احصل على خصم 40%
👀 اكتشف كيف ينتقي وارين بافيت أسهم رابحة تتفوق على إس آند بي 500 بـ 174.3%احصل على 40% خصم

من النول إلى الأجراس.. حِرف لبنانية قديمة تصارع من أجل البقاء

تم النشر 03/07/2022, 18:19
محدث 03/07/2022, 18:24
© Reuters. النساجة اللبنانية هنا فياض تجلس خلف لوحها في منزلها في بشتفين بقضاء الشوف في لبنان يوم 22 يونيو حزيران 2022. تصوير: إميلي ماضي - رويترز

© Reuters. النساجة اللبنانية هنا فياض تجلس خلف لوحها في منزلها في بشتفين بقضاء الشوف في لبنان يوم 22 يونيو حزيران 2022. تصوير: إميلي ماضي - رويترز

من مايا سعد

بيروت (رويترز) - ينمّي عدد قليل من اللبنانيين صناعات حِرفية مُعَرضة للانقراض، وبين النول والأجراس تدق ساعة العودة إلى زمن شهد ازدهارا لصناعات الحرير والفخار والنحاس التي كانت تحظى بتشجيع من الأمراء والملوك.

فما زال للنول مكانه في منزل هنا فياض الحجري بقرية بشتفين، الواقعة عند أعالي جبال الشوف اللبنانية، إذ تغزل على إطاره الخشبي عباءات ارتداها ملوك ورؤساء قبل عشرات السنين.

وتعود هذه الحرفة اليدوية إلى قرون مضت وتوارثتها أجيال والتصقت، ليس بالأجساد فقط، بل أن اسم المهنة أضحى لقبا لعائلات لبنانية كثيرة مثل الحايك والخياط والصباغ.

وانتشرت آلة النول لحياكة الأصواف والسجاد في لبنان مع النهضة التي أحدثها الأمير فخر الدين في صناعة الحرير اللبناني وعززها الأمير بشير الشهابي.

وكان أمراء لبنان يظهرون بالعباءة ويأمرون بصنعها من الحرير في فصل الصيف ومن الصوف الطبيعي في فصل الشتاء. وكانت العباءات كلها تُحاك على النول.

وفي لبنان اليوم ثلاثة أنوال، واحد في بيت شباب في جبل لبنان وآخر في زوق مكايل على الساحل اللبناني وثالث في بشتفين والتي ورثتها عائلة فياض أبا عن جد.

لكن الابنة هنا فياض تخشى اليوم أن تموت هذه الحرفة معها، بما أنها لم تنجب أي أطفال، فيما اختار ابن أخيها الوحيد التوجه نحو مهنة أكثر ربحا من أجل الصمود في وجه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها لبنان.

وأوضحت فياض أن أهلها كانوا يعتمدون في الماضي على هذه الحرف "وإذا انقرضت، لأن أجيالا كثيرة لم تتعلمها، فلن تستمر هذه المهنة، أكيد لا يعود يوجد استمرارية، يعني الذي يموت قديمه، لا يوجد أحد يشتغل من بعده، يعني بتنتهي المصلحة، الحرفة".

وبعد مرور نحو ثلاث سنوات على أسوأ أزمة مالية اقتصادية يشهدها لبنان لا يزال عدد قليل من المواطنين قادرا على شراء عباءات وملابس فياض الملونة والمزخرفة والتي قد تستغرق أحيانا ما يصل إلى أربعة أسابيع حتى تصبح جاهزة.

وتكشف فياض أن العديد من الحرفيين أُجبروا على التخلي عن حرفهم التي كانوا يمارسونها لوقت طويل واختاروا وظائف تدرّ أموالا يستطيعون من خلالها تأمين استمرارية العيش.

وقالت فياض إن "الحرفي لم يأخذ حقه في لبنان، لم يأخذ حقّه، لم يُعطَ ولا أي أولوية مثل بقية الاختصاصات، يعني لا تستحق هذه الحرفة، نحن نزاولها بمجهودنا اليوم من بعد هذه الصعوبات ومن بعد هذه الأحداث التي مرّت في لبنان، كل يوم والثاني يحصل حدث جديد وأشياء سيئة تمنع بعض الحرفيين".

