من طارق عمارة
تونس (رويترز) - كان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الذي غيبه الموت يوم الخميس عن 92 عاما واحدا من أكبر زعماء العالم سنا وشارك في حكم تونس في مناصب عليا في كل مراحل البلاد منذ استقلالها ليقود مرحلة الانتقال الديمقراطي في تونس.
ولد السبسي عام 1926 في ضاحية سيدي بوسعيد بتونس. وعمل محاميا قبل أن ينخرط في العمل السياسي ويتدرج في مناصب عدة تولى خلالها حقيبة الخارجية في عهد أول رئيس لتونس الحبيب بورقيبة ومنصب رئيس البرلمان في عهد الرئيس المعزول زين العابدين بن علي.
وبعد الإطاحة بالرئيس بن علي في عام 2011، عاد السبسي للواجهة وأصبح لاعبا رئيسيا في الساحة التونسية ليكلف بقيادة حكومة في 2011. وعُرف بأنه يريد عودة الدولة القوية بعد سنوات من الاضطرابات والإضرابات التي شلت الاقتصاد التونسي.
وفي 2012 أسس السبسي حزب نداء تونس عقب فوز النهضة الإسلامية بالانتخابات في 2011 بهدف ما قال إنه إحداث للتوازن في البلاد.
ومنذ 2012 أصبح السبسي الشخصية الأبرز في الساحة السياسية حين كانت البلاد على حافة الدخول في حرب أهلية بين المعسكر الإسلامي والعلماني في تونس خصوصا عقب اغتيال زعيمين من المعارضة هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
لكن السبسي توصل لاتفاق مع زعيم النهضة راشد الغنوشي لتكوين حكومة كفاءات تصل بالبلاد للانتخابات وصياغة دستور حداثي.
الاتفاق الذي جنب تونس حربا أهلية قاد أيضا البلاد لنيل جائزة نوبل للسلام في 2015 بعد أن أدارت منظمات من بينها اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة ونقابة المحامين ورابطة حقوق الإنسان حوارا وطنيا بين الفرقاء.
وفي انتخابات 2014 قاد السبسي حزبه للفوز في الانتخابات البرلمانية وأصبح أيضا أول رئيس منتخب بشكل مباشر بعد الثورة.
وعلى الرغم من فوز حزبه كون السبسي حكومة ائتلاف بمشاركة النهضة بعد اتفاق مع زعيم النهضة راشد الغنوشي متراجعا بذلك عن مقولة شهيرة له أثناء حملته الانتخابية "النهضة والنداء خطان متوازيان لا يلتقيان".
ولئن حقق السبسي جل أحلامه السياسية بالوصول لكل المناصب في الدولة منذ استقلالها وحتى بعد ثورة 2011، فإن الحلم الوحيد الذي لم يحققه حتى رحيله هو إقرار قانون يقر المساواة في الإرث بين النساء والرجال. وتلاقي مبادرته -التي ما زالت في رفوف البرلمان- رفضا من الشق المحافظ في تونس.
السبسي واجه في السنوات الأخيرة انتقادات واسعة تتهمه بالسعي لتوريث ابنه حافظ قائد السبسي. لكنه كان ينفي ذلك ويقول إن من حق ابنه ممارسة السياسة ولا يمكن إقصاؤه.
(تحرير نادية الجويلي)