اليوم من المقرر أن يصدر تقرير التضخم الربع السنوي الذي طالما انتظرته الأسواق خلال الآونة الأخيرة, إذ أن البنك استمر في تعليق إتخاذ القرار بشأن مدى التوسع لبرنامج شراء الأصول ومن ثم البدء في سحب خطط التحفيز من الأسواق بناءاً على مدى ما سوف يظهره تقرير التضخم الربع سنوي هذا، في الوقت الذي سوف يقوم فيه البنك بإعادة تقييم الإجراءات التي أتخذت طوال الفترة السابقة لإحتواء أسوأ أزمة مالية تعصف بالاقتصاد البريطاني منذ الحرب العالمية الثانية.
نذكرك عزيزي القارئ بأن البنك البريطاني قام يخفض سعر الفائدة إلى أدنى مستوياتها منذ تأسيس البنك إلى 0.5% في شهر مارس آذار من العام السابق و استمر في الإبقاء على ذلك المستوى حتى وقتنا الحالي.
كما بلغت قيمة برنامج شراء الأصول الذي قام البنك بتطبيقه في مارس/آذار نحو 200.00 بليون جنيه إسترليني وذلك ضمن الإجراءات الغير تقليدية التي اتخذها البنك لدعم الاقتصاد البريطاني, و الغرض الأساسي للبرنامج يتمثل في توفير السيولة في الاسواق و خفض تكلفة الاقتراض و مواجهة مخاطر الانكماش التضخمي التي كانت تمثل احد المخاوف التي اعترت الأسواق خلال النصف الأول من العام السابق وبالتالي يساعد تطبيق البرنامج على دعم مستويات الإنفاق و الوصول بمعدل التضخم إلى المستوى الآمن لإستقرار الأسعار بنسبة 2.00%.
وما سبق كان يعد أحد أهم الإجراءات التي اتخذها البنك البريطاني خلال العام السابق و التي نتج عنها تقلص إنكماش الاقتصاد البريطاني من -2.4% في الربع الأول الذي كان يعد أسوأ قراءة منذ عام 1958 إلى أن تم تحقيق النمو في الربع الأخير من العام السابق بنسبة 0.1% و إن كان الكثر من المحللين ينظر إلى تلك القراءة على أنها ضعيفة مقارنة بتوقعات الأسواق, و إجمالا فإن الاقتصاد البريطاني حقق إنكماش سنوي لعام 2009 بمقدار -4.8% وهي أسوأ قراءة على الإطلاق منذ عام 1949!!
أما عن المستوى العام للأسعار فقد شهد طفرة في الثلاثة الأشهر الأخيرة من العام السابق فبعد أن بقي المعدل دون المستوى الآمن لاستقرار الأسعار للفترة من يونيو/حزيران إلى نوفمبر/تشرين الثاني إتجه للإرتفاع مقتربا من الحد الأقصى للمستوى الآمن لاستقرار الأسعار مسجلا 2.9% في ديسمبر/كانون الأول وبرر رئيس البنك المركزي البريطاني أن ذلك الارتفاع يعد لأسباب مؤقتة ترجع إلى ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة بجانب ضعف قيمة الجنيه الإسترليني أمام العملات الرئيسية الأخرى بنسبة 25.00% تقريبا خلال العامين السابقين.
وعلى الرغم من ذلك إلا أن التوقعات الأخيرة للبنك البريطاني أظهرت أنه سيحدث تسارع لمعدل التضخم ومن ثم سيعاود التراجع مجدا ليبقى دون المستوى الآمن لاستقرار الأسعار ولن يصل إلى المستوى المستهدف إلا في عام 2012, وكما تم الإعلان من قبل فإن تقرير التضخم لشهر فبراير/شباط الذي سيصدر اليوم من شأنه أن يظهر توقعات جديدة بشأن الأوضاع الاقتصادية في بريطانيا.
السيد كينج في تعليقه على ارتفاع معدل التضخم أشار إلى أن حجم السيولة في الأسواق لايزال ضعيفا و أعلن أيضا عن ضعف مستويات انفاق القطاع العائلي وتوقعه أيضا باستمرار ضعفه خلال السنوات المقبلة مع تدنى مستويات الدخل, كما أعلن في وقت سابق و قبل إجتماع لجنة السياسة النقدية بالنبك البريطاني بالإعلان عن وقف برنامج شراء الأصول الذي عقد في أوائل الشهر الجاري أنه الباب مفتوح نحو المزيد من التوسع في قيمة البرنامج إذا ما إحتاج الاقتصاد لذلك.
لكن محاضر إجتماع اللجنة النقدية التي عقدت في الربع الأخير من العام السابق أظهرت عدة إتجاهات نحو برنامج شراء الأصول لما بين مؤيد لفكرة التوسع و في نفس الوقت إتجاه معارض لهذه الفكرة وهو الأمر الذي من شأنه أن يحسمه تقرير التضخم ومن ثم قد يكشف بعض من الإشارات حول تحركات البنك البريطاني خلال الفترة المقبلة.