالت" من متوسط 26.5 ألف دولار للطن عام 2016 إلى أكثر من 90 ألف دولار للطن في عام 2017.
أعرب البعض عن مخاوفهم وشكوكهم في أن الشركات الصينية تسعى إلى فرض حصار على سوق "الكوبالت" من أجل المضاربة والاحتكار، إلا إنها تحاول تنفيذ خططها الطموحة في إنتاج السيارات الكهربائية فقط، والبعض الأخر يرى أن الصين تسعى إلى الاستحواذ على "الكوبالت" في الكونغو من أجل تعطيش السوق عن طريق نقل 95% منه إلى الصين والتحكم في الأسعار.
أعربت عدد من شركات التكنولوجيا باليابان وكوريا الجنوبية عن قلقها من سيطرة الصين على النصيب الأكبر من "الكوبالت"، ومازالت طوكيو تتذكر جيدًا القيود التي فرضتها بكين على صادراتها من المعادن النادرة لشركات يابانية عام 2010.
أما المحللين الاقتصاديين، فيتوقعون فرض القليل من القيود على سوق "الكوبالت" نتيجة احتمالية زيادة إنتاج الكونغو من المعدن خلال السنوات القادمة، إلا أنه في نفس الوقت من المحتمل أن تقل الاستثمارات وذلك لأن الشركات تهتم أكثر باستخراج النحاس والنيكل بجانب تعدين الكوبالت.
ومن المحتمل أن يزيد سعر الكوبالت إلى 107 ألف دولار للطن بحلول عام 2026، نتيجة زيادة الطلب عليه من شركات صناعة السيارات الكهربائية والجوال والمحركات النفاثة، وهذا الانتعاش في الأسعار سيدفع شركات التعدين إلى البحث عن موارد بديلة للكوبالت، وهو ما تقوم به بالفعل بعض الشركات غير الصينية من أجل تأمين احتياجاتها من المعدن على مدار السنوات القادمة.