من دان وليامز
ياشوف تعت (الضفة الغربية) (رويترز) - لطالما استخدمت الكهوف المحيطة بموقع ياشوف تعت الاستيطاني الذي يعني بالعربية "صوت العقل" في التأمل والصلاة وتقول إسرائيل إنها استغلت أيضا كنقطة انطلاق لأسوأ هجوم ينفذه متشددون يهود على فلسطينيين منذ سنوات.
يقول الادعاء إن أميرام بن أوليل (21 عاما) انطلق من ياشوف تعت في ليلة مقمرة من شهر يوليو تموز ليشعل النار في منزل ببلدة دوما مما أسفر عن مقتل الرضيع علي دوابشة ووالديه سعد وريهام.
لكن توجيه الاتهام لبن أوليل يوم الأحد بقتل الرضيع ووالديه قوبل بالرفض والتحدي من أعضاء آخرين في حركة تسمى "شباب التلال" تمثل جيلا جديدا من المستوطنين المتطرفين دينيا الذي ينافس سخطهم تجاه الدولة الإسرائيلية العلمانية عداءهم تجاه العرب.
وقال رفائيل موريس (20 عاما) وهو صديق لبن أوليل من مستوطنة مجاورة "لا أعتقد أن يهودا فعلوها. حتى لو فعلوها يجب أن تبحث عن الأسباب... قوات الشرطة والحكومة (الإسرائيلية) تحاربهم بشتى السبل."
تشير معظم الروايات الى أن عدد أعضاء حركة شباب التلال يقدر بالمئات من الرافضين لما يعتبرونها صهيونية حديثة زائفة.
لكنهم يمثلون تحديا غير هين حتى بالنسبة لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية بينما تحاول جاهدة وقف العنف وسفك الدماء بين الإسرائيليين والفلسطينيين مع غياب محادثات السلام.
يقول مسؤولون أمنيون إن بن أوليل واحد من بضع عشرات من المتشددين بينهم الكثير من المتسربين من التعليم أو المنفصلين عن أسرهم الذين تجنبوا المراقبة بسبب السرية التي تحيط بأنشطتهم وإصرارهم على عدم الإدلاء بأقوالهم في تحقيقات الشرطة.
ويقول منتقدون إن جرائم القتل التي وقعت في دوما ومثلت تصعيدا بعد أعمال التخريب والاعتداءات السابقة التي نسبت الى المتشددين كانت حتمية في ظل عدم اتخاذ إسرائيل إجراءات أمنية واضحة ضد مواطنيها في الضفة الغربية. وتعتبر القوى العالمية أن المستوطنين يعيشون على أراض فلسطينية محتلة.
ويظهر هذا بوضوح في ياشوف تعت وغيره من المواقع الاستيطانية التي أنشأتها حركة شباب التلال في السنوات الأخيرة دون تراخيص من الحكومة. إذ أن ما بدأ كمجموعات من الأكواخ العشوائية تحول في أحيان كثيرة الى صفوف من المنازل المؤقتة أو قرى مزودة بخطوط الكهرباء وبها طرق ممهدة ومحطات حافلات وحراس من الجيش الإسرائيلي.
ويصور سكان هذه المواقع الاستيطانية الموجودة في الأراضي المرتفعة الاستراتيجية على أنها مقدمة للدولة الدينية اليهودية التي يحلمون بها حيث سيطرد غير اليهود لإنهاء سنوات من حديث إسرائيل عن إفساح المجال لإقامة دولة فلسطينية.
وقال موريس "لو لم نكن هنا لأصبح العرب هنا وسيكون من الصعب جدا استعادة ما يحصل عليه العرب الآن."
التجربة والخطأ
يبلغ موريس من العمر عشرين عاما وهو متزوج وأب لطفلين وابن اثنين من المهاجرين البريطانيين. ويقول إنه يعمل خبازا وتم إعفاؤه من الخدمة العسكرية لأسباب دينية. ويقول كثير من المستوطنين ذوي الانتماءات اليمينية المتطرفة إنهم محرومون من الحصول على تراخيص سلاح ويخضعون لمراقبة الشرطة.
لكن حادث الحرق العمد في دوما وما قال جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) إنها بيانات تداولها المشتبه بهم تدعو الى تمرد على الدولة قادت الى الحملة التي يأمل مسؤولون في أن تجتث المتشددين اليهود.
لكن خبراء يرون أن الطريق لتحقيق ذلك سيكون وعرا.
وتواجه قضية دوما مزاعم من محامي الدفاع بأن بن أوليل وكذلك فتى يبلغ من العمر 17 عاما متهم بالتخطيط للهجوم أدليا باعترافات كاذبة تحت التعذيب.
وبينما يدين معظم الإسرائيليين جرائم الكراهية ودافع نتنياهو عن الأساليب التي يتبعها جهاز شين بيت بوصفها مشروعة وضرورية ظهرت شكاوى من حزب البيت اليهودي العضو في ائتلافه الحاكم بشأن التحقيق. وأكد نائب من الحزب أنه لا يوجد ما يسمى بالإرهاب اليهودي.
ووصف تومير بيرسيكو الباحث في شؤون حركة شباب التلال بمعهد شالوم هارتمان في القدس المتشددين بأنهم خلاصة للآراء المتطرفة في دوائر المستوطنين الأوسع الذين يحركهم شعور بالوطنية واكتسبوا قوة نتيجة الاحتكاكات شبه اليومية مع الفلسطينيين.
وقال "يأخذون هذه العناصر وبطريقة أصولية يبرزونها إلى حد أن يعيشوا في مستوطنات غير قانونية في أي مكان يريدونه و(علاقتهم) بالفلسطينيين عنيفة وتصل إلى القتل في بعض الأحيان."
وقالت سارة يائيل هيرشهورن الباحثة في جامعة أوكسفورد إنه بينما لا تتمتع المعتقدات الدينية لشباب التلال بجاذبية كبيرة لكن أصبح هناك متعاطفون معها داخل المجتمع الإسرائيلي.
وصدر يوم الثلاثاء حكم بسجن جندي يعيش في مستوطنة بالضفة الغربية 45 شهرا بعد إدانته بتسريب معلومات لمتشددين يهود عن خطوات أمنية يعتزم الجيش اتخاذها ضدهم.
وقالت هيرشهورن "أجد صعوبة في تصديق أنه لم يكن هناك (في مجتمع المستوطنين) من يعلم بما يحدث في تلك البؤر الموجودة على قمم التلال."
وأضافت "أعتقد أن (السلطات) ستتمكن من إدانة هؤلاء لكن اليمين سيعتبر أنها محاكمة استعراضية كما أن هذه المحاكمات وسيلة لتنظيم هؤلاء الناس."