FXNEWSTODAY - بناءً على الإشارات الأخيرة التي صدرت عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي، قد تعتقد الأسواق أن المعركة ضد التضخم فى الولايات المتحدة بدأت تقترب من نهايتها، لكن هذا الاعتقاد غير صحيح على نحو كبير، حيث أن التراجع عن المسار المتشدد قبل الوقت المناسب، يظل هو الخطر الأكبر حالياً الذي يواجه أكبر بنك مركزي فى العالم.
كانت التوقعات في الأسواق، استناداً إلى مؤشرات سابقة من صانعي السياسة النقدية الأمريكية، أن البنك المركزي سيعلق مؤقتاً رفع أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية الأسبوع الماضي، وهذا ما حدث بالفعل، والهدف تفادي تشديد السياسة النقدية بشكل مفرط.
المؤيدون للتوقف المؤقت يشيرون إلى أن تشديد الفيدرالي قد أتى بنتائجه المرجوة، حيث أدت سلسلة زيادات قوية في أسعار الفائدة، تعد الأكبر في أكثر من 40 عاماً، من مستويات قريبة من الصفر إلى أعلى من 5% خلال فترة لا تتجاوز 14 شهراً، إلى انهيار بعض البنوك الإقليمية غير المستعدة بشكل كافٍ، مما قد يؤدي إلى تقليص الائتمان وتباطؤ النمو الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض مؤشرات التضخم إلى انخفاضه خلال الفترة الأخيرة، حيث استقرت أسعار السلع بعد ارتفاع كبير خلال فترة الجائحة، وسيعود قريباً الإيجار وأسعار المنازل المنخفضة إلى المستويات الرسمية.
ومع ذلك، فإن هذا التطور لا يضمن النجاح الكامل، فالأزمة المصرفية لم تؤثر بعد سوى على جزء ضئيل من القطاع المصرفي، وهناك مصادر تمويل بديلة تسعى لسد الفجوة المتاحة، وهذا النوع من تقييد الائتمان ليس كافياً لتحقيق تأثير اقتصادي كبير.
فمعدل البطالة لا يزال عند 3.7%، وهو من أدنى مستوياته منذ عقود، وأقل بكثير من المعدل الذي يعتبره مسؤولي الفيدرالي مستداماً دون تحفيز اقتصادي زائد.
وليس من المستغرب أن تظل بعض مؤشرات زيادة الأجور السنوية مرتفعة بنسبة 6%، متجاوزة بذلك معدل التضخم الأساسي في أسعار المستهلكين الذي وصل إلى 5.3% في أيار/مايو الماضي، وهو أعلى من الهدف المستهدف لمعدل التضخم بنسبة 2%.
وحتى يتم مواءمة الأجور وأسعار السلع الأساسية لمستهدف التضخم للاحتياطي الفيدرالي على المدى المتوسط، فإنه لا يزال غير واضح ما إذا كانت أسعار الفائدة مرتفعة بما يكفي لتقييد النمو أم لا.
وعلى الرغم من أن نتائج السياسة النقدية تظهر ببطء، فإن هناك خطراً في أن تؤدي زيادات الفائدة الحادة التي تمت في الفترة الحالية في النهاية إلى ركود أكبر مما هو ضروري للتحكم في ارتفاع الأسعار، مما يخلق صعوبات غير مرغوب فيها.
ومع ذلك، فإن البديل أسوأ بكثير، فإذا سمح الفيدرالي للتضخم بالاستقرار، سيضطر في النهاية إلى رفع أسعار الفائدة بمعدلات أكبر، مما يؤدي إلى صعوبات أكبر في استعادة المصداقية.
لذلك، من الأفضل تحقيق الهدف المرجو لمجلس الاحتياطي الفيدرالي من المرة الأولى، حتى لو لم يتحقق بالكامل، وهذا يتطلب استمرار التشديد النقدي لفترة أطول لترويض أكثر فعلية على التضخم فى الولايات المتحدة.
الأسواق لن تفضل تشديد الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما عكسته أسعار العقود الآجلة التي أشارت إلى أن أي زيادة على أسعار الفائدة تعتبر مفاجأة غير سارة.
فضمان ارتفاع أسعار الأصول بصورة سلسة ليس ضمن مهام مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ولا يجب أن يكون الأمر كذلك، لكن السيطرة على التضخم هي من مهامه بكل تأكيد، والتي يسعي بقوة لتنفيذها.