طهران، 4 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): تحيي إيران اليوم ذكرى مرور 30 عاما على الهجوم على مقر السفارة الأمريكية في طهران، في خضم أزمة سياسية داخلية وضغوط دولية حول ملفها النووي المثير للجدل.
فعلى الصعيد الداخلي تعيش طهران حالة من التوتر منذ الإعلان عن فوز الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد بفترة ولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية التي أجريت 12 يونيو/حزيران الماضي، مما أدى إلى قيام المعارضة بمظاهرات حاشدة احتجاجا على نتائج تلك الانتخابات التي يعتبرونها مزورة.
وكانت الاحتجاجات بمثابة ضربة موجعة للحكومة الإيرانية، حيث أسفرت عن مقتل قرابة 30 شخصا واعتقال ما يقرب من 4 آلاف وفقا للبيانات الرسمية، فيما تؤكد المعارضة أن عدد القتلى بلغ 72 شخصا، كما نددت بوقوع انتهاكات جنسية وعمليات تعذيب في السجون الإيرانية.
ومن جانبها وجهت المعارضة أمس الدعوة لأنصارها لاستغلال فرصة احتفالات اليوم لتجديد الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث أكد مرشح الرئاسة الخاسر مير حسين موسوي على ضرورة التذكرة في تلك المناسبة بأن الشعب هو "صاحب السلطة".
يأتي ذلك في الوقت الذي حذرت فيه الشرطة والحرس الثوري في إيران من أنها ستتصدى بحزم لأي جماعة تسعى لتنظيم "مسيرات غير مشروعة".
وتخشى الحكومة الإيرانية من أن يتحول يوم "إزدراء الولايات المتحدة" إلى بداية موجة احتجاجات مناهضة لإعادة انتخاب نجاد، كما حدث في 18 سبتمبر/أيلول الماضي خلال الاحتفالات بيوم القدس.
وعلى الرغم من تلك التحذيرات إلا أن أنصار المعارضة احتشدوا اليوم في شوارع العاصمة طهران للتنديد بنتائج الانتخابات، مما أدى إلى وقوع مواجهات مع الشرطة وقوات الأمن أسفرت عن اعتقال 20 شخصا.
ويعتبر الرابع من نوفمبر/تشرين ثان يوما تاريخيا بالنسبة للنظام الإيراني الذي غذى خلال الثلاثين عاما الأخيرة نظرية مناهضة الولايات المتحدة، ففي ذلك اليوم من عام 1979 هجم عشرات الطلاب الثوريين الإسلاميين على مقر السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 شخصا لمدة 444 يوما مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ومنذ ذلك التاريخ تدوي عبارة "الموت للولايات المتحدة" داخل المساجد وفي المظاهرات والاحتفالات العامة، كما أنها محفورة على رسوم جدار مبنى شاهق وسط طهران.
وبالرغم من الاعتزاز بالهجوم على السفارة الأمريكية، إلا أن بعض من شاركوا فيه انضموا اليوم إلى صفوف المعارضة، كما حدث مع المتحدث باسم الطلبة ماسومد إركات الذي تسعى الحكومة لاسكاته، بينما تعرض آخرون للسجن مثلما حدث لماسود ميرداماني.
كانت السفارة الأمريكية في إيران تعرف بأنها "وكر للجواسيس"، وتسبب الهجوم على مقرها بطهران في قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أبريل/نيسان عام 1980.
ومنذ ذلك الحين حاول بعض الرؤساء الأمريكيون مثل بيل كلينتون، استئناف العلاقات بين البلدين إلا أن جهوده باءت بالفشل، وفور وصول الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض أبدى استعداده لبدء حقبة جديدة مع إيران إذا قبل النظام الإيراني بذلك.
ولكن يحول الملف النووي الإيراني المثير للجدل دون تحسن العلاقات، ففي الوقت الذي يتهم فيه المجتمع الدولي إيران باستغلال برنامجها النووي في أغراض عسكرية بهدف إنتاج ترسانة من الأسلحة الذرية، تؤكد طهران أن أهدافها سلمية بحتة وأهمها إنتاج الطاقة.
وسعيا منها لحل هذه الأزمة أطلقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مبادرة يجري التفاوض بشأنها حاليا، وتقضي بقيام روسيا بتخصيب اليورانيوم الإيراني خارج طهران، إلا أن إيران لم تعلن حتى الوقت الراهن عن موقفها الرسمي من تلك المبادرة.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أكد في وقت سابق اليوم أن الوقت قد حان لكي تحدد إيران مستقبلها وتختار بين "البقاء في الماضي أو إجراء التغيير اللازم لفتح أبواب الرخاء والعدالة أمام مواطنيها".
وقال: "يجب أن أوضح أن الولايات المتحدة طوت صفحة الماضي وتسعى في الوقت الراهن إلى إقامة علاقة مع الجمهورية الإسلامية مبنية على المصالح والاحترام المتبادل"، مؤكدا في الوقت نفسه أن بلاده لا تتدخل في شئون إيران الداخلية.
واستشهد أوباما ببعض المبادرات التي قامت بها واشنطن تجاه إيران مثل الاعتراف بحقها في الطاقة النووية السلمية، فضلا عن إدانه الهجمات الإرهابية التي وقعت في طهران مؤخرا.
كما أكد على الاحترام الكبير الذي يكنه الشعب الأمريكي لنظيره الإيراني ولتاريخه الزاخر، ولكنه قال في الوقت نفسه إن "الكرة الآن في ملعب إيران لتحديد مستقبلها".
وأضاف أنه "حانت اللحظة للحكومة الإيرانية كي تختار بين التركيز على الماضي أو إجراء التغيير اللازم للانفتاح على أبواب الرخاء والعدالة أمام مواطنيها".
ولكن خيوط اللعبة كلها في الوقت الحالي بيد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، الذي أعرب الثلاثاء عن رفضه لأية محاولات تكون نتائجها مفروضة سلفا.(إفي)