investing.com - قد لا يعيد التاريخ نفسه ولكنه بالتأكيد يتشابه، في الأوقات الأولى لظهور الإنترت وما سمي ب"فقاعة الدوت كوم" لاحظ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ألان جرينسبان، أن المستثمرين كانوا ضحية "الوفرة اللاعقلانية"، وهو نفس ما يتعرض له مستثمري العملات الرقمية في الوقت الحالي.
ويرجع ذلك إلى الخلل الذي يعاني منه سوق التشفير، على سبيل المثال ارتفع سعر البيتكوين في أواخر العام الماضي ليصل إلى ما يقرب من 20.000 دولار وانخفض بعد ذلك ليصل إلى أقل من 7000 دولار. ويمتد الأمر ليصل إلى عمليات طرح العملة "ICO" التي نجحت في جمع 6 مليار دولار في خمس سنوات، وتبلغ القيمة السوقية الإجمالية 260 مليار دولار.
ومثل الكثير من العروض العامة الأولية "IPO"، تم تصميم عمليات طرح العملة لجمع الأموال من المستثمرين، إلا أن الفرق بين الإثنين هو أن المستثمرين في عمليات طرح العملة لا يحصلون على أسهم في الشركة بل رموز الشركة المميزة ليقومون بتداولها في منصات التبادل.
وقد لجأت العديد من الشركات إلى هذه الطريقة لجمع الأموال مثل شركة "فايل كوين" التي جمعت 257 مليون دولار، وتطبيق المراسلة الشهير "تيليغرام" الذي جمع 1.7 مليار دولار منذ شهر مارس الماضي.
وأدت طبيعة السوق، التي لا تتطلب وسطاء، إلى سهولة وصول الشركات إلى المستثمرين وجمع الأموال، ولكن في الوقت الذي تقنن فيه لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية الأسهم، ولجنة تداول العقود الآجلة للسلع تقنن السلع، تفتقر صناعة العملات الرقمية إلى هيئة تنظيمية فعالة في ظل انتشار عمليات الاحتيال والتزوير.
وفي حين بدأ الإطار القانوني للإشراف على عمليات طرح العملة يتبلور ببطء، لا تزال معظم الحكومات غير واثقة في كيفية التعامل مع هذه الصناعة الناشئة، ومن المتوقع أن تخضع الأصول الرقمية للمزيد من القوانين المالية في الولايات المتحدة الأمريكية في ظل جهود لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية لتقنين سوق التشفير وحماية المستثمرين، إذ قامت الجنة برفع العديد من الدعاوي القضائية ضد شركات مثل "تيزوس" التي جمعت 232 مليون دولار العام الماضي بفضل عمليات طرح العملة وتواجه حاليا تهم الاحتيال وانتهاك قوانين الأوراق المالية.
وهناك ثلاثة أنواع من التقنين الخاص بعمليات طرح العملة، فهناك من يحظر هذه العمليات مثل الصين، ومن يسمح بها ولكن في ظل قوانين صارمة مثل الولايات المتحدة، ومن يسمح بها بشكل منفتح وليبرالي مثل سويسرا.
وتتمثل المخاوف في أن الإفراط في القوانين يمكن أن يؤدي إلى تقويض الابتكار، وبالتالي هناك حاجة إلى سن قوانين جديدة مناسبة لسوق التشفير وطبيعته، وتسهل وصول المستثمرين إلى الشركات في هذا المجال.