صفقة اثنين الإنترنت:خصم يصل إلى 60% InvestingProاحصل على الخصم

"ما رآه سامي يعقوب".. مرثية ثورة في قصة حب يغلفها الخوف

تم النشر 20/09/2019, 09:56
"ما رآه سامي يعقوب".. مرثية ثورة في قصة حب يغلفها الخوف

من أيمن سعد مسلم

القاهرة ‭20‬ (رويترز) - في روايته "ما رآه سامي يعقوب"، يأخذ الروائي المصري عزت القمحاوي القارئ في رحلة يتداخل فيها الماضي مع الحاضر عبر خيوط حكاية غرامية ووقائع تبلغ ذروتها في ميدان التحرير خلال ثورة يناير وبطل مسالم يعيش الحياة كأنها عرض فني قابل للتكرار ثم يفيق على مقتل أبيه وأخيه وينكسر في أثناء تحقيق أمني لم يستخدم فيه المحققون أي شكل من العنف.

يستخدم الكاتب طريقة السرد الدائري التي أتاحت له تقديم نحو سبعين عاما من تاريخ أسرة وتاريخ مصر في نوفيلا (رواية قصيرة) ينتقل بالقارئ فيها من مشاعر الحب والرغبة إلى صحراء التشرنق والخوف.

يبتدئ السرد من نقطة واحدة في الزمن الحاضر.. بطل الرواية سامي يعقوب ينتظر اتصالا من حبيبته كي يتسلل إلى شقتها حيث اتفقا أن يرى بيتها للمرة الأولى في عيد ميلاده. ينشغل بتصوير قطين متحابين في فناء يضم عدة مبان، سيعرف القارئ لاحقا أنه منشأة محظور تصويرها.

من مركز دائرة الحكي في الزمن المضارع ينطلق القمحاوي في مسارات للسرد بين الماضي القريب، حيث عاش مع حبيبته ليلة أمس وسط فرحة الجماهير بنصر في كرة القدم حققه المنتخب الوطني، وبين ماض بعيد نتعرف فيه على طفولة سامي يعقوب، وخلفية عائلته السياسية؛ فالجد كان وزيرا قبل ثورة يوليو تموز ١٩٥٢ واتُهم ظلما في قضية فساد. والأب عاش حياته مناضلا مخلصا لقضية رد شرف أبيه وإلزام السلطات بتمكينه من إقامة عيد ميلاده في ميدان التحرير.

أما الأم فطبيبة ألمانية جاءت في إطار منحة طبية وتعرفت بالأب وتزوجته إعجابا بوفائه لوالده، لكنها لم تحتمل هوسه بالقضية وقررت العودة إلى ألمانيا. وبتخيير الطفلين ذهب معها أخوه يوسف واختار سامي البقاء مع والده.

سامي طفل يتعامل مع كل حدث وكأنه سيحدث مرة أخرى. في شخصيته لمسة سحرية وسلام داخلي. لم يستيقظ ويبدأ في التفريق بين الحياة والعرض الفني إلا بصدمتي موت أبيه في المعتقل ومقتل شقيقه في ميدان التحرير.

تجري الأحدث في حيين يطلان على مجرى النيل بالقاهرة هما جاردن سيتي، حي الأرستقراطية القديمة الذي ينتشر فيه الهدهد والوروار، وإمبابة، الحي الشعبي العشوائي الذي "لا تغامر العصافير بدخوله".

ينتقل الكاتب بين استخدام الرمز خاصة عند تناول السياسة التي تخيم بظلال كثيفة على الرواية وبين التعبير المباشر بلغة واضحة عندما يتحدث عن موضوعات غرائزية كلقائه المزمع مع حبيبته والتلصص على قطين خلال لحظات حميمية تحت شجرة داخل فناء المبنى الجميل الغامض.

العنوان "ما رآه سامي يعقوب" يشي بأن ما يحويه الكتاب بين غلافيه يشبه مجموعة من الأحلام أو ذكريات رجل غير مكتمل الوعي في ظل ضبابية المشهد في سنوات الاضطراب التي عاشتها مصر منذ بداية العقد الحالي.

ومن موقع القطين تحت الشجرة ومن نقطة المراقبة التي اتخذها لنفسه في مشهد يبدو عبثيا، يملك الكاتب القدرة على بناء رواية شديدة الحبكة قوية البناء والفكرة. يعطي لعدسة هاتفه مجالا للرؤية في زوايا مشهد عناق القطين بينما تتجه ذاكرته عبر زوايا حياته وحيوات كثيرين، ومنهم حبيبته فريدة الأرملة التي تعيش في امبابة والتي تعرف عليها عندما كانت بحاجة إلى المساعدة في استخلاص وثائق زوجها الراحل.

يظل يوسف، أخو سامي، في معظم الرواية مجرد "ظل أخ"، تقف العلاقة بينهما عند حد تطمين كل منهما للآخر بأنه على ما يرام. لكن عندما تتسارع وتيرة الأحداث في القاهرة يهرع يوسف عائدا ليطمئن على أخيه ويحاول إقناعه بالسفر معه بينما يجد سامي في الأمر فرصة لإغواء شقيقه على البقاء في مصر.

وعندما يسمع سامي بأحداث ميدان التحرير في خضم ثورة يناير يهرول إلى الميدان ويجري وراءه يوسف. يتفرقان.. ليكتشف سامي في الصباح مقتل يوسف برصاصة قناص.

قبل اندلاع الثورة بثلاث سنوات كان الأب قد مات بعد أن حصل على حكم بتبرئة ساحة الجد وتكليف الداخلية بحماية احتفالية لرد شرف الوزير السابق تقام في ميدان التحرير.

لكن الأب الذي أفنى عمره وسط غلالة من دخان الماضي والسعي بين أروقة المحاكم لم يتمكن من الاحتفال. جاء "زوار أشداء" واصطحبوه في رحلة لم يعد منها إلا جثة في ثلاجة.

وعلى النقيض من القطط التي ترمز في الرواية للؤم والشراسة، تعلو شجرة البونسيانا الصابرة في دلالة عكسية، تتحمل في طفولتها آلام التقليم، وفي ريعانها بلطة القاطعين.

ومع تواتر الأحداث يجد سامي نفسه وقد فقد رغباته بقوتها وجنوحها.. يجعل هاتفه في وضع الصمت حتى لا يسمع رنين الهاتف التي ينتظرها من فريدة.. أصبح مجرد "دودة تنسج شرنقة حول نفسها ولا تعود صالحة لشيء".

ويترك الكاتب قارئه حائرا في البحث عن إجابات لأسئلة عديدة.. لماذا مات الأب بهذه الطريقة؟ وهل كان ينبغي أن يموت يوسف برصاصة في الرأس وهو الذي قال "لقد جئنا إلى هنا من أجل أن نعيش"؟ ولماذا لا يستطيع الإنسان أن يعيش مع من يحب؟ هل الحياة لا يمكن أن تستجيب لأمنيات كل هذا العدد الهائل من البشر؟

تقع الرواية في 140 صفحة من القطع المتوسط وكاتبها حاصل على جائزة نجيب محفوظ للإبداع عام 2012 ووصلت روايته "يكفي أننا معا" للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد عام 2017.

(تحرير أمل أبو السعود) OLMEENT Reuters Arabic Online Report Entertainment News 20190920T065526+0000

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.