قرر البنك المركزي البريطاني إبقاء سعر الفائدة المرجعي عند 0.50% الأدنى منذ تأسيس البنك، كما أنه أبقى على برنامج شراء الأصول عند 325 مليار جنيه، بعد أن كان قد رفعه بقيمة 50 مليار جنيه في الاجتماع السابق دعماً للاقتصاد الذي وقع في ركود اقتصادي طفيف و يتوقع أن يقع في ركود اقتصادي عميق خلال النصف الأول من العام الجاري وسط تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو.
يحاول البنك المركزي البريطاني ضبط الأسعار و لكن تركيزه الأكبر حالياً لدعم الاقتصاد الذي الذي يقع في دائرة الانكماش حالياً أعمق من ما سجله في الربع الرابع، حيث ظهرت قراءة الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع من العام الماضي انكماشا بنسبة 0.2% مقارنة بالنمو خلال الربع الثالث بنسبة 0.6%، في حين أن كل الاشارات التي ظهرت مؤخراً احتمالية ركود الاقتصاد الملكي بوتيرة أعمق من ما سجله خلال النصف الأول من العام الجاري.
جاء القرار بتثبيت سياسة التيسير الكمي هذه بعد أن قام البنك بتوسيعه خلال الاجتماع السابق بعد أن أكدت المؤسسة الوطنية للابحاث الاقتصادية و الاجتماعية أن الاقتصاد الملكي قد يحقق انكماشاً بنسبة 0.2% خلال العام الجاري وسط تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو ، و تراجع الصادرات ، و انخفاض الثقة في قطاع الأعمال.
أشار ميرفن كينج محافظ البنك في جلسة الاستماع أمام البرلمان البريطاني أنه يستبعد قيام البنك برفع برنامج شراء الأصول هذا الشهر بعد ما قام برفعه 50 مليار الشهر الماضي، و الذي لا يزال آثاره الايجابية لم تظهر جميعها على جوانب الاقتصاد، و جاءت اشارة كينج هذه على الرغم من قيام عضوين من أصل تسعة بالتصويت لرفع البرنامج بقيمة 75 مليار جنيه بدلاً من 50 مليار نظراً لحاجة الاقتصاد لذلك.
و لم يكترث البنك المركزي لما تراه المنظمات المحلية أو الخارجية باحتمالية انكماش الاقتصاد البريطاني بشكل عميق مثل المؤسسة الوطنية للابحاث الاقتصادية و الاجتماعية، و لم يكترث حتى لغرفة التجارة البريطانية التي خفضت توقعاتها لنمو اقتصاد المملكة المتحدة إلى 0.6% مقارنة بما توقعت في السابق عند 0.8%.
هذا و قد أخذ البنك المركزي البريطاني بعين الاعتبار عدم الانتهاء بعد من مدة برنامج شراء الأصول الذي رفعه مؤخراً إلى 325 مليار جنيه، و الذي سيستغرق حتى شهر أيّار حتى ينتهي، الأمر الذي قد يدعم الاقتصاد خلال هذه الفترة و يُجنبه حالة الانكماش المتوقعة.
و من جهة أخرى، على الرغم لما للسياسات التقشفية التي تتخذها الحكومة من آثار سلبية حسب الاشارت التي نراها أو مطالبة المؤسسات بدعم مستويات الإنفاق العام لتجنب وقوع البلاد في ركود اقتصادي عميق نتيجة لارتفاع معدلات البطالة، فقد ترتفع معدلات البطالة في المملكة إلى 9.1%، و لكن وكالة موديز من جانبها أعربت عن فاعلية الخطط التقشفية التي تبنتها الحكومة البريطانية و مساهمتها على المحافظة على تصنيف الاقتصاد الائتماني نظراً لخفض العجز الحكومي التي تهدف له الحكومة.
أما عن معدل التضخم، فنلاحظ عزيزي القارئ أن ما يراه البنك أو ما يذكره حول مستويات التضخم بأن ستتراجع بشكل حاد خلال الربع الأول من العام الجاري فعلاً يحدث، فقد تراجعت مستويات التضخم لتصل خلال شهر شباط على الصعيد السنوي إلى 3.6% مقارنة مع المستويات السابقة عند 4.2%.
إن هذا التراجع في معدل التضخم قد زاد من نسبة الثقة في موقف البنك المركزي و مدى مصداقيته، و ساعده أيضاً لاتخاذ السياسات التحفيزية لدعم الاقتصاد دون الخوف من مستويات التضخم التي وصلت لمستويات مرتفعة جداً أثارت الذعر في نفوس المستثمرين.
أما عن محضر اجتماع البنك الماضي، فقد كان تصويت الأعضاء بالاجماع 9-0 أي أن التسعة أعضاء على إبقاء سعر الفائدة المرجعي ثابتاً عند 0.50% و لكن اختلف الأعضاء على برنامج شراء السندات ليأتي التصويت عند 2-7، و بالنسبة لبرنامج شراء الأصول، فقد صوت سبعة من أعضاء اللجنة على رفع البرنامج بقيمة 50 مليار جنيه، في حين صوت عضوين على رفعه بقيمة 75 مليار جنيه.
قام البنك المركزي البريطاني في الاجتماع الماضي برفع حجم برنامج شراء الأصول بقيمة 50 مليار جنيه نظراً لتباطؤ وتيرة النمو في الاقتصاد الملكي، و تراجع أداء الاقتصاد في الآونة الأخيرة مسجلاً وتيرة انكماش أسوأ من ما كان متوقعاً لينكمش بنسبة 0.2% خلال الربع الرابع من العام الماضي، الأمر الذي أجبر البنك على تحفيز الاقتصاد و رفع برنامج شراء الأصول.
و لكن برأي عضوين من أعضاء اللجنة ألا و هما أدام بوسن و دايفد مايلز، كان رفع البرنامج شراء الأصول بقيمة 50 مليار جنيه غير كافي لدعم الاقتصاد الذي يعاني من صعوبات و تحديات كبيرة جداً تضغط عليه سلبياً، فقد طالب العضوين برفع برنامج شراء الأصول بقيمة 75 مليار جنيه، و ذلك وسط ضعف الاقتصاد الذي يعاني كما أشرنا من صعوبات عديدة و يتأثر بشكل كبير من أزمة الديون السيادية في المنطقة المجاورة.
وردد صانعو السياسات في بريطانيا أن التهديد الرئيسي يأتي من اقتصاد منطقة اليورو وسط أزمة المديونية المتصاعدة والتي ساهمت في انتشار الاضطراب، ناهيك عن الزعزعة التي ألقتها على مستويات الثقة عالمياً والتي بدورها أثرت على مستويات الإنفاق في بريطانيا و حدّت من الصادرات البريطانية بشكل كبير.