القاهرة، 23 ديسمبر/كانون أول (إفي): احتشد ألاف المصريين اليوم في ميدان التحرير، وسط القاهرة، لادانة احداث العنف التي تعرض لها المتظاهرون مطلع الاسبوع الجاري في اجراء ضغط جديد على المجلس العسكري الحاكم.
وكان المناخ هادئا في ميدان التحرير، بؤرة ثورة 25 يناير والذي وقعت حوله ما بين الجمعة والثلاثاء الماضيين اشتباكات خطيرة اسفرت عن مصرع 17 شخصا وإصابة نحو ألف اخرين.
وشارك بعض المصابين في مظاهرة اليوم بالميدان للمطالبة بـ"كرامة واحترام ارواحهم" كما كانوا يهتفون.
وصرح أحمد مصطفى، الذي تعرض لإطلاق نار من القوات العسكرية واصابته في القدم والصدر لوكالة (إفي) باحدى الخيم التي نصبت في وسط الميدان "نريد الحرية.. ونقول لرئيس الوزراء كمال الجنزوري والمجلس الأعلى للقوات المسلحة ان يرحلوا".
ورفض المتظاهرون أيضا موقف المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي نفي اية مسئولية في الاحداث، برغم الدلائل على ان عسكريين اطلقوا النيران واعتدوا على المتظاهرين.
ورفع المتظاهرون لافتات مثل "كذابون نريد معرفة الحقيقة" و"التحية لمن يدافعون عنا والعار لمن يقتلنا" في إشارة إلى المجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد منذ سقوط الرئيس حسني مبارك في 11 من فبراير/شباط الماضي.
وعلى بعد امتار قليلة، طالبت مجموعة من المصريات في ظل طوق حماية كونه الرجال، السلطات باحترام السيدات واظهرت استيائها عقب الهجمات التي تعرضت لها سيدات على ايدي قوات الجيش خلال الاشتباكات.
وأكدت ايمان علي لوكالة (إفي) "انني غاضبة. لا يمكن ان يعاملونا هكذا. احترم الجيش لكن يتعين ان يقتصر عمله على الدفاع عن الحدود وليس التدخل في الشئون السياسية".
وذكر الشاب طه محمد (24 عاما) "يعاملوننا كالحيوانات. لا يمكن التهاون مع ما يفعلوه بحق السيدات".
ونظمت مظاهرة اليوم في جمعة (رد شرف الحرائر)، احتجاجا على أعمال العنف تجاه المتظاهرين منذ مطلع الأسبوع.
هذا، فيما يشهد ميدان العباسية (شرق القاهرة) مليونية أخرى، ولكنها تهدف لدعم المجلس العسكري، دعت لها حركة (صوت الأغلبية الصامتة)، وتحمل شعار "لا للتخريب ولا للوصاية الأجنبية".
وكانت الحركة قد أعلنت مطلع الشهر أنها أوقفت مليونيات العباسية للعمل على "تحقيق الأمن والاستقرار واحترام صناديق الاقتراع"، وذلك بعد تظاهرات التأييد في الثاني الجاري التي خرجت للمجلس وحكومة الإنقاذ الوطني التي كلف بتشكيلها كمال الجنزوري.
وقد دعا نحو 20 حزبا سياسيا وائتلافا إلى تظاهرات مليونية تنطلق اليوم الجمعة من الجامع الأزهر إلى ميدان التحرير، احتجاجا على ما وصف بالممارسات العنيفة من قبل قوات الجيش تجاه المتظاهرات المصريات وسحل إحداهن إلى درجة تجريدها من ملابسها العلوية.
وجاء موقف جماعة (الإخوان المسلمين) من التظاهرات، على لسان المرشد العام للجماعة محمد بديع، الذي أعلن بأن الإخوان "لن يشاركوا" في مليونية اليوم.
وقال بديع الخميس "إن حرية الاعتصام مكفولة لكل المصريين، بشرط عدم التجاوز أو الاعتداء على المرافق العامة والخاصة"، مطالبا الشباب بمنح "فرصة لحكومة الجنزوري والمجلس العسكري لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية".
