تكافح الحكومات فى العالم بأسره مع كيفية جعل الهجرة تعمل لصالح اقتصاداتها دون إثارة أي توترات سياسية.
قالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إنَّ العداء تجاه المهاجرين ساعد على بلورة فكرة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد اﻷوروبي، كما أنه كاد أن يؤثر على إمكانية فوز المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بفترة ولاية رابعة فى الانتخابات التشريعية اﻷلمانية في عام 2017.
وقال الرئيس اﻷمريكي دونالد ترامب، إنَّ نظام الهجرة فى الولايات المتحدة محطم، وفي حين أن بعض خصومه قد يتفقون معه، فإنَّ هناك بعض القواسم المشتركة حول كيفية إصلاح النظام.
ربما يسعى اﻷمريكيون إلى الحصول على إلهام حول الإصلاحات المحتملة، من خلال التطلع شمالاً نحو كندا، التي تستخدم نظاماً يعتمد على النقاط لفحص المهاجرين، الذين يشكلون نحو 60% من إجمالي المهاجرين إليها.
وتعتبر طريقة النقاط، التي تتكون من عوامل عديدة؛ مثل التعليم والخبرة العملية، سبباً يسمح لـ27% فقط من الكنديين بالاعتقاد أن المهاجرين يشكلون عبئاً على بلدهم، وهي أقل نسبة بين الدول الـ18 التى شملها استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «بيو» للأبحاث في مارس الماضي.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن الوظائف التي يشغلها العمال فى العالم غالباً ما تكون شاقة وخطيرة أيضاً، ولكن الأموال التي يحصلون عليها- قدرتها اﻷمم المتحدة بـ480 مليار دولار فى 2017- تجعل المخاطرة تستحق. ويبدو أن الرأى المؤيد للهجرة عنصر غائب فى اليابان؛ حيث تقل نسبة المهاجرين عن 2% من السكان، فالحكومة اليابانية تتبع نهجاً حذراً، فهي تصدر تصاريح إقامة لخمسة أعوام بهدف التخفيف من حدة النقص الحاد في عدد العمال فى العديد من الصناعات.
وأوضحت «بلومبرج»، أن اليابان، الدولة التى قاومت الهجرة لفترة طويلة، بدأت إصدار تأشيرات مؤقتة للعمال الأجانب غير المهرة فى أبريل الماضي، بعد أن أصرت لسنوات على حل مشكلة نقص العمالة لديها من خلال توظيف المزيد من النساء، وتأخير سن التقاعد، واستخدام مزيد من الروبوتات، ولكنَّ السياسيين توصلوا في النهاية إلى عدم كفاية تلك الخطوات.
ويتوقع تقلص القوى العاملة الشائخة فى اليابان بنسبة 23% فى الـ25 عاماً المقبلة، وتفوق عدد الوظائف على مقدمي الطلبات بالفعل بأكثر من 3 إلى 1 في مجالات مثل البناء والتمريض.
وفي الوقت نفسه، استقبلت كندا نحو 321 ألف مهاجر العام الماضي، وهو أكبر عدد منذ عام 1913، من بينهم 60% تقريباً مهاجرون تم اختيارهم لقدرتهم على الاستقرار في أرض تصل فيها درجات الحرارة إلى مستوى التجمد في فصل الشتاء.
واستحدثت الحكومة الكندية نظام النقاط الذي صنف اﻷفراد بناء على عدة عوامل، مثل العمر ودرجة إجادة اللغة والمهارات، بعد أن ازدادت المخاوف تجاه عدم مساهمة الوافدين الجدد في الاقتصاد؛ حيث شهدت البلاد بضعة عقود من الهجرة غير المقيدة من أوروبا في فترة ما بعد الحرب.
وأفاد تقرير حديث صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن نهج الهجرة في كندا يُنظر إليه بشكل كبير باعتباره نموذجاً ناجحاً يحتذى به في إدارة الهجرة.
وأصبحت الهجرة أمراً مهماً بشكل خاص بالنسبة لصناعة التكنولوجيا في كندا، فقد قال كريس أرسينولت، الشريك العام في شركة «إنوفيا كابيتال» الكندية، إن الدولة بحاجة إلى عقول مبدعة لبناء شركات كبرى. وأضاف أن كندا لديها فرصة ذهبية، خاصة أنها تستطيع دمج الثقافات المختلفة بشكل جيد دائماً، فقد كانت البلاد دائماً قوية فيما يخص الهجرة، والآن عليها جذب الأشخاص ذوي القدرة العالية على التطور سريعاً.