ريو دي جانيرو، 2 أكتوبر/تشرين أول (إفي): يبقى تبادل التنظيم بين القارات، حتى ولو كان قانونا غير مكتوب، وتحسن الاقتصاد البرازيلي والمكانة التي يحظى بها الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا هي عوامل الحسم لاختيار مدينة ريو دي جانيرو لتنظيم دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية 2016.
وتبرز الظروف الجيوسياسية والاقتصادية كأكثر العوامل المفسرة لفوز ريو دي جانيرو، المدينة التي تأهلت بأقل نسبة نجاح في التقرير الفني المبدئي الذي قدمته اللجنة الأوليمبية الدولية.
وحصلت ريو دي جانيرو، التي لم تدخل السباق على استضافة أوليمبياد 2008 أو 2012 ، في التقرير الفني على 6.4 ، وهو ما كان يعد تقديرا متواضعا مقارنة بمنافساتها شيكاغو (7) ومدريد (8.1) وطوكيو (8.3).
وكان هذا الفارق مع المدن الأخرى الذي حمل اللجنة الأوليمبية البرازيلية على التأكيد على المسائل غير الفنية في حملتها للدفاع عن ترشيح مدينتها.
وكان عدم تنظيم أمريكا الجنوبية من قبل لأي دورة أوليمبية، وهو ما ينطبق أيضا على أفريقيا فقط، المبرر الذي عزفت عليه لجنة ترشيح المدينة سواء وقت عرض الملف أو في الخطابات التي ألقاها جميع ممثلي البرازيل في مختلف المناسبات.
وفي جميع خطاباته ومقابلاته، شدد لولا على أن اللحظة قد حانت كي تحظى أمريكا الجنوبية بالفرصة، وكي تقوم اللجنة الأوليمبية الدولية بالتراجع عن "ظلمها" الجغرافي في توزيع الفوز بشرف استضافة الأوليمبياد.
وأشار لولا إلى أنه بينما قامت إسبانيا واليابان بتنظيم الدورة الأوليمبية مرة واحدة، والولايات المتحدة نظمت أربع دورات، والاتحاد الأوروبي يستعد لتنظيم الدورة السابعة عشرة في لندن 2012 ، لم تحظ أمريكا اللاتينية بأسرها إلا بتنظيم دورة 1968 في العاصمة المكسيكية.
وروى لولا أنه خلال المحادثات التي أجراها هذا الأسبوع مع أعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية، قد طالب باستيعاب أن "أمريكا الجنوبية، التي يقطنها 180 مليون شاب، تستحق تنظيم دورة أوليمبية".
وخلال كلمته في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن على هامش الاجتماع الذي شهد التصويت النهائي، كرر الرئيس أن أمريكا الجنوبية وأفريقيا هما المنطقتان الوحيدتان اللتان لم تستضيفا الحدث الرياضي الأكبر في العالم وشدد على أن "ترشيحنا لا يتعلق بنا فحسب، بل أيضا بكل أمريكا الجنوبية، أي بـ400 مليون نسمة".
لكن الوضع الاقتصادي الحالي، السلاح الذي لم يتم إشهاره كثيرا خلال الحملة، تحول إلى عامل حسم في الأسبوع الأخير الذي عمد فيه الرئيس البرازيلي إلى إبراز إحصائيات تشير إلى أن البرازيل ستكون واحدة من الدول القليلة التي ستنهي هذا العام بنمو اقتصادي.
وتمكنت البرازيل، التي لعبت دور بطولة اقتصادية خلال الأشهر الأخيرة كعضو في قمة مجموعة العشرين وناطق باسم الدول النامية، من تجاوز الانكماش الذي مرت به في الربع الثاني من العام الحالي ويمكنها، وفقا للتوقعات الرسمية، أن تسجل نموا بنسبة 1% خلال عام 2009.
وتعيش البرازيل لحظة "ساحرة وممتازة" باقتصاد "متنامي" سمح لنحو 30 مليون شخص بالخروج من الفقر خلال الأعوام الأخيرة، بحسب ما ذكره لولا خلال تقديم الملف أمام اللجنة الأوليمبية الدولية، بعد أن أشار إلى أهمية البرازيل كدولة صاعدة وإلى قدرتها على الخروج من الأزمة.
وخلال آخر كلمة له لشعبه قبل التوجه إلى كوبنهاجن، قال لولا إن "البرازيل تمثل واحدة من الدول العشر الأغنى في العالم (من ناحية إجمالي الناتج المحلي) وهي الوحيدة بينها التي لم تنظم الدورة الأوليمبية. البرازيل أيضا في وضع استقرار اقتصادي وإمكانيات نمو تسمح بإقناع أي شخص بالقدرات الجيدة للبلاد من أجل تنظيم الأوليمبياد".
وأضاف "لقد قلت إن هذه العوامل حاسمة، لأنه بينما يتعلق الأمر في الدول الأخرى بدورة ألعاب أوليمبية أخرى، فإنه بالنسبة للبرازيل يمثل سعي شعب لتأكيد ذاته".
لكن مكانة لولا في العالم ساعدت ملف المدينة البرازيلية أيضا، فعامل المناجم والقيادي النقابي السابق الذي اعتلى السلطة في يناير/كانون ثان من عام 2003 تحول منذ ذلك الوقت إلى نجم في العديد من المنتديات العالمية.
ويتمتع لولا بمعدل شعبية في البرازيل لم يسبقه إليه أي رئيس، كما تشير جميع الإحصائيات إلى أنه الزعيم الأعلى مكانة في قلوب سكان أمريكا اللاتينية.
وعرف الرئيس البرازيلي، الذي قال عنه نظيره الأمريكي باراك أوباما هذا العام خلال لقاء دولي "إنه هو الرجل"، كيف يستفيد من مكانته بعقد لقاءات مع أعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية لمساعدة ريو دي جانيرو على بلوغ حلمها الكبير. (إفي)