من دان وليامز
القدس (رويترز) - رفض عشرات من جنود الاحتياط في وحدة التنصت الإلكتروني العليا في إسرائيل التجسس مستقبلا على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال في خطوة تعنيف لم يسبق لها مثيل لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ووقع على رسالة الاحتجاج 43 جنديا من الوحدة 8200 وأرسلوها إلى نتنياهو وكبار قادة الجيش كما نشرت أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارا مقتطفات منها يوم الجمعة. وقال الجيش إن هذه الرسالة حيلة دعائية تقودها أقلية صغيرة بين أفراد الوحدة.
غير أن الخطوة الشاجبة للتنصت على الفلسطينيين ودورها في شن ضربات جوية غالبا ما تسقط قتلى مدنيين فتحت نافذة على ممارسات سرية تظل عادة طي الكتمان.
وتندرج المسألة في جدال عالمي أوسع بشأن أخلاقيات ومعايير التنصت الرسمي إثر التسريبات الإعلامية التي قام بها في العام الماضي إدوارد سنودن المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكية التي تضاهي الوحدة 8200 في إسرائيل.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن الرسالة "نحن نرفض المشاركة في أعمال ضد الفلسطينيين ونرفض الاستمرار في استخدامنا كأداة لتعميق الحكم العسكري في الأراضي المحتلة."
وأضافت الرسالة أن مثل هذه الأعمال "تسمح بمواصلة مراقبة الملايين والرصد الشامل المقتحم واختراق معظم جوانب الحياة. كل هذا لا يتيح العيش عيشة عادية ويؤجج المزيد من العنف ويبعد أي نهاية للصراع."
ولم تنشر الصحيفة أسماء أي من الموقعين على الرسالة في مراعاة على ما يبدو لالتزام عدم الافصاح عن الانتماء للوحدة 8200 التي تراقب الدول العربية المعادية وإيران بالاضافة إلى الفلسطينيين.
وأجرت الصحيفة وإذاعة الجيش الإسرائيلي مقابلات مع عدد من الموقعين دون الكشف عن أسمائهم واشتكوا مما وصفوه بجمع معلومات تنتهك خصوصية الفلسطينيين مثل ميولهم الجنسية أو مشاكلهم الصحية التي "يمكن استغلالها لتجنيدهم كعملاء."
وتحتاج السلطات الإسرائيلية إلى إذن من المحكمة لتتمكن من التنصت على مواطنيها بمن فيهم الأقلية العربية التي تشكل 20 في المئة من السكان لكن العملية تصبح أسهل عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين.
ولم يعلق مكتب نتنياهو على الفور على رسالة الاحتجاج التي أشادت بها الادارة الفلسطينية المدعومة من الولايات المتحدة والتي تنتهج سياسة غير مستقرة تتعلق بالتنسيق مع اسرائيل بشأن أمن الضفة الغربية حتى مع انهيار عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وقال عدنان الضميري المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية إنه إذا كان هناك -بين الإسرائيليين- 43 جنديا يرفضون فكرة الاحتلال فإن قوى الأمن ترى في ذلك عملا اخلاقيا مرحبا بأفكار إنسانية مثل تلك تجاه شعب مضطهد.
وقالت يديعوت إن الرسالة ليست ذات صلة بالحرب الأخيرة على غزة التي قتل فيها نحو 2100 فلسطيني معظمهم من المدنيين ولكن بعض المحتجين أسفوا لإسهامهم في ضربات جوية سابقة استهدفت كوادر في فصائل النشطاء وأصيب فيها أناس أبرياء.
وقال ضابط احتياط برتبة نقيب في الوحدة 8200 لراديو الجيش "ندرك الآن أن المسؤولية ليست فقط مسؤولية الجندي الذي يقف عند حاجز التفتيش.. الجندي الذي يضغط على الزناد... وإنما تقع علينا نحن مسؤولية."
وقال مكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في بيان إن أفراد الوحدة 8200 يلتزمون بالمعايير الأخلاقية "دون منازع سواء في مجال المخابرات في إسرائيل أو في العالم" ولديهم آليات داخلية للابلاغ عن شكاوى سوء السلوك.
وقال المكتب إن كتبة الرسالة تخطوا تلك الآلية مضيفا أن توجههم أولا إلى الإعلام "يطرح شكوكا قوية في جدية مزاعمهم".
وقلل عاموس يدلين -وهو رئيس سابق للاستخبارات العسكرية في عهد نتنياهو- من شأن الرسالة وقال إن 43 من جنود الاحتياط يشكلون "نسبة هامشية" من عدد العاملين في الوحدة 8200.
وقال يدلين الذي يدير حاليا مركز آي.إن.إس.إس للأبحاث في جامعة تل أبيب "انها شعبة كبيرة ومن الطبيعي أن يجنح عدد قليل من أفرادها نحو أقصى اليسار والبعض الآخر نحو أقصى اليمين."
وشهدت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة بيانات مشابهة من عدد صغير من قوات الاحتياط في سلاح الجو وفرقة المشاة الأولى فضلا عن فيلم وثائقي رشح لجائزة الأوسكار وشكك فيه مدراء سابقون لجهاز الأمن الداخلي (شين بت) في إمكانية استمرار الاحتلال.
(إعداد محمد هميمي للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)