أصبحت المخاوف من أثر تباطؤ نمو الصين على آسيا حقيقية، وبدأت الشركات الآسيوية والاقتصاديون والحكومات فى التحذير من خطر انخفاض الطلب الصينى على كل شىء، بدءاً من خام الحديد الأسترالى وحتى السيارات الكورية الجنوبية والعطلات الشاطئية التايلاندية.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إنه في الوقت الذي قال فيه بعض من المديرين التنفيذيين، إنهم لايزالوا يرون دلائل على التباطؤ، بدأ الآخرون يشيرون إلى انخفاض فى نتائجهم، فقد أعلنت شركة هيونداى الكورية الجنوبية لصناعة السيارات مؤخراً عن انخفاض أرباحها في الربع الثالث من العام الجاري، ملقية باللوم على ضعف حجم المبيعات في الصين والولايات المتحدة، اللتين تعدان أكبر أسواقها في الخارج.
جاء ذلك بعد يوم من إعلان سول عن إجراءات تحفيزية، بما فى ذلك التخفيضات الضريبية الهادفة لتنشيط النمو وخلق فرص عمل.
وتراجعت صادرات كوريا الجنوبية بنسبة 8% فى سبتمبر الماضى وفقاً للأساس السنوى، لتسجل بذلك أكبر انخفاض لها منذ أكثر من عامين، مما دفع وزير المالية الكوري الجنوبي كيم دونج يون إلى إطلاق تحذيرات حول إمكانية تفاقم التوقعات الاقتصادية للبلاد، نظراً للمخاطر الخارجية المتزايدة.
وفى اليابان، أعربت شركة كانون المتخصصة فى صناعة أجهزة التصوير عن قلقها بشأن التأثير المضاعف الذي قد يحدثه النزاع التجارى الصينى اﻷمريكى على الاقتصاد العالم إذا استمر لفترة أطول، فهو يتسسبب فى تباطؤ النمو الاقتصادى لأكبر اقتصادين في العالم.
وقال توشيزو تاناكا، المدير المالى لشركة كانون، إن الوقت الذىي ستستغرقه الحرب التجارية يعد واحداً من المخاوف، مشيراً إلى أن المسألة الأكثر خطورة في تحول الحرب التجارية لتصبح محفزاً على التباطؤ الاقتصادى، ليس فى الصين والولايات المتحدة فقط، ولكن فى مناطق أخرى في جميع أنحاء العالم.
أما تايوان، فقد حذر المحللون من أن الاقتصاد، الذي يعتمد على تصدير الإلكترونيات عالية التقنيات إلى الصين، معرض بشكل حاد لخطر التعاقد مع أحجام التجارة الإقليمية وتباطؤ الاستهلاك الصينى.
وقالت أيريس بانغ، الخبيرة الاقتصادية لدى شركة “إن.جى.جى” الصينية، إن اﻷجور واﻷمن الوظيفي تتعرض واقعياً إلى الخطر مع تباطؤ قطاع الصناعات، مضيفة أنه على الرغم من حقيقة إمكانة إصابة النمو بالنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى سريعاً، كان هناك افتقار لرد الحكومة.
ومع ذلك، قالت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات، أكبر شركة لتصنيع الرقاقات في العالم وأحد أهم الشركات فى البلاد، للمحللين إن عملاء الشركة الصينيين، الذين يمثلون نحو 10% من مبيعاتها، لم يغيروا سلوكهم فى ظل الخلاف التجارى.
وحسب البنك الدولى، في تقريره الاقتصادى الحديث الخاص بمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، أن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 1% سيؤدي إلى انخفاض النمو الكلى فى دول آسيا والمحيط الهادئ النامية بنسبة 0.5% بعد عامين.
وقال البنك الدولى، إن صدمة النمو في الصين ستتسبب في خفض وارداتها من السلع، التى تشكل حصة كبيرة من الصادرات القادمة من منغوليا وميانمار ولاوس وماليزيا وتايلاند وفيتنام، كما أنها ستجعل تلك الدول معرضة بشدة للتقلبات الاقتصادية فى الصين.
وشهدت تايلاند انخفاضاً بنسبة 15% في عدد الزوار المتدفقين من الصين في سبتمبر الماضى، حيث تعد الصين المصدر اﻷكبر للسياح الأجانب في تايلاند، التي تنظر حكومتها العسكرية الآن فى طرق لاسعتادة مستوى تدفق السياح الصينيين إليها.
وقال كياتبونج أريابروخيا، كبير الاقتصاديين فى البنك الدولي في تايلاند، إن السياحة كانت بمثابة المحرك الرئيسي للنمو فى السنوات الأخيرة، ولكنها تمر بمرحلة صعود وهبوط، وها هى قد تباطأت فى الوقت الراهن.
وتعتبر أستراليا واحدة من أكثر الاقتصادات المرتبطة بالصين فى العالم المتقدم، حيث يتدفق ثلث صادراتها من البضائع التي تصل قيمتها إلى 71 مليار دولار إليها في عام 2017، كما أن أستراليا تعد واحدة من الدول المنتجة لخام الحديد والفحم بأقل تكلفة على مستوى العالم.
وفي الوقت الذي لا توجد فيه علامات واضحة تدل على معاناة اقتصاد أستراليا، مع توقع صندوق النقد الدولى نمو الناتج المحلى الإجمالى اﻷسترالى بنسبة 3.2% في 2018 وهو أعلى معدل يمكن تسجيله على مدى عدة سنوات، قال المحللون إن الاقتصاد اﻷسترالى سيتضرر إذا استمر تباطؤ الصين.
وقال شاول إيسلاك، الاقتصادي في جامعة تسمانيا اﻷسترالية: “تظل أستراليا عرضة لأي تباطؤ كبير في اقتصاد الصين، ليس فقط بسبب النسبة الكبيرة من صادراتنا التى تحصل عليها الصين، ولكن أيضاً لأن الصين تحدد الأسعار التي نحصل عليها لصادراتنا من نفس المنتجات إلى أسواق أخرى مثل اليابان وكوريا وتايوان”.