اتجاه لتطبيق سياسة التيسير النقدى وسط تباطؤ الاقتصاد
أعلنت الصين مزيجا من التخفيضات الضريبية والإنفاق على البنية التحتية مستشهدة بعدم اليقين حيث إنها تزيد من الجهود الرامية إلى تحفيز الطلب ومواجهة ضعف الاقتصاد.
وجاءت هذه الخطوة التى أعلنت عنها الحكومة فى وقت متأخر أمس الاثنين فى نفس اليوم الذى تم فيه ضخ 74 مليار دولار فى النظام المصرفى من قبل بنك الشعب الصيني، من خلال تسهيلات الإقراض وهى أكبر أداة للحقن النقدى فى البنك المركزى على مدار يوم واحد.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن الإجراءات المالية توفر دليلاً متنامياً على تزايد القلق بين صناع السياسة بشأن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة التى قد تؤدى إلى تفاقم التباطؤ المحلى وستتبع سلسلة من إجراءات التخفيف النقدى فى الأسابيع الأخيرة.
وقام بنك الشعب الصيني، بالفعل بخفض نسبة الاحتياطى المطلوبة لبعض البنوك ثلاث مرات العام الجارى فى محاولة لزيادة المعروض النقدي.
وأشارت الحكومة إلى عدم اليقين الخارجى فى إشارة واضحة إلى الحرب التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة فى الوقت الذى تسعى فيه إلى التقليل من مخاوف السوق من أن الصين تتراجع عن الإصلاح الهيكلى وتعود إلى قواعد لعبها التقليدية الخاصة بالائتمان وسياسة التحفيز.
وقال رئيس مجلس الدولة لى كه تشيانغ، إنه ينبغى الاستمرار فى سياسة عدم إجراء حافز قوى على نمط تدفق السيولة الكبيرة مضيفاً أن الاستجابة إلى عدم اليقين فى البيئة الخارجية والحفاظ على النشاط الاقتصادى ينبغى ان يكون ضمن نطاق معقول.
وتعهد مجلس الوزراء بضمان نمو الائتمان بعد أن أظهرت البيانات لشهر يونيو ارتفاع المعروض من النقد والائتمان بمعدل قياسى منخفض للشهر الرابع على التوالي.
وأشارت الصحيفة إلى انه يتم حث الحكومات المحلية على تسريع صرف العائدات المالية غير المستخدمة وطلبت من المؤسسات المالية ضمان الإقراض الكافى حتى لا تتأخر المشاريع.
وكشفت البيانات أن الناتج المحلى الإجمالى للصين نما بأبطأ وتيرة منذ عام 2016 فى الربع الثانى ويتوقع الاقتصاديون أن يستمر التباطؤ خلال الفترة المتبقية من العام الجارى.
وكشفت الحكومة عن تخفيضات ضريبية لتعزيز استثمارات الشركات فى مجال البحث والتطوير وتسريع إصدار سندات خاصة لتمويل مشروعات البنية التحتية الحكومية المحلية.
وقالت الصحيفة ان الحكومة ستروج لمشاريع ممولة من القطاع الخاص فى مجالات النقل والبترول والغاز والاتصالات.
وقال زيى وى تشانغ، كبير الاقتصاديين الصينيين لدى «دويتشه بنك» فى هونغ كونغ إن التحركات الجديدة من قبل الحكومة تؤكد تغير الموقف من سياسة التشديد إلى سياسة التسهيل النقدي.
وأضاف «لقد حدث تغير فى الموقف النقدى فى الربع الثانى من العام الجارى مع خفض معدل الفائدة وحقن السيولة والخطوة الجديدة ستكون فى السياسة المالية التى ستصبح أكثر توسعًا بشكل متزايد».
وتعمل البلاد على تقديم أموال نقدية للبنوك وإعطاء التعليمات لتعزيز الإقراض مما يزيد من الأدلة على حدوث تحول نحو دعم رسمى أكبر للاقتصاد.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج» أن الهيئة التنظيمية ومؤسسات التأمين طلبت من المؤسسات المالية تنفيذ خطط جدية للمساعدة فى خفض تكاليف التمويل للشركات الصغيرة معتبرة أن المقرضين الكبار يجب أن «يأخذوا زمام المبادرة».
وفى غضون ذلك يخطط بنك الشعب الصيني، لاستخدام تسهيلات الإقراض المتوسطة الأجل لتشجيع القروض المصرفية والاستثمار فى الديون التجارية الأقل تصنيفًا.
وكشفت بيانات الوكالة الأمريكية أن حجم الائتمان الجديد كنسبة مئوية من الناتج المحلى الإجمالى تراجع بالقرب من أدنى مستوى له فى ثلاث سنوات فى يونيو الماضى حيث تتزامن مع الحملة التى تقودها الحكومة للحد من المخاطر المالية مع انخفاض الناتج المحلى الاجمالى الربع الثانى.
ويسعى صانعو السياسة للمشاركة فى جهود متعددة للحفاظ على تدفق الائتمان وهو ما يعنى حدوث تغيير شامل فى موقف السياسة بسبب الحرب التجارية مع الولايات المتحدة التى تلوح فى الأفق.
وقال لو تينج، كبير الاقتصاديين فى الصين فى شركة «نومورا» المحدودة فى هونج كونج «لقد شهدنا مؤشرات قوية تؤكد على أن بكين قد تتحول نحو جولة جديدة من الحوافز لتجنب أزمة الائتمان وتباطؤ النمو الاقتصادي».
وأوضح تشو هاو، كبير الاقتصاديين فى الأسواق الناشئة فى «كوميرزبنك» فى سنغافورة أن أحدث السياسات تشير إلى تحيز من الجانب الصينى نحو سياسة التيسير النقدى مما يزيد من الضغوط على اليوان.
وأضاف ان هذا التحول يساعد على تأكيد أن الاقتصاد الصينى يواجه تباطؤًا وإذا لم يتدخل بنك الشعب الصينى بشدة فسيكون هناك مزيد من الهبوط.
وسجلت الصين الشهر الجارى واحدة من أكبر جولات من التخلف عن سداد ديون الشركات مع تراجع قطاع مناجم الفحم الذى كان قد عزز موجة الائتمان فى البلاد وهو ما دفع صناع السياسة إلى إطلاق حملة لتخفيف الديون.