وتشرح فياض أنه "بالنسبة لبعض الحرفيين، خلاص، يعني البعض توفي، والبعض الآخر وقّف عمله. إن لم يجد الحرفي أن هذه المهنة تؤمّن له مدخول جيد، لكي يعيش حياة كريمة، أكيد سوف يضطر أن يبحث على مهنة أو حرفة أخرى".

وقد ارتدى زعماء من العالم عباءات هذا المشغل في قرية بشتفين وبينهم رئيس كوبا الأسبق فيديل كاسترو، وإمبراطور الحبشة هيلا سيلاسي، وأول رائدة فضاء سوفيتية، فالنتينا تريشكوفا، والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان الذي أهداه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عباءة تذكارية.

ويعود زمن النول إلى الألف الخامس قبل الميلاد، ويتألف من إطار خشبي يشتمل على خيوط ممدودة بالطول تعرف بـ"السداة" وخيوط مستعرضة تتقاطع معها تعرف بـ "اللُّحمة" التي تشتد أطراف خيوطها إلى قطعة خشبية تعرف بـ "الوشيعة" أو المكوك.

وتشعر فياض اليوم بإرهاق كتفيها وركبتيها بسبب العمل على دواسات قدم النول وتمرير المكوك الذي يحتوي الماسورة من جانب إلى جانب النول.

لكنها مع هذا الارهاق تزاول عملها خشية فقدان الصنعة الفريدة.

وعلى عكس فياض فإن نفاع يوسف نفاع واثق من أن حرفته ستستمر لأجيال بعده، وهو بدأ في تعليم أولاده الصغار تقنيات عمله الفني الموروث.

وينتمي نفاع إلى سلالة طويلة من صانعي الأجراس في قرية بيت شباب الجبلية التي تبعد 24 كيلومترا شمال بيروت.

وفي أواخر القرن التاسع عشر كانت هذه المنطقة تؤوي 10 عائلات تعمل في صناعة الأجراس لكن اليوم لم يتبق غير عائلة نفاع.

وقال نفاع إن الأجراس هي "صناعة جميلة جدا وفريدة من نوعها وقليل وجودها في كل العالم، في كل الدنيا… الجرس يدعو الناس إلى الصلاة، يدعو الناس إلى الذهاب إلى الكنيسة، الجرس يخبّر الناس إذا فيه حزن، إذا فيه فرح، إذا فيه أي مشكلة. هذا إنجاز مهم كثير، لهذا السبب أنا رغبت أن أعمل في هذه الصناعة وأواصل عملي فيها، وأن أعلّمها لأولادي وأولاد أولادي".

وقال الحرفي، وهو جالس في ورشة عمله المزدحمة والتي تطفو على قمة تل يطل على قرية جدوده بيت شباب، "هذه الصناعة زُرعت بي، زُرعت في داخلي، لم أتفاجأ بمحبّتها... نشأت معها خطوة بخطوة حتى تعلمتها".

© Reuters. النساجة اللبنانية هنا فياض تجلس خلف لوحها في منزلها في بشتفين بقضاء الشوف في لبنان يوم 22 يونيو حزيران 2022. تصوير: إميلي ماضي - رويترز

ومثل معظم اللبنانيين تأثر الحرفي البالغ 52 عاما بالأزمة الاقتصادية الحادة حيث ارتفعت أسعار المواد الأولية التي يستعين بها من أجل صناعة أجراسه، بما فيها النحاس الأحمر والقصدير. أما الطلب على أجراسه اليوم فقد أصبح نصف ما كان عليه قبل الأزمة، منخفضا من ما بين 30 و40 قطعة سنويا إلى ما بين 10و15 جرسا سنويا.

ومع ذلك لا يعتزم نفاع التخلي عن مهنته العريقة، داعيا جميع الحرفيين اللبنانيين إلى التمسك بصناعاتهم وحرفهم قائلا إن "الحرفيين اللبنانيين في كل لبنان عليهم أن يرجعوا يشتغلوا بأيديهم، يجب أن ينمّوا صناعاتهم وحرفهم… لأن هي كنز، إن كان عند الذي يشتغل بالجرس أو الذي يشتغل بالفخار أو بالزجاج أو بأي حرفة، مصلحته في بيته".

(شاركت في التغطية رجاء بنت طلال - إعداد ليلى بسام للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين)

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.