من وا لوني وأندرو مارشال
سيتوي (ميانمار) (رويترز) - يستغيث آلاف من الروهينجا المسلمين في شمال غرب ميانمار، الذي يعصف به العنف، بالسلطات للسماح لهم بمرور آمن من قريتين نائيتين انفصلتا عن العالم الخارجي بسبب البوذيين المعادين ونقص الغذاء.
وقال ماونج ماونج وهو مسؤول من الروهينجا في قرية (آه نوك بين) لرويترز عبر الهاتف "نشعر بالرعب. سنموت من الجوع قريبا وهم يهددون بحرق منازلنا".
وقال شخص آخر من الروهينجا اتصلت به رويترز وطلب عدم نشر اسمه إن بوذيين من ولاية راخين جاؤوا إلى نفس القرية وصاحوا قائلين "غادروا وإلا سنقتلكم جميعا".
وانهارت العلاقات الهشة في الأصل بين سكان القرية وجيرانهم في راخين في 25 أغسطس آب عندما تسببت هجمات دموية من متشددين من الروهينجا في رد فعل عنيف من جانب قوات الأمن.
ومنذ ذلك الحين فر 430 ألف مسلم على الأقل إلى بنجلادش المجاورة تفاديا لما وصفته الأمم المتحدة بأنه "مثال نموذجي على التطهير العرقي".
وكان مليون من الروهينجا يعيشون في ولاية راخين حتى نشوب أعمال العنف الأخيرة. ويواجه أغلبهم قيودا شديدة على السفر ويعتبرهم الكثير من البوذيين مهاجرين غير شرعيين من بنجلادش.
وقال تن موانج سوي أمين حكومة ولاية راخين لرويترز إنه يعمل عن كثب مع السلطات في منطقة راثيدوانج وإنه لم يتلق معلومات بشأن مناشدة من الروهينجا لتوفير ممر آمن.
وقال عندما سئل عن التوترات المحلية "لا شيء يدعو للقلق. راثيدونج الجنوبية آمنة تماما".
وقال ميو تو سو المتحدث باسم الشرطة إنه ليس لديه معلومات بشأن قرى الروهينجا لكنه أوضح إنه سينظر في الأمر.
وعندما طُلب منها التعليق لم تشر متحدثة باسم مكتب شرق آسيا بوزارة الخارجية الأمريكية إلى الوضع في القرى ولكنها قالت إن الولايات المتحدة تدعو "بشكل عاجل" قوات الأمن في ميانمار "إلى العمل طبقا لسيادة القانون ووقف العنف والتشريد الذي يعاني من الناس من كل الطوائف".
وأضافت كاتينا آدامز أن "تقارير أفادت بأن عشرات الآلاف من الناس لا يجدون ما يكفي من طعام وماء ومأوي في ولاية راخين الشمالية.
"يجب على الحكومة التحرك بشكل فوري لمساعدتهم".
وقالت إن باتريك ميرفي نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشرق آسيا سيؤكد قلق الولايات المتحدة العميق بشأن الوضع في راخين عندما يلتقي مع مسؤولين كبار في ميانمار هذا الأسبوع .ومن المقرر أن تستضيف بريطانيا اجتماعا وزاريا يوم الاثنين على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لبحث الوضع في راخين.وتقع قرية (آه نوك بين) في شبه جزيرة تحفها الأشجار المدارية في راثيدونج وهي واحدة من ثلاث مناطق رئيسية في ولاية راخين.
وحتى ثلاثة أسابيع ماضية كانت توجد 21 قرية مسلمة في راثيدونج علاوة على ثلاثة مخيمات للمسلمين الذين شردتهم أعمال عنف ديني سابقة. لكن السكان تركوا 16 قرية وجميع المخيمات وأحرقت بعضها مما دفع ما يقدر بنحو 28 ألف شخص للفرار.
ويقول مراقبون لحقوق الإنسان إن القرى الخمس المتبقية في راثيدونج وسكانها البالغ عددهم نحو ثمانية آلاف شخص يحاصرها بوذيون من راخين ومعرضة للخطر بشكل كبير.
والموقف سيئ على نحو خاص في (آه نوك بين) وقرية (ناوج بين جي) لأن أي طريق للهرب إلى بنجلادش طويل ومرهق ومغلق في بعض الأحيان من قبل سكان معادين من راخين.
وقال ماونج ماونج المسؤول المنتمي للروهينجا إن القرويين يقبلون الرحيل مكرهين لكن السلطات لم ترد على طلباتهم بشأن توفير الأمن. وأضاف أن القرويين يسمعون خلال الليل إطلاق نار من بعيد.
لكن تين أونج وهو مسؤول من راثيدونج رفض مزاعم الروهينجا بتعرضهم لتهديدات من سكان راخين وقال "من الأفضل لهم أن يذهبوا إلى مكان آخر".
