- Investing.com خلال السنوات الماضية، حققت ألمانيا انطلاقة اقتصادية هائلة، جعلتها تحتفظ بمكانتها كرابع أكبر اقتصادات العالم، ومكنتها من تحقيق معدلات نمو قياسية تخطت الكثير من الدول الكبرى المتقدمة، بالرغم من وصول ألمانيا إلى مرحلة الاقتصاد الناضح.
وبالرغم من معدلات النمو الهائلة، إلا أنه من الواضح أن المستقبل القريب سيكون أقل إشراقًا، إذ حذر "جيسيي" المجلس الألماني للخبراء الاقتصاديين، من تراجع النمو الاقتصادي للعام الجاري إلى 1.6%، وإلى 1.5% خلال العام القادم، مقارنة بـ 2.2% خلال العام الماضي.
ووفقًا للبنك الدولي، فإن تراجع نسب النمو الألمانية ولو بنسب ضئيلة أمر هام ليس فقط لبرلين ولكن للقارة الأوروبية بأكملها، فألمانيا توصف دائمًا بأنها قاطرة النمو للقارة العجوز، وبالتالي فأي اضطراب في اقتصادها سيكون له تأثير واضح على الاقتصاد الأوروبي.
هناك أسباب عديدة لتراجع النمو الألماني، أبرزها زيادة المنافسة في سوق السيارات العالمية، حيث يشير موقع " بزنيس إنسايدر" إلى انخفاض أرباح الشركات الألمانية المصنعة للسيارات، مثل شركة "بي إم دبليو" التي هبطت أرباحها بنسبة 27% خلال الربع الثالث من هذا العام.
أما صحيفة "فاينانشيال تايمز" فتشير إلى الصعوبات التي تواجهها الشركات الألمانية للتوافق مع مطالب الاتحاد الأوروبي بتقليل الانبعاثات بنسبة 30% من مختلف دول الاتحاد، متوقعة وصول نسبة تأثر الناتج المحلي الإجمالي من معاناة الشركات المنتجة للشركات إلى 0.1%، وهي نسبة مرتفعة إذا وضعنا في الاعتبار الانخفاض في النمو الألماني بين العامين الجاري والسابق، والذي يبلغ 0.7%.
ومن المتوقع، أن تزيد معاناة الشركات الألمانية المصنعة للسيارات، إذا توسع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في العقوبات المفروضة على الصين، حيث ستتركز صناعة السيارات "إس.يو.في" لـ "بي.إم.دبليو" و"مرسيدس" التي يتم تصديرها للولايات المتحدة في الصين.
وكان إجمالي الصادرات الألمانية قد شهد تراجعًا خلال الربع الماضي، لأول مرة منذ 7 سنوات، كان آخرها في سبتمبر الماضي الذي شهد تراجع نسبة الصادرات بنسبة 1%، وذلك بسبب عدم التوصل لاتفاق حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تختلف هذه النتائج عن التوقعات التي سبقت العام، حيث كان المحللون وخبراء الاقتصاد يتوقعون زيادة الصادرات بنسبة 7%، مع الوضع في الاعتبار أن 60% من الصادرات الألمانية موجهة إلى الدول الأوروبية، بينما تتجه النسبة الباقية إلى باقي دول العالم.
وترى شبكة "دويتش فيلا" أن هذا التراجع يشكل خطرًا، خاصة مع تراجع حجم صادرات يتجاوز 1.57 تريليون دولار خلال العام الماضي، يصير الاقتصاد القومي مهددًا بالتراجع بل بالانكماش، في حال استمرار تراجع الصادرات.
ويأتي هذا التشاؤم في ظل حالة عدم الوضوح والتشاؤم التي تهيمن على الأسواق العالمية والدولية، حول مستقبل التجارة العالمية، مع الحروب التجارية المشتعلة الآن بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بسبب الرسوم الجمركية، ونمو الاتجاهات الحمائية بشكل عام، وألمانيا تعتمد بشكل كبير على الصادرات.
وما يزيد المخاوف الألمانية، أن الصين تعد الشريك التجاري الأكبر لألمانيا، حيث تصل حجم التجارة بينهما إلى 230 مليار دولار خلال العام الماضي، وفقا لرويترز، كما أن "ترامب" في فبراير الماضي انتقد بشدة الزيادة الكبيرة في صادرات ألمانيا عن وارداتها، وهذا يعني أن أمريكا قد تستهدفها في وقت لاحق.
هذا بالإضافة إلى وجود الكثير من الاستثمارات الألمانية المهددة، سواء في اليونان أو إيطاليا، حيث أنفقت برلين عشرات مليارات الدولارات، من أجل إنقاذ اقتصاد البلدين، بحسب موقع "بزنيس إنسايدر".