ليس فقط سياسات حكومات منطقة اليورو التقشفية وراء ارتفاع معدل البطالة و كذا انكماش الاقتصاد، لكن الشركات انتهجت أيضا سياسات انكماشية منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية و ما تبعها بعد ذلك من تفجر أزمة الديون السيادية في المنطقة.
سياسات خفض التكاليف في ظل ضعف مستويات الطلب سواء محليا او على الصعيد العالمي دفع بالشركات إلى تسريح العمالة بالتوازي مع انخفاض الإنتاجية و كذا الاستمرار في إصلاحات هيكلية نتج عنه رفع لعدد العاطلين عن العمل داخل المنطقة.
منطقة اليورو حققت انكماش في الربع الثالث بنسبة -0.1% ليأتي أفضل نسبيا من الربع الثاني لانكماش بنسبة -0.2%.
البنك المركزي الأوروبي أبقى على السياسة النقدية دون تغير في اجتماع الشهر الجاري لتظل عند 0.75% وذلك في ظل تعهد البنك و التزامه بتقديم كل ما يلزم لدعم اقتصاديات المنطقة هذا في الوقت الذي تهمين فيه نظرة مستقبلية متشائمة إزاء وتيرة النمو للمنطقة حتى نهاية العام الجاري.
وهذا ما أجبر البنك على خفض توقعات النمو للعام الحالي لتصل إلى تحقيق انكماش بنسبة -0.5% من -0.3% للتوقعات السابقة، وبالنسبة للعام القادم يتوقع أن تحقق انكماش بنسبة -0.3% من -0.6%.
المفوضية الأوروبية أيضا تتبنى تقريبا نفس وجهة النظر السلبية إزاء المنقطة، وقامت مؤخرا بخفض توقعاتها للنمو حيث ترى إمكانية تحقيق منطقة اليورو انكماش بنسبة 0.4% خلال العام الجاري وإمكانية تحقيق نمو ضعيف بنسبة 0.1% في العام القادم 2013، وتتوقع المفوضية أن يصل معدل البطالة إلى ذروته في عام 2013 ومحققا مستويات 12%.
لنا أن نشير هنا إلى أنه لايزال هنالك عدة دول في المنطقة ترضخ تحت وطأة الانكماش، في ايطاليا – ثالث اكبر اقتصاديات المنطقة- أظهرت البيانات تحقيق انكماش في الربع الثالث بنسبة -0.2% في ظل تعمق الركود للربع الخامس على التوالي و إن كان تلك القراءة قد أظهرت تحسنا نسبيا عن الربع الثاني الذي كان منكمشا بنسبة -0.7%.
معدل البطالة ارتفع في إيطاليا خلال أكتوبر/تشرين الأول مسجلا مستوى 11.1% من 10.9% للقراءة السابقة، بينما مازالت اليونان و أسبانيا صاحبا أكبر معدل بطالة في المنطقة بنسبة 25.4% و 25.02% على التوالي.
وفي تقرير منفصل أظهر توقعات أسعار المستهلكين السنوي و هو مؤشر مبدئي للتضخم في منطقة اليورو حيث انخفض مسجلا 2.2% من 2.5% للقراءة السابقة بينما كانت التوقعات بنسبة 2.4%
وفي التقرير الشهري الأخير للبنك المركزي الأوروبي أشار إلى أن هنالك اتجاه صاعد لمستويات التضخم بفعل ارتفاع أسعار الطاقة عالميا و ارتفاع الضرائب غير المباشرة، لذا يتوقع ان يظل معدل التضخم أعلى من المستوى المستهدف بنسبة 2% حتى نهاية العام الجاري قبل أن يتراجع خلال العام القادم و من ثم يبقى ضمن فوق أو أدنى المستوى المستهدف على المدى المتوسط.
وبالتالي رفع البنك توقعاته بشأن التضخم مقارنة بآخر التوقعات التي أعلن عنها منذ ثلاث أشهر، التضخم قد يصل إلى 2.5% بنهاية العام الجاري مقارنة بنسبة 2.3% للتوقعات الأخيرة، ويتوقع أن يسجل 1.9% في العام القادمة 2013 من 1.7%.