بقلم/ ستيفن جاندل، وبرايان شاباتا، كاتبا مقالات رأى لدى «بلومبرج» ويغطيان أسواق الأسهم والسندات.
وعد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأسواق يوم الخميس الماضى بأن رقم نمو الناتج المحلى الإجمالى للربع الثانى سيفوق الخيال.
وبدلا من ذلك، جاء الرقم ضمن توقعات الجميع، وهو ما قد يسبب مشكلة.
وأعلنت وزارة التجارة الامريكية صباح الجمعة الماضي، أن الناتج المحلى الإجمالى ارتفع فى الربع الثانى على أساس سنوى بنسبة 4.1%، أى أقل قليلا من التوقعات بـ4.2%.
والمشكلة الأكبر المتعلقة بهذا الرقم أنه يشير إلى أن اداء الاقتصاد أسوأ بكثير مما توقعه المستثمرون فى الأسهم والسندات.
وارتفعت الأسهم بعد الانتخابات مباشرة، ثم عاودت الصعود مؤخرا مع بدء رفع أسعار الفائدة، وربما يعود ذلك إلى افتراض أن ترامب سيحدث تحول جوهرى فى الاقتصاد من خلال تخفيف التنظيمات وخفض الضرائب.
وهدأت عائدات السندات والأسهم فى الآونة الأخيرة، ولكن صعدت الأسهم إلى مستويات توحى بأن الاقتصاد سينمو بوتيرة أسرع كثيرا مما حدث فى الواقع.
وتعادل القيمة الإجمالية للأسهم الأمريكية حاليا 154% من الناتج المحلى الإجمالى السنوي، أى أعلى من نسبة الـ130% التى عادة كانت تتداول حولها، وهو ما يجعل كثيرين يعتقدون أن الأسهم مقيمة بالكامل، ولكى يعود السوق إلى نسبة 130%، سيتطلب وتيرة نمو أقوى بكثير.
وبينما يعد نمو الناتج المحلى الإجمالى عند 4.1% هو الأفضل فى 4 سنوات، فإنه لم يكن أقوى نمو فصلى منذ الركود، ويبدو أن هذا الرقم معزز من قبل الارتفاع المؤقت فى الصادرات قبيل تطبيق التعريفات المهدِدة، بالإضافة إلى الارتفاع فى الانفاق الحكومي.
ويقول الاقتصاديون إن كلا الأمرين غير مستدامين، ويتوقعون أن ينخفض النمو فى الربع الثالث إلى 2.8%.
وعلى أساس سنوى ارتفع النمو بنسبة 2.8% فقط، ووفقا للتقديرات الحالية، سيبلغ الناتج المحلى الإجمالى لعام 2018 بأكمله2.9%، أى أقل من التوقعات بنموه بنسبة الـ3% التى ستوحى نفسيا على الأقل أن الاقتصاد يمر ببعض التحول الجوهري.
وبالنسبة لسوق السندات، لم يفعل رقم الناتج المحلى الإجمالى الكثير لتغيير وجهة النظر السائدة بين المتداولين من حول العالم، وهى أن «الفيدرالي» سيواصل رفع أسعار الفائدة تدريجيا، فى حين ستظل عائدات السندات طويلة الأجل تتداول فى نطاق ضيق بسبب القوى الهيكلية.
واستوى منحنى العائد (أى تقلص الفارق بين العائدات طويلة وقصيرة الأجل) مؤخرا بدعم من البيانات التى تظهر تباطؤ التضخم بقدر أعلى من المتوقع فى الربع الثاني، ويعد مستوى ارتفاع الأسعار عند 2% كافيا لجيروم باول، رئيس الفيدرالي، لكى يواصل مسار رفع أسعار الفائدة، ولكنه غير كاف لرفع عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات فوق 3%، وفوق ذلك، يوجد كثير من الخبراء الذين يقولون أن رقم الناتج المحلى الإجمالى لهذا الربع هو أفضل ما يمكن
تحقيقه، ويتفق سوق السندات مع وجهة النظر تلك بقدر كبير.
وكما أشرنا فى وقت سابق من الشهر الجاري، تشير عقود اليورو للدولار الآجلة إلى أن «الفيدرالى» سيتوقف عن رفع أسعار الفائدة بنهاية 2019، ورغم ان هذه هى الحالة، فإن المتداولين قد استوعبوا بالفعل المزيد من التشديد من الآن وحتى هذا الوقت.
ويسيطر على متداولى السندات فكرة أن نسبة النمو تلك لن تستمر، وبعد أن سحقت بيانات الاستهلاك الشخصى التوقعات، واصبحت بيانات من الماضى الآن، ربما تشير إلى المزيد من التباطؤ المستقبلي، حتى أن مراجعة بيانات الإدخار والتى اظهرت ارتفاعا فى معدل الإدخار على مدار 2016 و2017 تخفى حقيقة أن العمالة لم ترتفع أجورها مؤخرا، ويعتمد الاقتصاد الأمريكى بقوة على الاستهلاك القوي
والشخص الوحيد المقتنع بأن النمو الاقتصادى مستدام هو ترامب، وقال فى تصريحات بعد ظهور بيانات الناتج المحلى الإجمالي: «سنصل إلى أرقام أعلى من تلك بكثير»، وقد تكون هذه انباء مرحب بها فى الأسواق، إلا أنهم لا يتفقون معه حتى الآن.
إعداد: رحمة عبدالعزيز. المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج».