من فيل ستوارت ووارن ستروبل
واشنطن (رويترز) - على الرغم من الصراع الشرس بين الولايات المتحدة وايران بسبب العراق خلال سنوات الاحتلال الأمريكي إلا أنهما اتجهتا فجأة فيما يبدو للعمل معا بينما تواجهان ما تعتبرانه عدوا مشتركا ألا وهو تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد.
وتعتبر الضربات الجوية التي نفذتها إيران داخل العراق في الأيام القليلة الماضية أحدث مظاهر الدور الأقوى الذي تلعبه طهران في حرب بغداد ضد المتشددين. وفي عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن كانت التحركات من هذا النوع ستواجه بالتنديد باعتبارها تدخلا.
لكن ليس الآن.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الأربعاء "أعتقد أنه إذا كانت ايران تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية في أماكن معينة ويقتصر دورها على استهداف تنظيم الدولة الإسلامية وهو أمر مؤثر وسيكون مؤثرا... فإن المحصلة النهائية إيجابية."
هذا التغيير في لهجة الولايات المتحدة جدير بالملاحظة في العلاقة التي اتسمت بالعداء الشديد منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
يأتي هذا في خضم الاتصالات المكثفة بين الولايات المتحدة وايران منذ سنوات بينما تحاول واشنطن والقوى العالمية الأخرى إقناع طهران بالحد من أنشطة برنامجها النووي الذي تشتبه أن له أبعادا عسكرية.
كما يأتي بينما تستعد واشنطن وطهران لصراع طويل في العراق. ويذهب مسؤولون أمريكيون الى ما هو أبعد من قبول الضربات الجوية الإيرانية ويشيدون بطهران لما يقولون إنه دور مهم في المساعدة في وقف تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في يونيو حزيران من خلال تعبئة الميليشيات الشيعية العراقية بعد أن سيطر التنظيم على مدينة الموصل وأصبحت بغداد مهددة.
يختلف هذا كليا عما كان يحدث في ذروة الاحتلال الأمريكي للعراق حين اتهم مسؤولون أمريكيون تلك الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران بأنها تقتل وتصيب القوات الأمريكية.
ولايزال الكثير من الغموض يحيط بالضربات الجوية الإيرانية.ولم يؤكد كيري تنفيذ الضربات وتنفي إيران ضرب أهداف في العراق واكتفت بالقول إن طهران لا تقدم سوى استشارات عسكرية للحكومة العراقية في معركتها ضد التنظيم.
لكن عدة مسؤولين أمريكيين أكدوا الضربات الجوية التي نفذت في الأيام القليلة الماضية وتقتصر على منطقة محدودة على ما يبدو في شرق العراق وقالوا إنها الأولى من نوعها.
وقال مصدر من جهاز الأمن القومي الأمريكي طلب عدم نشر اسمه إن الضربات التي نفذتها طائرات من طراز فانتوم إف 4 والتي صنعت في الولايات المتحدة في السبعينات أقلعت من قواعد إيرانية وبدأت قبل أسبوعين تقريبا.
وأحجم الجيش الأمريكي عن إصدار أي حكم على الضربات الجوية الإيرانية واكتفى بالتحذير من إشعال التوتر الطائفي في العراق.
وقال مسؤولون أمريكيون في أحاديث خاصة إن إرسال إيران طائرات حلقت فوق محافظة ديالى العراقية لا يثير قلقا داخل الحكومة الأمريكية. وتمارس إيران نفوذا داخل العراق الذي يقود الشيعة حكومته.
ويشمل هذا النفوذ النشاط العسكري.
قال مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه "نعي هذا جيدا" معترفا بأن من غير الواقعي الاعتقاد بأن ايران ستتخذ موقفا سلبيا من الاضطرابات في العراق.
وقال مسؤول ثان صراحة "هذه ليست مفاجأة... ليس سرا أن إيران كان لها عتاد وموارد وأنشطة عسكرية داخل العراق."
وأشار مسؤول الى أن الولايات المتحدة تعلم جيدا بأمر طائرات التجسس التي كانت تحلق فوق الأراضي العراقية.
كما أن مقاتلي الميليشيات المدعومة من ايران في العراق بين أقوى المقاتلين مرهوبي الجانب هناك.
كانت رويترز قد نشرت فيما سبق تقريرا عن وجود مستشارين عسكريين من فيلق القدس داخل العراق. وفيلق القدس هو جناح الحرس الثوري الايراني المسؤول عن العمليات خارج ايران والذي يشرف على الميليشيات العراقية.
ويثير تزامن الأنشطة العسكرية الأمريكية مع أنشطة إيرانية مماثلة في العراق عددا من التساؤلات فيما تتجه الولايات المتحدة لزيادة أعداد قواتها هناك الى المثلين وتستعد لتكثيف ضرباتها الجوية حين تكون القوات العراقية جاهزة لشن حملة كبيرة على تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن مسؤولين يشيرون الى أن المواقع التي تمارس فيها ايران أنشطتها تختلف عن تلك التي تنفذ فيها الولايات المتحدة ضرباتها الجوية او يتواجد بها مستشارون عسكريون.
وقال مسؤول أمريكي "لا ننسق مع الجيش الإيراني قبل او اثناء او بعد أنشطته العسكرية."
(إعداد دينا عادل للنشرة العربية- تحرير أحمد حسن)