أطل اليوم المرتقب من المستثمرين فالقارة العجوز حاملة في جعبتها العديد من الخبايا، فمن المنتظر أن يقوم كلا من البنكين الأوروبيين العملاقين بإعلان عن سياستهم النقدية وسط حبس الأنفاس لأهم مزادين أوروبيين لبيع السندات من كلا من ايطاليا و أسبانيا.
يتوقع أن يبقي البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة المرجعي عند 1.0% بعد أن لجأ الشهر الماضي إلى تخفيضه بمقدار 0.25% ، ضمن المساعي لدعم مستويات النمو المتباطئة خاصة بعد الدخول في ركود اقتصادي طفيف، و التوقعات في الوقوع بركود اقتصادي عميق بعد تفاقم أزمة الديون السيادية خلال الربع الحالي.
يأتي ترقب الأسواق المالية لقرار البنك المركزي الأوروبي مع المطالب بزيادة تدخل البنك لاحتواء أزمة الديون و شراء كميات أكبر من سندات دول منطقة اليورو المتعثرة أي بمعنى أخر سياسة تخفيف كمي على خطى البنك الفدرالي والبنك المركزي البريطاني.
صرح ديفيد ريلي رئيس التصنيفات السيادية في فيتش انه يتوجب على البنك المركزي الاوروبي شراء كميات أكبر من سندات دول منطقة اليورو المتعثرة بهدف دعم ايطاليا ومنع انهيار "كارثي" لنظام العملة الموحدة ( اليورو).
قال ريلي ان انهيار اليورو سيكون كارثة للاقتصاد العالمي مضيفا أن هذا ليس التصور المحتمل الرئيسي لفيتش الا انه قد يحدث اذا لم تجد ايطاليا وسيلة لحل مشاكل ديونها، مضيفا أن ايطاليا تتمتع بأهمية كبيرة اقتصاديا تستلتزم الحيلولة دون انهيارها وأن البعض قد يقول انها أكبر من أن ينقذها أحد.
حث ريلي البنك المركزي الاوروبي على التخلي عن تردده الحالي بشأن زيادة شرائه من سندات دول منطقة اليورو التي تواجه مشاكل مثل السندات الايطالية والتخلي عن معارضته لصندوق الاستقرار المالي الأوروبي و الاقتراض منه مباشرة.
هذا ما يراه البنك المركزي الأوروبي أمرا مرفوضا و غير مطروح على الطاولة خاصة بعد أن قرر المجلس الحكومي في البنك المركزي الأوروبي خلال الاجتماع الأخير تبني سياسات مالية غير اعتيادية ضمن المساعي لضخ السيولة للقطاع المصرفي في منطقة اليورو، فقد قدم عمليتا إعادة تمويل طويلة الأمد أجل كلا واحدة منهم ثلاثة أعوام، و هذا بمعدل فائدة ثابت.
بعدها قام البنك المركزي الأوروبي بمنح 489 مليار يورو من هذه القروض، و كانت هذه محاولة من البنك المركزي لتفادي وقوع أزمة سيولة في الأسواق الأوروبية وسط تفاقم ازمة الديون السيادية في منطقة اليورو، و على الرغم من جميع هذه المساعي إلا أن الودائع لليلة واحدة من البنك المركزي قد سجلت مستويات قياسية جديدة عند 482 مليار يورو يوم الثلاثاء الماضي مما يشير إلى ان البنوك الأوروبية لا تستعمل القروض للهدف الذي أنشئت من أجله و هذا ما سوف يضعنا أمام خيار سيء جدا يشبه ما حدث في 2008 عندما انهار بنك ليمان بردز.
عزيزي القارئ، لم يبقى أمام البنك المركزي خيارات عديدة، فإن خيار تخفيض سعر الفائدة في الوقت الراهن ليس بالصائب خاصة مع التخفيضات الأخيرة في أسعار الفائدة فلابد للبنك المركزي من الانتظار و رؤية أثر هذه السياسات المسيرة.
تتزايد التوقعات بأن يلجأ البنك لتخفيض سعر الفائدة المرجعي خلال النصف الثاني من العام الجاري خاصة مع التوقعات بوقوع الاقتصاد في ركود اقتصادي عميق، و ترى منظمة التعاون و التطوير الدولي أن اقتصاد المنطقة يقع حالياً في دائرة انكماش طفيف و أنه سينكمش أيضاً خلال الربع الأول، و هي نظرة قد تكون سليمة وسط انكماش قطاع الصناعة و الخدمات و البناء خلال الأشهر القليلة الماضية و البيانات الأساسية من اقتصاد منطقة اليورو.
تواجه الاقتصاديات الأوروبية ضعفا عاما في أداء اقتصادياتها على رأسها ارتفاع الديون العامة لمستويات قياسية و عدم قدرة الحكومات الأوروبية على الحصول على التمويل الكافي لسداد احتياجاتها وسط الارتفاع الكبير في العائد على السندات لمستويات قياسية و الذي جعل أغلبية مزادات لا تكلل بالنجاح الباهر.
يبقى الهم الأكبر لدى المستثمرين يتمركز حول المزادات التي تعقدها كلا من ايطاليا و أسبانيا خاصة و أن هذه البلدان تواجه ارتفاعا مطردا في الديون العامة و مهددة بالوقوع في خطر عدم القدرة على السداد، و من هنا فأننا على موعد مع المزاد الأسباني لبيع السندات ذات أمد استحقاق في 2016، و من المقرر أن تقوم الحكومة الايطالية ببيع سندات ذات أمد قصير.
و أخيرا، أننا على موعد مع قرار البنك المركزي البريطاني، إذ من المتوقع أن يُبقي البنك المركزي البريطاني سعر الفائدة المرجعي عند 0.50% الأدنى منذ تأسيس البنك، مع إبقاء برنامج شراء الأصول عند 275 مليار جنيه ، و داعما لمستويات النمو المتباطئة في المملكة المتحدة.
تخافتت التوقعات بقيام البنك المركزي البريطاني بتعديل سياسته النقدية، خاصة بعد أن أعلن البنك عن توفير آلية جديدة لضخ السيولة بالجنيه للأسواق المالية، فقد قدم آلية جديدة للنظام المصرفي في حال استمرت الضغوط الاستثنائية التي تواجهها الأسواق المالية وسط ضيق شروط الائتمان بين البنوك البريطانية.