Investing.com - في ظل التوقعات التي تُشير إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي خلال هذا العام، وضغوط المستثمرين على البنوك المركزية العالمية لإعادة النظر في سياساتها النقدية، يتوقع أغلب المحللين أن يحدث تغير في السياسات النقدية للبنوك المركزية خلال 2019 مقارنة بالعام الماضي.
في نهاية عام 2018، فاجأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسواق العالمية بتوقعه رفع معدل الفائدة مرتين خلال هذا العام، رغم التوقعات باستمرار قوة السوق الأمريكي والنمو الاقتصادي، ولكن هناك قلق بالغ حيال تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والخلاف القائم بين الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" و"جيروم باول" رئيس البنك المركزي.
ألمح "باول" إلى أن الفيدرالي الأمريكي سوف يتبنى سياسة نقدية تتسم بالمرونة، كما سيتحلى بالصبر لتتحول توقعات الأسواق إلى أن البنك المركزي لن يرفع معدل الفائدة قبل شهر يونيو المقبل على الأقل، للتأكد من البيانات الصادرة.
ويرى المحللون أن الفيدرالي الأمريكي بعث رسالة طمأنة للأسواق العالمية، بأنه سيتبنى سياسة الصبر في رفع الفائدة التي من المتوقع عدم رفعها أكثر من مرتين خلال العام الجاري، وأن المجال مازال مفتوحًا أمام الفيدرالي لتشديد سياسته النقدية، مع ظهور علامات على صعود معدل التضخم.
أما منطقة اليورو، فقد وصلت إلى نقطة تحول في سياسة التيسير الكمي، التي قرر البنك المركزي الأوروبي إنهاء العمل بها في نهاية العام الماضي، ومؤخرًا تحدث "ماريو دراجي" رئيس البنك عن تباطؤ نمو الاقتصاد وانخفاض معدل التضخم دون المستهدف، وهو ما يُشير إلى سياسة نقدية داعمة بالإبقاء على الفائدة قرب أدنى مستويات قياسية حتى صيف 2019 على الأقل.
يتوقع المستثمرون عدم رفع الفائدة قبل عام 2020، بينما يتوقع المحللون رفع الفائدة مرة واحدة خلال العام الجاري، وستعتمد قرارات المركزي الأوروبي على مدى تحمل منطقة اليورو التقلبات القوية بالأسواق العالمية والناشئة وعواقب الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
ويرى المحللون، أن معدل التضخم بمنطقة اليورو قد تراجع بسبب انخفاض تكاليف الوقود، مما يشكل خطورة على الاقتصاد الذي عانى من التباطؤ بالفعل، وهو أمر ينذر بأهمية الحذر من صانعي السياسة النقدية.
يواجه بنك اليابان حاليًا اختبارًا قاسيًا هذا العام، مع استمرار تراجع معدل التضخم أدنى المستهدف بنسبة 2% وهو ما سيؤدي إلى تقويض نتائج برنامج التحفيز النقدي، الذي مازال يؤثر سلبًا على أرباح البنوك التجارية وسوق السندات، ولكن رغم ذلك يتوقع أغلب مراقبي البنك المركزي إبقاءه على الفائدة دون تغيير حتى نهاية العام الجاري.
ويرى المحللون، أن هناك خطورة بسبب تراجع مؤشر أسعار المستهلكين بقيمته الأساسية أدنى الصفر نتيجة تراجع تكاليف الطاقة، مشيرين إلى أن المركزي الياباني بحاجة للإبقاء على الفائدة دون تغيير خلال 2019، مع ضعف معدل التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي، خاصة مع توقعات ارتفاع قيمة الين، نتيجة انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية.
وبالنسبة لبنك إنجلترا، فمن المفترض أن يغادر "مارك كارني" رئيس بنك إنجلترا المنصب في عام 2020، وصرح بأن التوقعات المتعلقة بالسياسة النقدية للبنك تتأثر بشكل كبير بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
حذر "كارني" من انسحاب بريطانيا من التكتل الأوروبي دون اتفاق، مؤكدًا أن هذا سيؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم، وبالتالي زيادة تكاليف الاقتراض.
يتوقع المحللون عدم رفع بنك إنجلترا لمعدل الفائدة، كما يتوقعون خروج بريطانيا بشكل سلس ومنظم من الاتحاد الأوروبي، وبناءًا على ذلك سيرفع البنك معدل الفائدة في مايو ثم يقر زيادة أخرى في نوفمبر 2019.
ومن المتوقع أن يضخ البنك المركزي الصيني المزيد من التحفيز النقدي خلال العام الجاري، خاصة في ظل الضغوط التي يواجهها الاقتصاد الصيني، بسبب الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، ولهذا سيكون البنك مضطرًا لإحداث توازن بين سياسة تشديد وتيسير نقدي.
في مطلع الشهر الجاري، أعلن البنك الصيني عن نيته خفض متطلبات الاحتياطيات النقدية لدى البنوك بحوالي 100 نقطة أساس، كما تحدثت بكين عن محفزات لدعم وتعزيز نمو اقتصادها، ويتوقع أغلب المحللين إبقاء الفائدة دون أي تغيير.