يفصلنا يوم عزيزي القارئ عن آخر أيام الأسبوع الجاري، مشيرين إلى أن الاقتصاد الأمريكي أشار خلال الفترة الأخيرة أنه يسير ضمن وتيرة تراجع ملحوظة ليتبين أن مرحلة التعافي فقدت عزمها في الاقتصاد الأكبر في العالم، واضعين بعين الاعتبار أن العقبات لا تزال تقف أمام الاقتصاد الأمريكي متمثلة في معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني.
منوّهين أن البيانات الصادرة اليوم تعد في غاية الأهمية، حيث بداية سيصدر تقرير أسعار المنتجين عن شهر آب والذي من المتوقع أن يرتفع بنسبة 0.3% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.2%، أما على الصعيد السنوي فمن المتوقع أن يرتفع المؤشر بنسبة 3.1% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 4.2%، مشيرين بأن مؤشر أسعار المنتجين الجوهري - ذلك المستثنى منه أسعار الغذاء والطاقة - من المتوقع أن يرتفع بنسبة 0.1% مقابل 0.3% خلال تموز، أما على الصعيد السنوي فمن المحتمل أن يرتفع المؤشر بنسبة 1.3% مقابل 1.5% خلال تموز.
كما وسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي أيضا مؤشر الحساب الجاري عن الربع الثاني والذي من المتوقع أن يظهر توسع في عجز الحساب إلى 125.0 مليار دولار مقارنة بالعجز السابق الذي بلغ خلال الربع الأول 109.0 مليار دولار، أما بالنسبة لصافي التدفقات النقدية طويلة الأمد فمن المتوقع أن ترتفع إلى 47.5 مليار دولار خلال تموز مقابل 44.4 مليار دولار.
أما بالنسبة للقطاع الأكثر نزيفا بين القطاعات الرئيسية فسيكون موعدنا ككل أسبوع مع طلبات الإعانة الأمريكية الصادرة عن وزراة العمل الأمريكية، والتي من المتوقع ان ترتفع بمقدار 8 آلاف طلب لتصل إلى 459 ألف طلب للأسبوع المنتهي في الحادي عشر من أيلول، بينما من المتوقع أن تنخفض طلبات الإعانة المستمرة للأسبوع المنتهي في الرابع من أيلول لتصل إلى 4464 ألف طلب مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 4478 ألف طلب.
وهنا يجب أن لا نغفل من أذهاننا بأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مواجهة ضروس مع العقبات التي تقف أمامه متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني ومعدلات البطالة التي لم تنزاح عن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، وهذا ما يعمل على تباين الأداء الاقتصادي خلال هذه الفترة والفترة المقبلة، وذلك إلى أن يجد الاقتصاد مفتاح الخلاص من هذه العقبات.
أضف إلى ذلك عزيزي القارئ إلى أن القشة التي كان يتعلّق بها الاقتصاد الأمريكي ليتجنب الغرق قد اختفت، حيث أن البرامج والخطط التحفيزية التي تبناها البنك الفدرالي والحكومة الأمريكية والتي هدفت مسبقا إلى تعزيز محرك النمو في الاقتصاد ألا وهو إنفاق المستهلكين، قد انتهت صلاحيتها، وذلك فمن المؤكد أن تتأثر مستويات الإنفاق خلال الفترة المقبلة، مما سينعكس على النمو خلال الثاني، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلكين يمثل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة.
وفي نفس الوقت يأتي مؤشر فيلادلفيا الصناعي، ذلك المؤشر الذي يعكس الأداء الصناعي في تلك المنطقة، حيث أن التوقعات تشير إلى ارتفاع المؤشر خلال أيلول الجاري واصلا إلى 0.5 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -7.7، واضعين بالاعتبار أن القطاع الصناعي تمكن من المحافظة على التوسع منذ توسعه لأول مرة خلال شهر آب من العام 2009 منذ أواخر العام 2007 ولكن ضمن وتيرة متراجعة وملحوظة.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن الأوضاع في قطاع الصناعة الأمريكي لا تزال تواجه تحديات جمة، في ظل ارتفاع معدلات البطالة، تشديد شروط الائتمان، ناهيك عن ضعف مستويات الطلب حول العالم، الأمر الذي لا يزال يثقل كاهل أنشطة قطاع الصناعة الأمريكي، مع العلم بأن البيانات التي صدرت مؤخراً عن قطاع الصناعة أشارت إلى أن أنشطة القطاع لا تزال في حالة من الاستقرار النسبي وسط الأوضاع السيئة والتي يمر بها القطاع، والتي تعد الأسوأ منذ بدايات العام 1980.
واضعين بعين الاعتبار أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بعيدا نوعا ما عن مرحلة الاستقرار التام من الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم، حيث أن الأوضاع بدت وأنها تراجعت نوعا ما لتؤثر على مستويات النمو في الاقتصاد الأمريكي الذي نما بنسبة 1.6% فقط خلال الربع الثاني من هذا العام، حيث من المتوقع أن يتحقق بعضا من هذا الاستقرار النسبي بحلول النصف الثاني من العام المقبل...