ولا بد لنا من الإشارة إلى أن موضوع "الجرف المالي" يشكل الهاجس الأكبر لدى الأسواق المالية في الوقت الجاري، وسط تحذيرات من كون "الجرف المالي" سيدخل الاقتصاد الأمريكي في حالة من الركود مجدداً، وللتوضيح: "الجرف المالي هو عبارة عن رفع تلقائي للضرائب، يتزامن مع تخفيض الإنفاق الحكومي".
هذا وتتأمل الأوساط الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية، بل وحول العالم بأسره، أن يتوصل الكونغرس الأمريكي بجناحيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ، إلى اتفاق حول الموازنة العامة قبيل نهاية العام الجاري، مما يجنب البلاد الدخول في حالة من الركود مطلع العام المقبل 2013.
ولا تبدو تلك المهمة سهلة أبداً، وبالأخص في ظل استمرار هيمنة الجمهوريين على مجلس النواب الأمريكي، وسيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ، الأمر الذي قد يظهر خلافات حول الموازنة، وبالتالي توجه البلاد نحو "الجرف المالي"، والذي سيدخل البلاد في حالة من الركود كما أسلفنا، نظراً لكونه سيقود تراجع أداء الاقتصاد بالتأكيد.
وتبرز لنا تلك المشكلة عقب إعلان البنك الفدرالي الأمريكي عن إحياء بعض الخطط التحفيزية لدعم الاقتصاد أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، والتي تمثلت في إقرار العمل بجولة ثالثة من التخفيف الكمي (التيسير الكمي)، أو شراء السندات المدعومة بالرهونات العقارية، الأمر الذي يزيد من المعروض النقدي في الأوساق المالية، وبالتالي يشكل محفزاً للنمو في الاقتصاد.
وللتذكير، فإن البنك الفدرالي أقرّ العمل بجولة ثالثة من التخفيف الكمي بواقع 40 مليار دولار أمريكي شهرياً، علماً بأن البنك الفدرالي لم يحدد موعداً لانقضاء العمل بتلك الجولة، إلّا أنه ربط انتهائها بتحسن سوق العمل في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويواصل البنك الفدرالي الأمريكي العمل ببعض البرامج التحفيزية الأخرى، كبرنامج "Operation Twist"، والقاضب بإعادة التوازن لمحفظة حيازة البنك الفدرالي الأمريكي من السندات في صالح السندات طويلة الأجل، علماً بأن البنك الفدرالي الأمريكي قرر إنهاء العمل بهذا البرنامج في شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل.
هذا ومن المنتظر أن يفصح الاقتصاد الأمريكي في وقت لاحق اليوم الثلاثاء عن تقرير الموازنة الشهري، والخاص بشهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتشير التوقعات إلى أن التقرير سيؤكد على توسع عجز الموازنة خلال فترة إعداد التقرير إلى 113.0 مليار دولار أمريكي، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت عجزاً بمقدار 98.5 مليار دولار أمريكي.
وفي ظل حالة التخوف التي تعتلي سماء الأسواق المالية حيال الجرف المالي الأمريكي وأزمة الديون الأوروبية، فقد انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية في تعاملاتها الآجلة قبيل افتتاح جلسة تداولات الولايات المتحدة الأمريكية، حيث انخفض مؤشر الداو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة بنسبة 0.6 بالمئة ليستقر عند مستويات 12699 نقطة.
بينما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في تعاملاته الآجلة بنسبة 0.8 بالمئة ليصل إلى مستويات 1367.80 نقطة، في حين انخفض مؤشر ناسداك المجمع في تعاملاته الآجلة أيضاً بنسبة 0.7 بالمئة، ليصل إلى مستويات 2563.00 نقطة (البيانات مسجلة في تمام الساعة 06:28 صباحاً بتوقيت نيويورك).