ووقع هجومان فقط من هجمات جماعة (جيش إنقاذ الروهينجا في أراكان) في راثيدونج. لكن المنطقة كانت مصدرا للتوتر الديني حيث يقول أعضاء جماعة جيش أراكان أن سوء معاملة الروهينجا هناك أحد مبررات الهجمات التي يقومون بها.
وفي أواخر يوليو تموز، حاصر سكان من الراخين من قرية كبيرة مختلطة في شمال راثيدونج مئات من الروهينجا داخل أحيائهم ومنعوهم من الوصول للأغذية والمياه.
وتكرر ذات الموقف في جنوب راثيدونج حيث قال مسؤولون محليون من راخين إن إمكانية تسلل مقاتلين من جماعة جيش تحرير أراكان هي سبب طرد الروهينجا المتبقين.
* مكان آخر
قال ماونج ماونج إنه طلب الشرطة 30 مرة على الأقل للإبلاغ عن تهديدات ضد القرية.
وقال إنه تلقى مكالمة هاتفية من قروي من راخين كان يعرفه في 13 سبتمبر أيلول. ويظهر تسجيل للمكالمة سلمه ماونج ماونج لرويترز الرجل وهو يقول له "ارحلوا غدا أو سنأتي ونحرق كل منازلكم".
وعندما اعترض ماونج ماونج بأن ليس لديهم سبل للهروب رد الرجل "ليست مشكلتنا".
وعقدت الشرطة في 31 أغسطس آب اجتماعا على جانب الطريق بين قريتين حضره سبعة من الروهينجا من قرية (آه نوك بين) و14 مسؤولا من الراخين من قرى مجاورة.
وقال ماونج ماونج واثنان آخران من الروهينجا ممن حضروا الاجتماع إن مسؤولي راخين سلموا للروهينجا تحذيرا بدلا من مناقشة شكاواهم.
وأضاف أحد السكان الروهينجا طلب عدم ذكر اسمه "قالوا إنهم لا يريدون أي مسلمين في المنطقة وإن علينا الرحيل على الفور".
وأكد ماونج ماونج أن الروهينجا وافقوا لكن فقط إن وفرت السلطات الأمن لهم.
وعرض ماونج ماونج على رويترز خطابا أرسله شيوخ القرية لسلطات راثيدونج في السابع من سبتمبر أيلول يطلبون فيه نقلهم "لمكان آخر". وقال إنهم لم يتلقوا ردا بعد.
* تاريخ من العنف
تدهورت العلاقات بين المجتمعين في 2012 عندما قتلت اضطرابات بسبب الدين في ولاية راخين ما يقرب من مئتي شخص وشردت 140 ألفا أغلبهم من الروهينجا. وأحرقت عشرات المنازل في (آه نوك بين).
وقال قرويون إن الروهينجا بلغ بهم الخوف منذ ذلك الحين حد عدم مغادرتهم القرية واعتمدوا بالأساس على مساعدات تصل شهريا من برنامج الأغذية العالمي. وأوقفت أعمال العنف التي وقعت في الآونة الأخيرة تلك المساعدات.
وسحب برنامج الأغذية العالمي أغلب موظفيه وأوقف عملياته في المنطقة منذ 25 أغسطس آب.
ويقول سكان في قريتي المنطقة اللتين يقطنهما الروهينجا إنهم لا يمكنهم المجازفة بالخروج للصيد أو شراء الطعام من تجار راخين وإن إمدادات الغذاء والدواء لديهم آخذة في النفاد.
وقال ماونج ماونج إن الشرطة المحلية دعت الروهينجا للبقاء في قراهم وعدم القلق وأضافت "لن يحدث شيء".
لكنه أشار إلى أن أقرب مركز للشرطة ليس به إلا نحو ستة ضباط ولا يمكنهم فعل الكثير إذا تعرضت القرية للهجوم.
وقال خين تون آي زعيم قرية شوي لونج تن المجاورة التي يقطنها راخين إن سكانها أيضا قلقون.
وأضاف أنهم سمعوا إطلاق نار أيضا في الليل ويحرسون القرية على مدار الساعة بالأسلحة البيضاء تحسبا لشن الروهينجا هجوما عليهم بمساعدة جيش إنقاذ الروهينجا في أراكان.
وقال "نحن أيضا خائفون".
وأضاف أنه طلب من الراخين من جيرانه التحلي بالهدوء إلا أن التوتر ما زال يخيم على المنطقة لدرجة خوفه على سلامة جيرانه من الروهينجا.
وقال "إذا اندلع العنف.. سيقتلون جميعا".
(إعداد معاذ عبد العزيز وسلمى نجم للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن- أحمد صبحي خليفة)