الرباط، 8 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): هيمنت عملية الشرطة المغربية بتفكيك مخيم صحراوي في مدينة العيون، والتي قتل فيها العديد من الأشخاص وأصيب عشرات آخرون، على المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو التي انطلقت اليوم لبحث نزاع الصحراء الغربية.
وانطلق ثالث اجتماع غير رسمي برعاية الأمم المتحدة بين المغرب وجبهة البوليساريو اليوم بضواحي نيويورك لاستئناف عملية المفاوضات حول الصحراء الغربية.
ويهدف الاجتماع الذي يشارك فيه أيضا مراقبون من الجزائر وموريتانيا في منطقة مانهاست بضواحي نيويورك حيث اجريت المحادثات السابقة إلى التقدم في أعداد جولة خامسة من المفاوضات التي بدأها الجانبان في عام 2007 ، والمتوقفة منذ نحو عامين.
وأبدى المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتين نيسيركي أسفه لتزامن الاجتماع الذي يمتد ليومين وعُقد استجابة لدعوة المبعوث الخاص للهيئة الدولية للصحراء الغربية كريستوفر روس مع تفكيك مخيم (جديم إزيك) الاحتجاجي الصحرواي بضواحي العيون بالقوة.
يشار إلى أن آلاف الصحراويين يحتجون منذ العاشر من أكتوبر/تشرين أول الماضي في مخيم جديم إزيك، على بعد 18 كلم من العيون، للمطالبة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، والحصول على عمل ومسكن.
وأفاد نيسيركي في مؤتمر صحفي: "من المؤسف للغاية أن هذه العملية والأحداث التي سبقتها تواصل تأثيرها على المناخ الذي تعقد فيه المحادثات".
وأوضح أن المنظمة لديها معلومات متناقضة وسطحية حول دوافع العملية والقوات المستخدمة فيها وعدد الضحايا من الجانبين، مفيدا بان أفراد بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية تحاول جمع كل المعلومات للإلمام بالأبعاد المختلفة للأحداث.
ومن ناحية أخرى، أكد وزير الخارجية الصحراوي محمد ولد السالك اليوم أن المفاوضات مع المغرب "لا يمكن أن تتقدم في ظل أوضاع خطيرة" مثل التي وقعت اليوم في العيون و"تنسف الثقة" بين الأطراف و"تضر بمصداقية" الأمم المتحدة.
وبرغم انه لم يحدد إذا ما كانت جبهة البوليسايو ستنسحب من المفاوضات، فقد أوضح السالك أن الوفد الصحراوي في نيويورك طالب الأمم المتحدة بـ"اتخاذ إجراءات مناسبة" متضمنة إرسال بعثة تحقيق للمنطقة لـ"إلقاء الضوء على الانتهاكات المرتكبة من قبل المغرب".
وأوضح الوزير الصحراوي في تصريحات لوسائل الإعلام الدولية بالعاصمة الجزائرية أن وفد البوليساريو في نيويورك "يتابع بعناية كبيرة الأحداث الدموية في أراضي الصحراء الغربية المحتلة".
وأفاد بان الوفد ابلغ المبعوث الخاص للأمم المتحدة لشئون الصحراء الغربية كريستوفر روس "إدانته الشديدة للمذبحة المرتكبة من قبل المغرب التي تنسف الثقة في المفاوضات وتضر بمصداقية تواجد الأمم المتحدة في الأراضي".
وطالب أيضا الأمم المتحدة بـ"اتخاذ إجراءات مناسبة" متضمنة إرسال بعثة تحقيق للمنطقة لـ"إلقاء الضوء على الانتهاكات المرتكبة من قبل المغرب في ظل غياب المراقبين والصحافة الدولية الممنوعين من التوجه إلى الصحراء الغربية منذ أسابيع".
وذكرت مصادر صحراوية لوكالة (إفي) أن جبهة البوليساريو تنتظر بيان إدانة "حاسم" للأمم المتحدة يستجيب لمطالبها قبل المضي قدما في المفاوضات مع المغرب.
ومن جانبها، طالبت وزيرة الخارجية الإسبانية ترينيداد خيمينيث اليوم مجلس الأمن الدولي بالتدخل في الأزمة الناجمة عن تفكيك المخيم الصحراوي بالقوة من أجل خفض حدة التوتر وتشجيع الحوار بين المغرب وجبهة البوليساريو.
وأوضحت خيمينيث في مؤتمر صحفي عقدته مع نظيرها البوليفي دابيد تشوكيوانكا أثناء زيارتها إلى لاباز أن تفكيك الشرطة المغربية للمخيم الاحتجاجي يمثل قضية "ذات أهمية دولية" لا يتعين على الحكومة الإسبانية بحثها بشكل ثنائي مع الرباط.
وأفادت بأنه يتعين على مجلس الأمن الذي تتولى بريطانيا رئاسته الدورية التدخل في أقرب وقت ممكن عقب الإلمام بالأبعاد المختلفة لما حدث في العيون.
وأشارت إلى إمكانية الاستدعاء الفوري للمبعوث الخاص للأمم المتحدة كريستوفر روس من أجل اتخاذ إجراءات لخفض التوتر في المنطقة.
ودعت الوزيرة المغرب وجبهة البوليساريو لاستئناف الحوار بشكل "عاجل" بهدف حل النزاع في المستعمرة الإسبانية السابقة.
ووقعت اشتباكات بين مئات المواطنين الصحراويين اليوم مع قوات الأمن المغربية في شوارع العيون وسط موجة عنف اندلعت عقب تفكيك المخيم بالقوة.
وأعلنت الحكومة المغربية اليوم أن ثلاثة من عناصر قواتها الأمنية لقوا مصرعهم خلال عملية تفكيك المخيم في مواجهات أسفرت أيضا عن إصابة ما لا يقل عن 70 شخصا، نافية سقوط قتلى مدنيين أثناء المواجهات.
ومن جانبها، أكدت مصادر صحراوية ارتفاع عدد القتلى وان بينهم مدني على الأقل.
يذكر أن النزاع في الصحراء يعود إلى عام 1975 عندما انسحبت القوات الإسبانية منها، وقام المغرب بعدها بضمها على الرغم من معارضة جبهة البوليساريو التي تطالب بحق تقرير المصير عن طريق إجراء استفتاء شعبي، في الوقت الذي تتمسك فيه الرباط بخطة للحكم الذاتي في إطار سيادتها.(إفي)