أنهى أعضاء اللجنة الفدرالية المفتوحة اجتماعهم الذي دام ليومين اثنين لمباحثة قرار أسعار الفائدة، حيث أن التوقعات كانت تشير أن أسعار الفائدة ستبقى على ما هي عليه، وهذا ما جاء فعلاً في قرارهم، حيث تلاقى قرارهم مع التوقعات ليبقوا أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير عند مستوياتها المتدنية التاريخية الحالية بين 0.00 – 0.25%، ولكن الجزء الذي كان منتظراً من الفدرالي الأمريكي هو الإعلان عن خطة تحفيزية جديدة لتعزيز النشاطات الاقتصادية الأمريكية، أو لتعزيز مستويات النمو والتي تشهد تباطؤً في الاقتصاد الأمريكي.
وكما كان متوقعاً فقد أعلن البنك الفدرالي الأمريكي عن البدء بإعادة حالة التوازن إلى محفظة حيازته من السندات في صالح السندات طويلة الأجل على حساب السندات قصيرة الأجل، حيث سيقوم البنك الفدرالي الأمريكي بموجب الخطة بشراء سندات طويلة الأجل بقيمة 400 مليار دولار أمريكي وبيع سندات قصيرة الأجل بقيمة 400 مليار دولار أمريكي منذ الآن وحتى نهاية حزيران/يونيو 2012.
وبموجب الخطة فسيقوم البنك الفدرالي الأمريكي بإعادة التوازن إلى "ميزانيته العمومية والتي تبلغ قيمتها 2.8 تريليون دولار أمريكي"، وذلك من خلال ما تحدثنا عنه في الأسطر القليلة الماضية "شراء سندات طويلة الأجل بقيمة 400 مليار دولار أمريكي وبيع سندات قصيرة الأجل بقيمة 400 مليار دولار أمريكي"، في حين أكد الفدرالي على أن خطه هذه ستعمل على تمكينه من الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوياتها المتدنية الحالية.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن البنك الفدرالي الأمريكي أعاد التأكيد على أن أسعار الفائدة الرئيسية في البلاد ستبقى عند مستوياتها التاريخية المتدنية الحالية حتى منتصف العام 2013 م، في حين أكد البنك الفدرالي الأمريكي على أن النمو الاقتصادي لا يزال يسير ضمن وتيرة "بطيئة"، وسط استمرار الضعف في سوق العمل الأمريكي، الأمر الذي لا يزال يعمل على بقاء معدلات البطالة في البلاد عند المستويات الأعلى لها منذ ربع قرن من الزمان، في حين أكد الفدرالي الأمريكي على أن مستويات الإنفاق شهدت ارتفاعاً في الأشهر الماضية بوتيرة "معتدلة".
وقد أكد البنك الفدرالي الأمريكي على أن الضعف سيستمر في سوق العمل خلال الفترة المقبلة، في حين أشار الفدرالي الأمريكي إلى أن الأوضاع في قطاع المنازل الأمريكي لا تزال ضعيفة وتقبع ضمن مستويات مخيبة للآمال، أما في ما يتعلق بالتضخم فقد أكد الفدرالي على أن معدلات التضخم لا تزال ضمن خانة "الاعتدال"، وسط انخفاض أسعار النفط في الآونة الأخيرة، علماً بأن الفدرالي أبقى على توقعات التضخم تحت بند "الاستقرار".
وبالعودة إلى تفاصيل الخطة المعلنة، فقد أكد البنك الفدرالي الأمريكي على أنه سيقوم بشراء سندات خزينة لأجل 6 إلى 30 عام، على أن تكون موزعة كالتالي: 32 بالمئة لسندات استحقاق 6 إلى 8 أعوام، 32 بالمئة أيضاً لسندات استحقاق 8 إلى 10 أعوام، 4 بالمئة لسندات استحقاق 10 إلى 20 عاماً، 29 بالمئة لسندات 20 إلى 30 عاماً، و 3 بالمئة لسندات استحقاق 6 إلى 30 عاماً والمرتبطة بالتضخم.
وفي نفس الوقت عاد البنك الفدرالي ليؤكد مجدداً بأن معدلات التضخم ستبقى تحت السيطرة خلال الفترة القادمة من هذا العام على الأقل، تحت مستويات 2 بالمئة، حيث أن تراجع الأنشطة الاقتصادية في مختلف القطاعات الرئيسية لا تزال تلقي بضغوطاتها على كاهل الأسعار بشكل عام، مما حد من ارتفاع الأسعار بشكل عام، لذا يعتقد البنك الفدرالي أن التضخم سيبقى تحت السيطرة، مشيراً الفدرالي الأمريكي إلى أن التضخم لا تزال مستقرة، إلا أن مخاطر تنازلية لا تزال تحيط بمستقبل الاقتصاد الأمريكي، بحسب البيان المصاحب لقرار الفائدة.
واضعين بعين الاعتبار بأن العقبات لا تزال تقف أمام الاقتصاد الأمريكي وأمام تقدمه، متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني ومعدلات البطالة المرتفعة والتي لا تزال ضمن أعلى مستوياتها منذ حوالي ربع قرن، أي عند 9.1%، هذا بالإضافة إلى ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري.
هذا وقد أكد البنك الفدرالي الأمريكي على أن مستويات النمو ستظهر بعض التحسن خلال الأرباع المقبلة، علماً بأن التصويت اليوم داخل اللجنة الفدرالية المفتوجة للإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير لم يكن بالإجماع على غرار القرار السابق، عندما تعهد الفدرالي بإبقاء أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة بشكل استثنائي حتى منتصف عام 2013 ، حيث عارض القرار الأعضاء الثلاثة: ريتشارد فيشر، نارايانا كوشيرلاكوتا، وتشارلز بلوسر، وذلك للاجتماع الثاني على التوالي.
وبالنهاية نشير بأن مؤشرات الأسهم الأمريكية انخفضت عقب صدور القرار، نظراً لعودة القلق في أوساط المستثمرين حيال الاقتصاد الأمريكي، وبالأخص عقب تأكيد الفدرالي على أن التوقعات تشير إلى استمرار المخاطر السلبية المحيطة بالاقتصاد الأمريكي، حيث انخفض مؤشر داو جونز الصناعي في تمام الساعة 14:58 بتوقيت نيويورك بنسبة 0.90% ليصل إلى مستويات 11305 نقطة، بينما انخفض مؤشر S&P 500 في نفس الوقت بنسبة 1.10 بالمئة، ليصل إلى مستويات 1188 نقطة.
هذا وقد واصل الدولار الأمريكي ارتفاعه أمام العملات الرئيسية عقب القرار، حيث ارتفع مؤشر الدولار والذي يقيس أداء الدولار مقابل ست عملات رئيسية بما فيها اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني، ليتداول حاليا عند مستويات 77.00، منذ افتتاح تداولاته عند مستويات 76.92، أما اليورو فقد انخفض ليصل إلى 1.3665 دولار أمريكي، في حين انخفض الجنيه الاسترليني ليصل إلى 1.5581 دولار، أما أسعار الذهب فقد انخفضت لتصل إلى 1788 دولار أمريكي للأونصة، في حين انخفضت أسعار النفط الخام لتصل إلى 85.50 دولار أمريكي للأونصة.