ومن جانبه، أكد سعد الكتاتني، الأمين العام لحزب (الحرية والعدالة)، الذراع السياسي للجماعة، على أهمية "تسليم السلطة للمدنيين وفق إرادة الشعب المصري عبر انتخابات حرة نزيهة للبرلمان، والانتخابات الرئاسية قبل 30 يونيو/حزيران فى أجواء مستقره تسمح بالتعاون بين جميع الأطراف للعبور بالبلاد من عنق الزجاجة إلى بر الأمان".
واتخذت الجبهة السلفية موقفا مماثلا، حيث أكد خالد سعيد المتحدث الرسمي باسم الجبهة، أنهم لن يشاركوا في جمعة رد الشرف، رغم "تضامنهم الكامل مع كل سيدات مصر والشهداء والمصابين خلال الأحداث الأخيرة".
وقال سعيد "إن هناك تحركات مشبوهة وتحالفات تطالب بإلغاء الانتخابات وهم السواد الأعظم ممن سوف ينزلون لميدان التحرير"، متوقعا حدوث "مصادمات كاسحة".
وبدورها، أكدت (الجماعة الإسلامية) مقاطعتها لتظاهرات اليوم. وقال عاصم عبدالماجد، المسئول الإعلامى للجماعة: "لن نشارك فى مليونية يقودها الشيوعيون".
وكانت أصوات الميادين المصرية، التي شهدت طوال الشهر الماضي ألوان مختلفة من الاحتجاجات والتظاهرات في صورة تأييد ومعارضة للمجلس العسكري الحاكم، قد تراجعت أمام إقبال غير متوقع في أول انتخابات عامة تشهدها مصر منذ أكثر من ثلاثة عقود، بدون الرئيس السابق حسني مبارك، بدأت أولى مراحلها في 28 نوفمبر/تشرين ثان الماضي.
ويشار إلى أن القوى الإسلامية، متمثلة في جماعة الإخوان المسلمين بحزبها (الحرية والعدالة) وحزب (النور) السلفي، تتصدر نتائج جولتي انتخابات مجلس الشعب (التي تجري المرحلة الأخيرة منها يومي الثالث والرابع من الشهر المقبل)، بنسبة تصل إلى أكثر من 50%.
ويذكر أن منظمة (هيومان رايتس ووتش) الحقوقية دعت إلى الوقف الفوري للاعتداءات التي تتعرض لها المتظاهرات من جانب قوات الأمن في مصر، لاسيما الاعتداءات الجنسية، والتي لم ينج منها أيضا المتظاهرون والنشطاء والصحفيون.
وفي بيان لها الليلة الماضية، أشارت المنظمة الأمريكية إلى التقارير الإخبارية وصور المتظاهرين والمتظاهرات في القاهرة، الذين تعرضوا للضرب والتجريد من ملابسهم و"السحل" فى الشوارع على أيدي قوات الشرطة والجيش خلال الأيام الماضية.
وتأتي مليونية اليوم عشية دعوة رئيس الوزراء المصري القوى السياسية بمختلف توجهاتها إلى الحوار، وطالب بمهلة لتحسين الوضع الاقتصادي والأمني، في إشارة لارتفاع وتيرة العنف بسبب المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، والتراجع الخطير للوضع الاقتصادي.
وفي مؤتمر صحفي الخميس، أعاد الجنزوري التأكيد على عدم نية حكومته، ولا المجلس العسكري، الذي يحكم البلاد منذ تنحي مبارك، البقاء في السلطة، مؤكدا أن حكومته "هدفها إنقاذ الثورة، وأن "السلطة الحالية مستعدة لأن تذهب اليوم وليس غدا".
وشدد على أن الأجندة الحقيقية تكمن في كيفية عودة الأمن للشارع المصري، لافتا أن "الوضع في غاية الصعوبة ويتطلب كثيرا من التحاور بين كافة القوى"، مضيفا "ولست في حاجة للإشارة إلى أن هناك طرفا ثالثا أو خفيا يعبث باستقرار الوطن". (إفي)