من أندرياس رينكه سوديب كار-جوبتا
برلين/باريس (رويترز) - أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بفرض إجراءات العزل العام في دولتيهما من جديد يوم الأربعاء مع اجتياح موجة شديدة أخرى من تفشي فيروس كورونا المستجد أوروبا قبل الشتاء.
وتراجعت أسواق الأسهم العالمية بشدة بفعل أنباء فرض أكبر اقتصادين في أوروبا لقيود على مستوى البلاد تقارب في صرامتها الإجراءات التي دفعت الاقتصاد العالمي إلى أسوأ ركود يشهده منذ عقود.
وقال الرئيس الفرنسي ماكرون في خطاب بثه التلفزيون "الفيروس ينتشر بسرعة لم تتوقعها أكثر التقديرات تشاؤما... ومثل كل دول الجوار.. التسارع المفاجئ أربكنا".
وأضاف "جميعنا في الموقف ذاته: تجتاحنا موجة ثانية نعلم أنها ستكون أصعب وأكثر فتكا من الأولى".
وبموجب الإجراءات الجديدة التي تدخل حيز التنفيذ اعتبارا من يوم الجمعة، ستطلب السلطات الفرنسية من المواطنين البقاء في منازلهم وعدم الخروج إلا لشراء احتياجاتهم الضرورية أو تلقي العلاج أو لممارسة التدريبات البدنية لمدة ساعة واحدة يوميا. وسيُسمح للموظفين بالذهاب لمقر العمل إذا قرر مديروهم استحالة عملهم من المنزل، لكن المدارس ستبقى مفتوحة.
أما في ألمانيا، فقد قررت السلطات إغلاق الحانات والمطاعم والمسارح اعتبارا من الثاني وحتى الثلاثين من نوفمبر تشرين الثاني بموجب إجراءات اتفقت عليها ميركل مع رؤساء وزراء الولايات. وسيُسمح للمدارس بمواصلة العملية التعليمية والمتاجر بالعمل بقيود مشددة.
وقالت ميركل "ينبغي لنا التحرك الآن... نظامنا الصحي لا يزال بمقدوره مواجهة هذا التحدي اليوم.. لكن بهذه الوتيرة السريعة من العدوى سنصل لطاقته الاستيعابية القصوى خلال أسابيع".
وتشهد فرنسا تسجيل أكثر من 36 ألف إصابة يوميا وبدأت ألمانيا التي كانت أقل تضررا من دول أوروبية أخرى هذا العام في تسجيل زيادة متسارعة لحالات العدوى.
وفي الولايات المتحدة تسجل موجة التفشي الجديدة أرقاما قياسية للإصابات قبل ستة أيام من موعد الانتخابات الرئاسية.
وأغلقت أسواق الأسهم الأوروبية عند أدنى مستوياتها منذ أواخر مايو أيار يوم الأربعاء. وفي الولايات المتحدة، انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة ثلاثة في المئة.
وفي محاولة لتخفيف الأثر الاقتصادي، ستخصص ألمانيا ما يصل إلى عشرة مليارات يورو (12 مليار دولار) لتعويض الشركات جزئيا عن مبيعات ضاعت عليها بسبب الإغلاق. وخصصت إيطاليا أكثر من خمسة مليارات يورو.
وفي الوقت الذي حاول فيه زعماء أوروبا باستماتة تجنب التكلفة الباهظة لعمليات الإغلاق، فإن الإجراءات الجديدة تعكس قلقا متزايدا من الوتيرة المتسارعة لتفشي الوباء من إسبانيا وفرنسا وألمانيا إلى روسيا وبولندا وبلغاريا.
وقال وزير الصحة الألماني ينس سبان، الذي استقبلت بلاده بالفعل مرضى من جارتها هولندا، حيث وصلت المستشفيات إلى أقصى طاقتها الاستيعابية "إذا انتظرنا حتى تمتلئ وحدات العناية المركزة عن آخرها، فسيكون الأوان قد فات".
وحذر رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس النواب من أن وحدات العناية المركزة في فرنسا ستصل إلى أقصى طاقتها الاستيعابية بحلول 11 نوفمبر تشرين الثاني إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء للحد من انتشار الوباء الذي أصاب أكثر من 42 مليون وقتل أكثر من 1.1 مليون في جميع أنحاء العالم. وحذر مسؤولون سويسريون من أن المستشفيات السويسرية قد تصل إلى نقطة الانهيار خلال أيام.
* آمال اللقاح تتبدد
أظهرت أحدث الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء أن أوروبا سجلت 1.3 مليون حالة جديدة في الأيام السبعة الماضية، أي ما يقرب من نصف عدد الحالات التي سجلت في جميع أنحاء العالم وكان عددها 2.9 مليون، بالإضافة إلى أكثر من 11700 حالة وفاة، بزيادة 37 في المئة عن الأسبوع السابق.
وتلقت الآمال في أن العلاجات الجديدة قد تحد من الانتشار ضربة قوية عندما حذر رئيس فريق العمل البريطاني لشراء اللقاح من أن لقاحا فعالا قد لا يتم تطويره أبدا وأن النسخ المبكرة من المحتمل أن تكون معيوبة.
وبينما تظهر الدراسات الاستقصائية في العديد من البلدان أن عددا من الدول تريد ضوابط صارمة لوقف انتشار المرض، إلا أن أجواء الدعم العام للحكومات الذي شهدته الموجة الأولى من الوباء لم تعد موجودة بشكل كبير.
وتعرضت الحكومات في أنحاء أوروبا لانتقادات شديدة بسبب الافتقار للتنسيق وفشلها في استغلال تراجع الحالات خلال الصيف لتعزيز الدفاعات، مما ترك المستشفيات غير مستعدة وأجبر الناس على استخدام وسائل النقل العام المزدحمة للوصول إلى العمل.
وشهدت إيطاليا اشتباكات متكررة بين الشرطة والمتظاهرين في مدن من نابولي إلى تورينو بالإضافة إلى انتقادات مريرة من أصحاب المطاعم ومجموعات الأعمال.
(إعداد ليليان وجدي وسلمى نجم للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي )