صدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم قراءة مؤشر أسعار المنتجين الخاصة بشهر حزيران، ليوضح بأن الضغوطات والتهديدات التضخمية لا تزال مكبوحة الجماح على الصعيدين الشهر والسنوي، في حين واصل القطاع الصناعي دعم الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية.
مؤشر أسعار المنتجين انخفض بنسبة 0.5% خلال شهر حزيران، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت -0.3%والتوقعات التي بلغت -0.1% هذا على الصعيد الشهري، أما على الصعيد السنوي فقد ارتفع المؤشر بنسبة 2.8% خلال الشهر ذاته بالمقارنة مع الارتفاع السابق والذي بلغ 5.3% وبأدنى من التوقعات التي بلغت 3.1 بالمئة، أما مؤشر أسعار المنتجين الجوهري؛ ذلك الذي يستثنى منه أسعار الوقود والغذاء، فقد شهدنا ملاقاته للتوقعات على الصعيدين الشهري والسنوي، حيث ارتفع المؤشر على الصعيد الشهري ليصل إلى 0.1% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.2% في حين شهدنا ارتفاع المؤشر على الصعيد السنوي بنسبة 1.1% بالمقارنة مع القراءة السابقة أو الارتفاع السابق والذي بلغ 1.3 بالمئة.
المؤشرات الفرعية أظهرت بأن أسعار الغاز انخفضت بنسبة 1.6% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت انخفاض بنسبة 7.0%، أما أسعار السلع الاستهلاكية فقد أظهرت انخفاضاً بنسبة -0.6% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت -0.5%، حيث يعزى هذا الانخفاض إلى انخفاض أسعار الطاقة خلال الفترة الماضية، الأمر الذي انعكس على انخفاض أسعار المنتجين، وبالتالي فإن الضغوطات التضخمية لا تزال مكبوحة الجماح، ولا تشكل أية مخاطر على عجلة التعافي والانتعاش في الولايات المتحدة الأمريكية.
عامل آخر أسهم في بقاء مستويات الأسعار بشكل عام ضمن معدلات منخفضة، ألا وهو ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، ناهيك عن تشديد شروط الائتمان، الأمر الذي يعمل على تدمير مستويات الإنفاق، كما ويعمل على إضعاف مستويات الطلب، وبالتالي فليس هناك أية ضغوطات على الأسعار تسهم في رفعها لغاية الآن.
ارتفاع معدلات البطالة إلى جانب تشديد شروط الائتمان أجبرا الاقتصاد الأمريكي على التراجع وبشكل طفيف عند بداية الربع الثاني من العام الجاري، الأمر الذي يدل على أن الأنشطة الاقتصادية ستتباطأ بالتزامن مع بداية النصف الثاني من العام الجاري، على الرغم من الحقيقة التي تؤكد على أن الاقتصاد الأمريكي نما بنسبة 2.7% خلال الربع الأول من العام الجاري 2010، كما ونما بنسبة 5.7% خلال الربع الرابع من العام الماضي 2009، مع الإشارة إلى أن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيفشل في تسجيل مثل تلك المستويات خلال الربع الثالث من العام الجاري، وذلك بسبب استمرار تراجع الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة، الأمر الذي يجبر الاقتصاد على النمو بنسب متواضعة.
وقد أكد محضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة يوم أمس على أن معدلات البطالة ستتراجع تدريجيا مع نهاية العام الحالي لتنحصر بين 9.2 – 9.5%، مقارنة بالتقرير السابق الذي أشار إلى ان معدل البطالة سينحصر بين 9.1 – 9.5% خلال العام 2010، في حين يتوقع البنك الفدرالي أن معدلات البطالة ستتراوح بين 8.3 – 8.7% خلال العام 2011 مقابل التوقعات السابقة التي بلغت 8.1 – 8.5%، أما توقعات العام 2012 فقد تنحصر معدلات البطالة بين 7.1 – 7.5% مقابل التوقعات السابقة التي بلغت 6.6 – 7.5 بالمئة.
إلا أن الجانب المضيء في المسألة كان بأن البنك الفدرالي أكد على كونه لا يزال يشير إلى أن التضخم سيبقى تحت السيطرة خلال العامين المقبلين، حيث أشار البنك الفدرالي إلى أن الاقتصاد الأمريكي لم يعد بحاجة إلى خطط تحفيزية جديدة، وبخصوص التطلعات المستقبلية للتضخم فقد توقع البنك الفدرالي أن تنحصر مستويات التضخم الجوهرية بين 0.8 – 1.0% مقارنة بالتوقعات السابقة التي بلغت 0.9 – 1.2% خلال العام 2010، بينما من المتوقع وفقا للبنك الفدرالي أن تتراوح معدلات التضخم الجوهرية بين 0.9 – 1.3% خلال العام 2011 مقابل التوقعات السابقة التي بلغت 1.0 – 1.5%، أما العام 2012 فقد تتراوح معدلات التضخم الجوهرية بين 1.0 – 1.5% مقابل 1.2 – 1.6%..
