من أورهان جوشكون وطوان جمركجي وجابرييل تيترو-فابر
أنقرة/موسكو (رويترز) - قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الثلاثاء إن على تركيا وروسيا حل خلافاتهما بشأن الصراع في إدلب السورية "دون غضب" بعد تهديد تصاعد دام في العنف التعاون الهش هناك بين موسكو وأنقرة.
وتساند كل من الدولتين طرفا مختلفا في الحرب السورية الدائرة منذ ما يقرب من تسع سنوات وكذلك في الصراع الليبي الآخذ في الاحتدام لكنهما عملتا معا لاحتواء بعض العنف وأقامتا علاقات دفاعية وثيقة في السنوات الأخيرة.
ويشكل الهجوم الذي شهد يوم الاثنين مقتل ثمانية من أفراد الجيش التركي في هجوم أنحت أنقرة باللوم فيه على القوات السورية المدعومة من روسيا أكبر تحد للعلاقات الروسية التركية منذ اتفاق البلدين في 2018 على تحجيم العمليات القتالية في منطقة إدلب شمال غرب سوريا.
وقال أردوغان للقوات الروسية يوم الاثنين إن عليها "التنحي جانبا" لدى ضرب بلاده لعشرات المواقع انتقاما من الهجوم. ثم نشب خلاف بعد ذلك بين موسكو وأنقرة بشأن ما إذا كانت تركيا قد أبلغت روسيا بإرسال موجات من التعزيزات إلى إدلب.
وأضاف أردوغان على متن طائرة أثناء عودته من أوكرانيا "لا توجد حاجة لخلاف خطير مع روسيا في الوقت الراهن".
وتابع قائلا "بالطبع سنجلس ونناقش كل شيء. لكن دون غضب. لأن من يجلسون في غضب يخرجون بخسائر".
وتساند روسيا الرئيس السوري بشار الأسد في حين تدعم تركيا المعارضة التي كانت ذات يوم تطمح في الإطاحة به.
ويقول محللون إن العلاقة بين الدولتين يمكنها أن تتحمل ذلك الخلاف على الرغم من استمرار المخاطر على الأرض في سوريا. وتخشى أنقرة من احتمال زحف ملايين النازحين نحو تركيا التي تؤوي بالفعل 3.6 مليون لاجئ بسبب الضربات الجوية الروسية وتقدم القوات الحكومية السورية مؤخرا صوب الشمال.
وقال مسؤول أمني تركي إن الاشتباكات بين القوات التركية والقوات الحكومية السورية مستمرة بشكل متقطع حول سراقب التي تبعد 15 كيلومترا شرقي مدينة إدلب.
وقال سنان أولجن وهو دبلوماسي تركي سابق يرأس مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية "الآن نرى بوضوح أكبر حدود التعاون التركي الروسي في سوريا... والسؤال هو هل وصلنا لمستوى مختلف من التصعيد" بالنظر للهجمات على قوات تركية.
* لا "شقاق دائما"
لكن أولجن أضاف "تلك المرحلة لن تؤدي لشقاق دائم بين أنقرة وموسكو. ستجدان سبيلا لتخطي ذلك... لأن الجانبين لا يزالان يعتمدان على بعضهما البعض" لاحتواء الموقف في إدلب.
وقال وزير الخارجية التركي لنظيره الروسي إن عليه أن يكبح جماح القوات السورية وحذر من أن الهجمات الاستفزازية على مواقع مراقبة تركية ستستتبع ردا. وأقيمت تلك المواقع بموجب اتفاق في 2017 مع روسيا وإيران.
وقال مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي للصحفيين "قلت لنظيري سيرجي لافروف أن النظام يشن هجمات استفزازية على مواقعنا للمراقبة حول إدلب، ونحن سنرد إذا استمروا في ذلك وإن عليهم منع النظام عن ذلك في أقرب وقت ممكن".
وتابع "ونحن لا نقبل كذلك التذرع بأن ‘لا يمكننا السيطرة بالكامل على النظام‘ هنا" وأضاف أنه يتعين إحياء الاتفاقات مع روسيا المتعلقة بإدلب.
وقال المسؤول الأمني التركي إن تركيا لا تعتزم سحب قواتها من 12 موقع مراقبة أقامتها في المنطقة رغم أن القوات السورية تطوق بعضا من هذه المواقع الآن. وتقول موسكو إنها قلقة من هجمات يشنها متشددون يسيطرون على إدلب مقر آخر معقل كبير للمعارضة المسلحة في سوريا.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مقابلة مع صحيفة روسياسكايا جازيتا يوم الثلاثاء "لا يمكن لروسيا أن تحل تلك المشكلة بشكل منفرد.. لكن يمكنها أن تواصل محاولة تحقيق التطبيق الكامل والمخلص وغير المشروط للاتفاقات القائمة في إدلب" من كل الأطراف المعنية.
وتابع قائلا "نتحدث مع شركائنا الأتراك عن ذلك".
قال قنسطنطين كوزاشيف البرلماني الروسي البارز إن موسكو قلقة للغاية بشأن الوضع في إدلب ووصفه بأنه "اختبار خطير لقوة الاتفاقات الروسية التركية القائمة" سواء في إدلب أو في شمال شرق سوريا حيث تقوم البلدان بدوريات مشتركة.
واستمر القتال في إدلب في السنوات القليلة الماضية على الرغم من جهود وقف إطلاق النار ومنها ما بذل الشهر الماضي، وأدى تجدد القصف الذي تنفذه القوات السورية المدعومة من روسيا إلى نزوح مئات الألوف من المدنيين.
وقال المتحدث الإقليمي باسم الأمم المتحدة ديفيد سوانسون إن 520 ألف شخص نزحوا منذ بداية ديسمبر كانون الأول. وأضاف أن 280 ألف آخرين يمكن أن ينزحوا من مراكز العمران قرب طريقين سريعين رئيسيين في المنطقة.
(شارك في التغطية دومينيك إيفانز من أنقرة وإريك كنيكت من بيروت- إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير أحمد صبحي خليفة)