Investing.com - شهد النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة تحسناً خلال شهر مارس، لكن تصاعد المخاوف بشأن التعريفات الجمركية المفروضة على الواردات وخفض الإنفاق الحكومي بشكل كبير استمر في التأثير على ثقة الأعمال وآفاق النمو لبقية العام.
ووفقاً لمسح أجرته مؤسسة إس آند بي جلوبال (S&P Global) يوم الاثنين، ارتفع مؤشر أسعار المدخلات المدفوعة من قبل الشركات إلى أعلى مستوى له منذ ما يقرب من عامين، مع زيادة التكاليف في كل من قطاعي التصنيع والخدمات. كما أظهرت الشركات تردداً في توظيف المزيد من العمالة.
ورغم التحسن في النشاط، إلا أنه من غير المرجح أن يخفف ذلك المخاوف بشأن تباطؤ النمو وارتفاع التضخم. فقد تراجعت ثقة المستهلكين وسط قلق متزايد بشأن المستقبل.
الذهب وصل إلى 3000 دولار أسرع من المتوقع! هل لا يزال للشراء؟ احصل على تحليل مفصل للفيدرالي، ترامب، وأهم اللاعبين في السوق في ندوتنا عبر الإنترنت.
منذ عودته إلى البيت الأبيض، فرض الرئيس دونالد ترامب (Donald Trump) مجموعة واسعة من التعريفات الجمركية على السلع المستوردة، على أن يتم تنفيذ بعضها الشهر المقبل. كما أطلقت إدارته حملة طموحة لخفض الإنفاق الحكومي بشكل جذري، مما أدى إلى تسريح آلاف الموظفين العموميين، على الرغم من أن بعض عمليات التسريح أُلغيت بأوامر قضائية.
وقال كريس ويليامسون (Chris Williamson)، كبير الاقتصاديين في مؤسسة إس آند بي جلوبال ماركت إنتليجنس (S&P Global Market Intelligence): "لقد تراجعت ثقة الشركات في التوقعات المستقبلية... ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تنامي المخاوف بشأن التأثيرات السلبية لمبادرات السياسة الأخيرة للإدارة الجديدة". وأضاف: "كانت المخاوف الأكثر شيوعاً تتعلق بتأثير تخفيضات الإنفاق الفيدرالي والتعريفات الجمركية".
تحسن مؤشر النشاط الاقتصادي رغم تحديات السوق
ارتفع مؤشر إس آند بي جلوبال المركب للإنتاج في الولايات المتحدة (S&P Global’s flash U.S. Composite PMI Output Index)، الذي يتتبع أداء قطاعي التصنيع والخدمات، إلى 53.5 في مارس مقارنة بـ 51.6 في فبراير. ويشير أي مستوى فوق 50 إلى توسع في القطاع الخاص.
تم إجراء المسح في الفترة بين 12 و21 مارس، حيث جاء التحسن مدفوعاً بقطاع الخدمات، الذي استفاد جزئياً من تحسن الأحوال الجوية. في المقابل، عاد قطاع التصنيع إلى منطقة الانكماش بعد شهرين متتاليين من النمو.
قد يشير هذا التحسن في المؤشر إلى استعادة الاقتصاد لزخمه بعد تباطؤ ملحوظ في منتصف الربع الأول، بسبب العواصف الثلجية وانخفاض درجات الحرارة. ومع ذلك، لا تزال البيانات الاقتصادية الفعلية، مثل مبيعات التجزئة وتقارير التوظيف، تعكس وجود نقاط ضعف في أساس الاقتصاد.
وتُقدَّر نسبة النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول بأقل من 1.5%، مقارنة بمعدل نمو 2.3% خلال الربع الأخير من العام الماضي.
توقعات النمو والتضخم وفقاً للاحتياطي الفيدرالي
خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (Federal Reserve) توقعاته للنمو في عام 2025 إلى 1.7%، مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 2.1% في ديسمبر. كما رفع تقديراته لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (Core PCE) - وهو أحد المقاييس التي يعتمدها الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق هدف التضخم عند 2% - إلى 2.8% لهذا العام، مقارنة بتوقعاته السابقة البالغة 2.5%.
وفي ظل هذه الأوضاع غير المؤكدة، أبقى الفيدرالي على سعر الفائدة الأساسي دون تغيير ضمن نطاق 4.25%-4.50%.
ارتفاع الأسعار وتزايد الضغوط التضخمية
انخفض مؤشر ثقة الأعمال وفقاً لمسح إس آند بي جلوبال إلى ثاني أدنى مستوى له منذ عام 2022.
في الوقت نفسه، ارتفع مؤشر أسعار المدخلات، الذي يقيس التكاليف التي تتحملها الشركات لشراء المواد الخام والموارد الأخرى، إلى 60.9 في مارس، وهو أعلى مستوى منذ أبريل 2023، مقارنة بـ 58.4 في فبراير. وكان قطاع التصنيع هو المحرك الرئيسي لهذا الارتفاع، حيث قفز المؤشر إلى أعلى مستوى منذ أغسطس 2022، مدفوعاً بالتعريفات الجمركية وارتفاع تكاليف العمالة.
وقد قامت الشركات الصناعية بتمرير هذه التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين. أما في قطاع الخدمات، فبينما واجهت الشركات أيضاً تكاليف مرتفعة، فقد كان من الصعب رفع الأسعار بسبب زيادة المنافسة وتباطؤ الطلب.
في هذا السياق، ارتفع مؤشر أسعار المنتجات والخدمات إلى 53.6 من 52.3 في فبراير.
وقال ويليامسون: "لحسن الحظ، لا تزال ضغوط التضخم في قطاع الخدمات تحت السيطرة من منظور الاحتياطي الفيدرالي، لكن هذا يعكس أيضاً حاجة الشركات إلى إبقاء الأسعار منخفضة وسط ضعف الطلب، مما يؤثر سلباً على الأرباح".
ارتفع مؤشر الطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات إلى 53.3 في مارس من 51.9 في فبراير، مما يشير إلى زيادة في الطلب. كما سجل مؤشر التوظيف ارتفاعاً طفيفاً إلى 50.6 مقارنة بـ 49.4 في يناير، لكنه لا يزال قريباً من مستويات الركود.
أداء قطاعي التصنيع والخدمات
انخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي (Manufacturing PMI) إلى 49.8 من 52.7 في فبراير، في حين توقع اقتصاديون استطلعت رويترز (Reuters) آراءهم أن ينخفض إلى 51.7.
على العكس، ارتفع مؤشر مديري المشتريات للخدمات (Services PMI) إلى 54.3 من 51.0 في الشهر الماضي، بينما كان من المتوقع أن يتراجع إلى 50.8.
يُظهر الاقتصاد الأمريكي إشارات متباينة بين التحسن في بعض المؤشرات واستمرار المخاوف بشأن النمو والتضخم. في حين أن قطاع الخدمات استفاد من ظروف مناخية أفضل، لا تزال التحديات قائمة في قطاع التصنيع، مدفوعة بالسياسات التجارية والتضييق المالي. يبقى مدى تأثير هذه العوامل على المدى الطويل مرهوناً بتطورات السياسات الاقتصادية وإجراءات الاحتياطي الفيدرالي في الأشهر المقبلة.
الذهب والدولار الآن
ترتفع العقود الآجلة للذهب الآن بنسبة 0.24% إلى 3055 دولار للأوقية.
فيما تستقر العقود الفورية للذهب عند مستوى 3024 دولار للأوقية.
وعلى الجانب الآخر، ترتفع عقود مؤشر الدولار بنحو 0.24% إلى مستوى 103.99 نقطة.