وقد أكد مؤشر أسعار المنتجين اليوم على أن المؤشر لا يزال بعيداً عن الحد الذي يفقلق البنك الفدرالي الأمريكي عند 2.0% الأمر الذي يؤكد على أن المخاطر التضخمية لا تزال مكبوجة الجماح، الأمر الذي قد يوفر للمستثمرين زخماً كافياً للعودة إلى الأسواق والاستثمار في الأسهم والأصول ذات العائد المتدني، مع الإشارة إلى أن الذهب والمعادن الثمينة تعد التحوط الأمثل بالنسبة للتضخم، وبما أن التضخم لا يشكل تهديداً، فالمستثمرون سيبتعدون عن الذهب، في حين قد يرتفع الدولار -النظير العكسي للذهب- خلال جلسة تداولات اليوم.
ولكن قطاع الصناعة الأمريكي قد يجبر المستثمرين على توسيع استثماراتهم في الذهب والدولار الأمريكي معاً بصفتهما ملاذين آمنين، في الوقت الذي تراجعت فيه أنشطة القطاع الصناعي، وذلك في نيويورك، لنشهد انخفاض مؤشر نيويورك الصناعي ليصل إلى 5.08 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 19.57 والتوقعات التي بلغت 18.00.
يذكر بأن القطاع الصناعي ساعد الاقتصاد الأمريكي على تسجيل معدلات نمو جيدة خلال الربع الرابع من العام الماضي 2009، كما وساعد الاقتصاد على النمو خلال الربع الأول من العام الجاري 2010، ولكن مع تراجع الأنشطة الاقتصادية في القطاع، فإن البنك الفدرالي الأمريكي أشار إلى أن النمو سيكون بوتيرة معتدلة خلال الفترة القادمة، مع الإشارة إلى أن الأنشطة الاقتصادية قد تشهد المزيد من التواجع والتباطؤ خلال الربعين الثالث والرابع من العام الجاري، قبيل أن تعود الأنشطة للارتفاع من جديد ومساعدة الاقتصاد الأمريكي في النمو على المدى البعيد بحلول العام المقبل 2010.
قطاع الصناعة الأمريكي أصدر أيضاً قراءة مؤشر الانتاج الصناعي، لنشهد ارتفاع الانتاج الصناعي خلال شهر حزيران بنسبة 0.1% بالمقارنة مع الارتفاع السابق والذي بلغ 1.2% ولاذي تم تعديله إلى 1.3%، وبأعلى من التوقعات التي بلغت -0.1%، أما معدل استغلال الطاقة فقد انخفض خلال حزيران بنسبة 74.1% بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 74.7% والتي تم تعديلها إلى 74.1% وبتطابق مع توقعات الأسواق.
كما وأصدر القطاع الصناعي أيضاً قراءة مؤشر فيلادلفيا الصناعي عم شهر تموز، حيث شهدنا انخفاض المؤشر وبأدنى من التوقعات، مع الإشارة إلى أن التوقعات كانت تشير إلى ارتفاع المؤشر ليصل إلى 10.0، إلا أن المؤشر صدر عند 5.1 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 8.0، الأمر الذي يؤكد ما حاءت به بيانات قطاع الصناعة الأمريكي اليوم، والتي أشارت إلى أن الأوضاع في قطاع الصناعة تشهد تباطؤ ملحوظ.
المؤشرات الفرعية أظهرت بأن الأسعار المدفوعة ارتفعت لتصل إلى 13.1 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 10.0 في حين انخفضت الأسعار المستلمة لتصل إلى -8.4 بالمقارنة مع الانخفاض السابق والذي بلغ 6.5، أما الطلبات الجديدة فقد انخفضت لتصل إلى 4.3 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 9.0 في حين أن مؤشر الشحنات ارتفعت إلى 4.0 من 14.2، أما الطلبات الغير مكتملة فقد انخفضت لتصل إلى -8.6 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت -0.1 أما المخزونات فقد انخفضت لتصل غلى 4.5 من 4.6، وعن التوظيف فقد أظهر المؤشر تحسناً طفيفاً ليصل إلى 4.0 من -1.5.
وفي النهاية فلا بد لنا من الإشارة إلى أن المتداولين سيجبرون الأسواق على التأرجح اليوم، حيث ستضغط نتائج JPMorgan Chase & Co المالية على السوق ليرتفع، بينما أداء قطاع الصناعة المخيب للآمال سيضغط على مؤشرات الأسهم الأمريكية، ليجبرها على الانخفاض، وبذلك تبقى الأسهم بين مطرقة الارتفاع وسندان الانخفاض في تداولات اليوم.