مدريد، 21 سبتمبر/ أيلول (إفي): ودع رئيس الحكومة الإسبانية المنتهية ولايته، خوسيه لويس رودريجث ثاباتيرو اليوم البرلمان، قبل أقل من شهرين على انطلاق الانتخابات العامة في 20 نوفمبر/تشرين ثان المقبل، فيما اتهمه رئيس الحزب الشعبي ماريانو راخوي، قطب المعارضة بالمسئولية عما وصفه بـ"التركة الفاسدة".
وشهدت آخر جلسات حوار الحكومة للفصل التشريعي الحالي، مناظرة حادة ذات مذاق لاذع بين ثاباتيرو وراخوي، تبادلا خلالها الاتهامات والانتقادات.
واعترف ثاباتيرو خلال كلمة الوداع التي وجهها إلى نواب البرلمان، بمسئوليته عن ارتفاع معدلات البطالة، والتي تجاوزت الـ5 ملايين عاطل حتى الآن، وهو ما يجعله يرحل وهو غير راض عما ما قدمته إدارته.
من جانبه لم يفوت زعيم المعارضة اليميني المحافظ، ماريانو راخوي، والذي لا يزال يطمح للوصول بحزبه للسلطة بالرغم من خسارته في الانتخابات العامة لفترتين متتاليتين 2004 و2008 ، وراح يشن هجوما حادا على غريمه الاشتراكي في آخر مثول له أمام البرلمان.
واتهم الزعيم اليميني، ثاباتيرو بالمسئولية عن "التركة الفاسدة" التي ستؤول للحكومة القادمة، والتي تتمثل في زيادة الدين العام بمعدل 250 مليار يورو مقارنة بالأرقام المسجلة عام 2004 عندما ترك الحزب الشعبي السلطة، وزيادة البطالة بمعدل مليوني ونصف المليون خلال 8 سنوات من حكم الاشتراكيين لإسبانيا.
وقال راخوي إن هناك دروسا يجب استخلاصها من تجربة الحكم الاشتراكي لتفادي تكرارها، وتتمثل في خطأ حكومة ثاباتيرو في تشخيص الوضع الاقتصادي عندما كان على مشارف الأزمة بنهاية 2008 ، وبخداع الشعب بعدم الاعتراف بوجود أزمة، وكذلك في عدم تبني إصلاحات واعتماد سياسة حكم تقوم على خطة واضحة.
وأضاف: "يجب عدم المبالغة في التعويل على آمال زائفة، ومن ثم لا يجب أن ننفق ما لا نملك"، متهما الاشتراكيين بمواصلة البقاء في السلطة بموجب "مراسيم لها قوة القانون".
من ناحيته أعرب ثاباتيرو عن ثقته في قدرة إسبانيا على التصدي للأزمة، مشيرا إلى أنها ظاهرة عالمية، وأنه خلال هذه المعركة الشرسة، قامت حكومته بواجبها متحلية بالشعور بالمسئولية، لتجنب عواقب أكثر خطورة، فيما حافظت على التكامل الاجتماعي والاستمرار بقوة داخل منطقة اليورو.
ولم تخل تصريحات ثاباتيرو من انتقادات للمعارضة، حيث قال: "الشعب يريد ساسة يتحلون بالمسئولية، والقيادة لكي يقدموا لهم شيئا وليس الهجوم من أجل الهجوم".
وفي النهاية جاء وداع راخوي لغريمه الاشتراكي باردا، بالرغم من أنه تمنى له "حظا طيبا" في حياته المستقبلية.
وتعتبر جلسة اليوم الأخيرة بالنسبة للبرلمان الإسباني، حيث من المقرر حل المجالس النيابية اعتبارا من 27 من الشهر الجاري، وفي اليوم التالي سيتم توجيه الدعوة للمواطنين للمشاركة في الانتخابات العامة المقررة في 20 نوفمبر/تشرين ثان المقبل.
وفي تصريحات صحفية اعترف رئيس الحكومة الاشتراكي المنتهية ولايته، بشعوره بالحنين، لوصول مشواره السياسي الذي بدأه قبل 25 عاما عندما كان في الـ26 من عمره، كنائب شاب في البرلمان.
وشغل ثاباتيرو عام 2000 منصب أمين عام الحزب الاشتراكي، وهو ما ممثل مفاجأة آنذاك، حيث استطاع تجاوز الكثير من كبار كوادر الحزب المخضرمين أمثال خوسيه بونو، الرئيس الحالي للبرلمان.
وفجر ثاباتيرو مفاجأة كبيرة عام 2004 باكتساحه الانتخابات العامة ليطيح برجل قوي مثل ماريانو راخوي، الذي خلف خوسيه ماريا أثنار، زعيم الحزب الشعبي اليميني السابق في الانتخابات التي أجريت وسط زخم ومشاعر متضاربة على خلفية اعتداءات الحادي عشر من مارس/آذار من العام نفسه، والتي راح ضحيتها 191 شخصا ونحو ألفي جريح.
وكرر ثاباتيرو نجاحه عام 2008 معززا باقتصاد قوي وحيوي، ومعدل نمو بلغ 3.8%، مما جعل إسبانيا تتبوأ مكانة متميزة في عهده إذ أصبحت ثامن قوة اقتصادية في العالم، إلا أن عدم تقدير حجم الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم، وعصفت بالولايات المتحدة أقوى قوة اقتصادية، منذ الكساد العظيم 1929 عجلت بتدهور الأوضاع في إسبانيا.
على أثر الوضع الجاري، انطلقت حركة احتجاجات الغاضبون في الخامس عشر من مايو/آيار الماضي، للمطالبة بديمقراطية حقيقية الآن، مما زاد من حجم الضغوط على الحكومة الاشتراكية، خاصة بعد الخسارة الكبيرة التي منيت بها في الانتخابات العامة التي أجريت في 22 من مايو أيضا، وهو ما دفع ثاباتيرو للإعلان عن انتخابات مبكرة، أكد عزمه عدم المشاركة بها.
وأعلن الحزب الاشتراكي، على إثر قرار ثاباتيرو ترشيح، النائب الأول لرئيس الحكومة المنتهية ولايته الفريدو بيريث روبالكابا، وزير الخارجية السابق، لخوض الانتخابات العامة على رأس قائمته، خلفا لثاباتيرو. (إفي)