من حميد شاليزي وروبام جين وجيمس ماكينزي
كابول (رويترز) - اتسم رد فعل المسؤولين الأفغان والشركاء الغربيين للولايات المتحدة يوم الجمعة بعدم الارتياح لتقارير عن أن واشنطن تخطط لسحب أكثر من خمسة آلاف من بين 14 ألفا من جنودها في أفغانستان، بعد تحركات مبدئية لإجراء محادثات سلام.
ورغم أن هناك تقبلا متزايدا في كابول لحقيقة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يطيق صبرا على تحقيق تقدم نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ 17 عاما، فقد جاء تعليق من مسؤول أمريكي بأن ترامب يعتزم سحب ما لا يقل عن خمسة آلاف جندي بالإضافة إلى استقالة وزير الدفاع جيم ماتيس بمثابة مفاجأة.
كان ماتيس يُعتبر على نطاق واسع في أفغانستان على أنه ضامن للدور الأمريكي هناك، وسيثير رحيله حتما مخاوف لدى الكثير من المسؤولين الأفغان.
وجاءت الأنباء بعد اجتماع استمر يومين في أبوظبي بين مبعوث الولايات المتحدة الخاص للسلام زلماي خليل زاد وممثلين من حركة طالبان بحث خلاله الطرفان سحب القوات الأجنبية ووقف إطلاق النار في 2019.
لكن لأن الخطط لا تزال غير مؤكدة ومن المتوقع عقد مزيد من الاجتماعات في السعودية في أوائل يناير كانون الثاني، فليس من الواضح إن كان وقف إطلاق النار وشيكا وإن كانت الأنباء تبشر بتسوية أشمل.
وقال مسؤول رفيع في الحكومة الأفغانية "سيؤثر الانسحاب قطعا على العمليات بوجه عام لكن ينبغي لنا التريث والانتظار لنرى أي الوحدات ستعود لوطنها أولا. من السابق لأوانه قول أي شيء في الوقت الراهن".
وأضاف "استنادا إلى رد فعل طالبان، فقد تطلب الحكومة من القوات تقليص عملياتها".
لكن هارون شاكانسوري المتحدث باسم الرئيس أشرف غني قال إن الانسحاب لن يؤثر على الوضع الأمني بشكل عام لأن دور القوات الأمريكية يتمثل في مساعدة القوات الأفغانية وتقديم المشورة لها.
وللولايات المتحدة نحو 14 ألف جندي في أفغانستان في إطار مهمة حلف شمال الأطلسي المعروفة باسم الدعم الحازم بالإضافة إلى بعثة أمريكية منفصلة لمكافحة الإرهاب تعمل بشكل أساسي ضد جماعات متشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة.
وإلى جانب ذلك يوجد نحو 8000 جندي من 38 دولة أخرى ضمن مهمة الدعم الحازم يقدمون التدريب والدعم للقوات الأفغانية.
وتحارب طالبان للإطاحة بالقوات الأجنبية وهزيمة حكومة كابول المدعومة من الغرب.
وفي ظل سيطرة المتشددين على مساحات كبيرة من البلاد وتكبد القوات الأفغانية المنهكة خسائر في الأرواح تقدر بالآلاف كل شهر فإن حتى انسحابا جزئيا للولايات المتحدة قد يقلص الدافع لدى طالبان في إبرام اتفاق ويقوض استعداد القوات الأفغانية للقتال.
وقال دبلوماسي غربي من إحدى الدول الأعضاء في مهمة الدعم الحازم "كلنا نعرف أن الروح المعنوية للقوات الأفغانية في أدنى مستوياتها فهي تفتقر للعتاد ولا يتقاضى أفرادها أجورا تذكر كما يفتقرون للتنسيق. ندربهم بأفضل الإمكانات المتاحة لنا".
* "لا مشاورات"
سيمثل انسحاب هذا العدد الكبير من القوات تحولا مفاجئا في الاستراتيجية الأمريكية التي أعلنت قبل عام والتي شهدت إرسال آلاف الجنود إلى أفغانستان وتكثيف الضربات الجوية للضغط على طالبان كي تشارك في محادثات.
لكن الدبلوماسيين يتندرون منذ شهور بالحديث عن "التغريدة المسلطة" على رقبة أفغانستان في إشارة إلى المخاوف من أن ترامب قد يعلن فجأة عبر موقع تويتر عن سحب قواته من أفغانستان.
وفي ظل عدم التأكد بعد من التقارير الصادرة من واشنطن، لم يصدر أي تعقيب من مقر المهمة التي يقودها حلف الأطلسي في كابول لكن بدا أن الأنباء أخذت بعض الحلفاء على حين غرة.
وقال دبلوماسي غربي في كابول "الولايات المتحدة لم تتشاور معنا بشأن الانسحاب واليوم سنبدأ اجتماعات لبحث الأمر".
وأضاف "سيستغرق الأمر بعض الوقت وهناك بعض الدول المستعدة للخروج. ومن ثم فإنها (الولايات المتحدة) قد تكون أول من يرحل".
وذكر دبلوماسي بارز آخر في كابول أن الدول التي عليها التزامات عسكرية أو تنموية قد تضع خططها الآن بمعزل عن الاستراتيجية الأمريكية.
وقال الدبلوماسي "كل دولة يتعين عليها أن تجيب على سؤال واحد.. هل ينبغي علينا البقاء في أفغانستان؟"
وقال مسؤول أمني كبير يعمل لدى منظمة دولية إن الأنباء ستهز المسؤولين الأفغان.
وقال "نراقب كيف سيكون رد فعل النخبة وصناع السياسة الأفغان تجاه ذلك... كثيرون أطلعونا على خططهم للانسحاب والآن قد نراهم ينفذونها".
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)