تعرضت مستويات الأسعار في معظم أنحاء العالم للعديد من الضغوطات بسبب حالة الركود الاقتصادي بعد التراجع الكبير الذي شهدته مستويات الطلب في البلاد، و قد شهدنا ذلك في تراجع أسعار السلع العالمية أيضاً، إلا أننا رأينا في الآونة الأخيرة أن الأسعار عادت لتتلقى الدعم لكن بنسبة قليلة، خاصة أسعار النفط و الغذاء التي ارتفعت بعد ارتفاع مستويات الأسعار التي لاقت الدعم من قبل الخطط التحفيزية التي قامت حكومات البلاد بتبنيها.
صدر اليوم عن الاقتصاد الألماني القراءة التمهيدية لمؤشر أسعار المستهلكين لشهر كانون الثاني، رأينا أن المؤشر قد تراجع بنسبة 0.6% و قد كان بالتالي أسوأ من القراءة السابقة التي ارتفعت بنسبة 0.8% كما كان أسوأ من التوقعات التي أشارت إلى تراجع بنسبة 0.3%، أما على المستوى السنوي فقد جاءت القراءة الفعلية لتسجل ارتفاع بنسبة 0.8% و كانت بالتالي أسوأ من القراءة السابقة التي ارتفعت بنسبة 0.9%، و أسوأ من التوقعات التي أشارت إلى 1.0%.
على الرغم من قيام الحكومات في جميع أنحاء العالم بتخصيص مبالغ من أجل دعم مستويات السيولة في الأسواق، إلا أن بيانات اليوم دلت على أن مستويات الأسعار ما زالت بحاجة للمزيد من الوقت من أجل الخروج بشكل تام من مخاوف انكماشها.
صدرت العديد من البيانات عن ألمانيا في الآونة الأخيرة و التي أظهرت تقدم أداء الاقتصاد، فقد رأينا الاقتصاد الألماني ينمو بنسبة 0.7% خلال الربع الثالث بعد أن نما بنسبة 0.4% خلال الربع الثاني من العام الماضي، و قد ساهم ارتفاع وتيرة النمو في اقتصاد ألمانيا بدعم مستويات النمو في اقتصاد منطقة اليورو ككل لنراه يخرج من الركود الاقتصادي بنسبة نمو بلغت 0.4% خلال الربع الثالث من عام 2009.
على الرغم من وجود المزيد من البيانات الدالة على تقدم الاقتصاد الألماني مثل ارتفاع الصادرات في البلاد، إلا أن قطاع العمالة ما زال يظهر الضعف خاصة و أن مستويات البطالة كانت قد وصلت إلى 8.1% خلال كانون الأول، بجانب الضعف الذي ما زلنا نراه في القطاع المصرفي بجانب وجود حالة من عدم الاستقرار فيه، الأمر الذي يجعلنا نتوقع حاجته للمزيد منن الوقت من اجل التعافي بشكل كامل و الاستقرار على مستويات نموه.
على الرغم من تراجع مستويات الأسعار لقراءة شهر كانون الأول، إلا أننا نستطيع أن نقول أن مستويات الأسعار قد لقيت العديد من الدعم في منطقة اليورو، كما أنها استطاعت الابتعاد عن مخاطر الانكماش، الأمر الذي جاء متماشياً مع التوقعات السابقة للسيد تريشيه. فقد استطاعت مستويات الأسعار في المنطقة أن تخرج من المناطق السالبة خلال شهر تشرين الثاني لتبتعد بالتالي عن مخاطر الانكماش.
لم يكن فقط الارتفاع الذي شهدته أسعار مشتقات الطاقة العالمية هو الداعم لمستويات الأسعار في ألمانيا، فقد كان أيضاً للخطط الداعمة التي تم تبنيها العديد من الآثار الإيجابية، ففي ألمانيا قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميراكل بتخصيص مبلغ 85 بليون يورو من أجل دعم مستويات السيولة في الأسواق، و قد شملت هذه الخطط التحفيزية على التخفيضات الضريبية من أجل دعم البنية التحتية للاقتصاد.
أما بالنسبة لمنطقة اليورو، فبعد أن استطاع اقتصادها أن يخرج من حالة الركود الاقتصادي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، رأينا العديد من البيانات الإيجابية الدالة على تقدم أداء الاقتصاد بشكل عام، و بالتالي فإن التوقعات تشير في الوقت الحالي إلى اقتراب الوقت الذي سيقوم فيه السيد تريشيه بسحب الخطط التحفيزية من الأسواق، إضافة إلى التوقع بقيام المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة المرجعية لتصل إلى 1.5% مع نهاية العام الحالي.
توقع البنك المركزي الأوروبي أن منطقة اليورو ستنمو بمعدلات متوسطة خلال العام الحالي، مع وجود بعض التذبذب خاصة و أن هناك بعض المخاوف المتوجهة نحو العجز الذي تشهده الميزانية العامة في دول الاتحاد الأوروبي، خاصة اليونان التي ما زالت تعاني من عدم استقرار قطاع البنوك فيها، بجانب ارتفاع العجز فيه ليسجل أعلى نسبة في الاتحاد الأوروبي.