في ظل تجدد المخاوف بشأن الديون السيادية في المنطقة الأوروبية بعد فترة لم تدم طويلا من السكون، يتخلل هذه المخاوف بعض من البيانات الاقتصادية الإيجابية و التي ربما قد تقلص من حدة تلك المخاوف وذلك مثل ما أعلنه الاقتصاد الألماني اليوم عن تحسن بيانات سوق العمل بشكل مفاجي للأسواق.
الاقتصاد الألماني –أكبر الاقتصاديات الاوروبية- أعلن اليوم عن انخفاض عدد العاطلين عن العمل في سبتمبر/أيلول بنحو 40 ألف شخص ليصل إجمالي عدد العاطيلن حتى نهاية تلك الفترة إلى 3.15 مليون شخص هذا في الوقت الذي كانت التوقعات تشير فيه إلى تراجع بعدد 20 ألف شخض و كانت القراءة السابقة بعدد 17 ألف شخص.
كما إنخفض معدل البطالة في نفس الفترة ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أبريل/نيسان من عام 1992 ليصل إلى 7.5% من 7.6% لكلا من التوقعات و القراءة السابقة.
انخفاض قيمة اليورو في النصف الأول من العام الحالي إلى أدنى مستوياته منذ أربع سنوات أمام الدولار الأمريكي بجانب تحسن النمو في الاقتصاديات الناشئة مثل الصين و البرازيل دعم من صادرات البلاد و التي تعد محركا قويا للنمو في الاقتصاد الألماني و هو الأمر الذي إنعكس إيجابيا على بيانات سوق العمل، في الوقت الذي قلصت فيه هذه العوامل من التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من العام الحالي و حتى في ألمانيا.
فعلى الرغم من توسع النمو في الربع الثاني ليصل إلى 2.2% وهو أفضل أداء منذ عقدين كاملين إلا أن البيانات الأخيرة تشير إلى حدوث بعض التباطؤ في القطاعات الرئيسية مثل القطاع الصناعي و الخدمي في الشهرين الأخيرين.
و إن كان إنفاق القطاع العائلي بدأ في التحسن ليسجل نمو بنسبة 0.6% في الربع الثاني ويتوقع له أن يستمر في النمو وفقا لتصريحات البنك المركزي الألماني في ظل تحسن وضع وظروف سوق العمل، هذا بجانب أن من شأن الصادرات أن تساهم في دفع عجلة النمو وهو ما يقلل من التاثير السلبي لقايم الحكومة بخفض الإنفاق العام و الذي أصبح الشغل الشاغل لمعظم الحكومات الأوروبية منذ بداية العام الحالي.
أسبانيا و أيرلندا في ظل تداعيات أزمة الديون السيادية
بعيدا عن ألمانيا ذات الأداء الجيد حتى الآن و ننتقل إلى أيرلندا و أسبانيا ذوي أكبر عجز للموازنة في الاتحاد الأوروبي، فبعد فترة قليلة من السكون و تحول إهتمام المستثمرين إلى بيانات النمو وعملية التعافي، حيث عاودت المخاوف من جديد فيما يتعلق بأزمة الديون السيادية في أوروبا.
آخر المستجدات جاء من أسبانيا اليوم بعد أن أعلنت مؤسسة ستاندرد آند بورز بخفض التصنيف الإئتماني الجيد للديون الأسبانية لتنخفض من "Aaa" لتصل إلى "Aa1" و برؤية مستقبلية "مستقرة" وقالت الوكالة أن ذلك يرجع إلى التوقعات التي تشير إلى ضعف الاقتصاد الأسباني.
جدير بالذكر أن أسبانيا تعد صاحبة أكبر ثالث عجز للموازنة مقارنة بدول منطقة اليورو الأمر الذي دفع بالحكومة إلى تطبيق أكبر خفض للإنفاق العام منذ ثلاث عقود بجانب محاولة الإبقاء على دعم عملية النمو الاقتصادي. وفي خضم هذه الأحداث ارتفاع مستوى فروق العائد على السندات الأسبابنية وبين السندات الألمانية لأجل عشر سنوات إلى 199 نقطة اليورو مقارنة بأدنى مستوى الذي تم تسجليه في يوليو/تموز السابق عند مستوى 134 نقطة و يعكس ذلك مدى مخاوف المستثمرين بشأن الديون الأسبانية.
أما في أيرلندا فبات الوضع يصل إلى ذروته مع تضخم حجم الأموال المطلوبة لدعم القطاع المصرفي المتداعي هنالك، الحكومة الأليرلندية بدات بالفعل في إتخاذ خطوات جادة للإستحواذ على بنك Allied Irish Banks بالإضافة إلى ضخ المزيد من السيولة لبنك Anglo Irish. وهو الأمر الذي يزيد من تكلفة عملبة إنقاذ القطاع ليصل إلى 50 بليون يورو وهو الأمر الذيدفع بمؤسسات التصنيف الإئتماني إلى خفض تصنيف الديون السيادية للبلاد بالإضافة إلى أن تلك الأحداث دفعت بارتفاع فروق العائد على السندات إلى مستويات قياسية.