من جوناثان سول وباريسا حافظي
لندن/أنقرة (رويترز) - بدأ بعض الإيرانيين سحب مدخراتهم حتى من قبل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي العالمي الموقع مع إيران، وهو ما فرض ضغوطا على النظام المصرفي الذي يعاني بالفعل من القروض المتعثرة وسنوات العزلة.
وقال مسؤول في بنك ملي، أكبر بنك إيراني مملوك للدولة، لرويترز إن المدخرات انخفضت بمقدار لم يحدده، لكنه أضاف أن هذه ظاهرة مؤقتة وإنها ستنتعش مجددا فور انقشاع الضبابية المرتبطة بقرار ترامب.
وذكر المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه قبل إعلان ترامب "عندما تكون هناك ضبابية سياسية فإن تأثيرها النفسي على الناس يسبب انخفاضا في المدخرات. لكن هذا سينتهي بعد الموعد النهائي الذي حدده ترامب".
وقال ترامب يوم الثلاثاء إنه سينسحب من الاتفاق وسيفرض "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية".
وقال مسؤول كبير في البنك المركزي الإيراني إن الأوضاع داخل النظام المصرفي تدهورت في السنة الأخيرة "ولم نتجاوز مرحلة الخطر بعد". لكنه أضاف أن البنك المركزي لديه "كل الإجراءات جاهزة لمنع حدوث أي أزمة".
وامتنع مسؤولون في بنوك كبيرة أخرى عن التعليق.
ويعكس غياب الثقة ويسهم في المشكلات الأوسع نطاقا التي تهدد الرئيس الإيراني حسن روحاني في المؤسسة الدينية حيث شحت الاستثمارات مع فرض البنوك حد أقصى للإقراض بينما يتباطأ النمو ويبلغ معدل البطالة مستوى قياسيا مرتفعا، مما يعرض روحاني لانتقادات متزايدة من المتشددين.
وقال مينا عبد الصالحي وهو معلم متقاعد في طهران "أنا قلق من نشوب حرب. لقد حولت جميع مدخراتي إلى عملات ذهبية يمكنني تسييلها بسهولة إذا حدث أي شيء".
وفقد الريال الإيراني ما يقرب من نصف قيمته خلال ستة شهور حتى أبريل نيسان ترقبا لتبني الولايات المتحدة موقفا أكثر صرامة، مما اضطر طهران لفرض حظر على تداول العملات الأجنبية محليا وفرض سقف لحيازات العملة الأجنبية عند 12 ألف دولار.
لكن موقعا إلكترونيا متخصصا في النقد الأجنبي قال يوم الثلاثاء إن هذا لم يمنع الإيرانيين من محاولة شراء العملة الصعبة مما أدى لمزيد من الانخفاض في سعر الريال.
وقال مسؤول مصرفي إيراني إن الإيرانيين يسحبون أموالهم. وأضاف "خشية الحرب وفرض المزيد من العقوبات سحب الكثير من الإيرانيين نقودهم من البنوك".
كانت وكالة الطلبة للأنباء شبه الرسمية نقلت عن محمد رضا بور إبراهيمي رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان قوله في مارس آذار إن تدفقات رؤوس الأموال النازحة للخارج بلغت 30 مليار دولار في الشهور الماضية. وقال صندوق النقد الدولي إن احتياطيات إيران بلغت نحو 112 مليار دولار في 2017-2018.
* قيود أخرى
راهن الرئيس الإيراني على جذب استثمارات أجنبية للمساعدة في رفع مستويات المعيشة، لكن تم بالفعل تأجيل مجموعة من الصفقات تشمل شراء طائرات.
وواجه روحاني صعوبة في إصلاح النظام المصرفي حيث يعاني 30 بنكا ومؤسسات ائتمانية أخرى من التفكك أكثر من غيرها في الأسواق الناشئة الأخرى إضافة إلى أنها مثقلة بالديون المتعثرة.
وقدرت مصادر مالية القروض القائمة بنحو 283 مليار دولار بينما بلغت نسبة الديون المتعثرة 12.5 بالمئة في عام 2017 وفقا لتقديرات معهد التمويل الدولي ومقره الولايات المتحدة.
وأشارت أحدث البيانات الرسمية إلى أن النسبة بلغت 11.7 بالمئة في 2016، تعادل أكثر من 30 مليار دولار. وتقول بعض المصادر إن نسبة القروض المتعثرة قد تكون أعلى من ذلك لتقارب 15 بالمئة.
وقال صاحب مصنع نسيج في مدينة مشهد إن الحكومة تريد تحسين الاقتصاد لكنها لا تستطيع دعم الأعمال.
وأضاف "كيف يمكنني إدارة عملي عندما يرتفع سعر صرف الدولار ولا أستطيع الحصول على قروض من البنوك بسبب ارتفاع أسعار الفائدة؟"
وقال طالبا عدم ذكر اسمه إنه اضطر لتسريح نحو نصف عدد موظفيه البالغ 65 موظفا سعيا للحفاظ على استمرار عمله.
وتابع "لا أعلم إلى متى يمكنني إبقاء المصنع مفتوحا".
(الدولار = 0.8420 يورو)
(إعداد مروة سلام للنشرة العربية - تحرير عبد المنعم درار)