قوة اليورو مقابل الدولار قد تصبح واسعة الانتشار
Investing.com - مع اقترابنا من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومراهنة المستثمرين على أوقات صعبة للدولار، أصبح اليورو هو العملة التي يتم اللجوء إليها للأمان والسيولة. قد يكون هذا مصدر فخر لأصحاب القرار السياسي في أوروبا، بسبب كيفية تعاملهم مع وباء الكورونا حتى الآن. ولكن لسوء الحظ، فإن ذلك سيتسبب بمشكلة للمصدرين في القارة، وعلى رأسهم الشركات الصناعية.
ويقول كت يوكس، محلل العملات في بنك سوسيتيه جينيرال "إن قيمة الدولار مبالغ فيها للغاية، ولكن اليورو ليس مسعراً بأقل من قيمته الحقيقية بكثير".
ومع وجود إشارات على أن الصناديق الاستثمارية، تستثمر في خيارات ارتفاع اليورو، فإن الحركة الأخيرة للمستثمرين بإتجاه العملة الموحدة يمكن أن تتحول بسهولة إلى تدافع حقيقي إذا استمر الهروب من الدولار. كنت كتبت من قبل إن هذا من شأنه أن يضع رئيسة البنك المركزي الأوروبي (كريستين لاغارد) في موقف حرج للغاية، لأنها ستجد صعوبة في محاربة اليورو الذي سيكون حينها قد أصبح قوياً للغاية. ليس لدى البنك المركزي الأوروبي تفويض رسمي ضمن مهامه للتحكم في أسعار العملة الموحدة، لكن تصرفاته تساعد على ذلك بالتأكيد. لقد أوشك البنك على بلوغ الحد الأقصى الممكن من إجراءات الاستجابة التي تقدمها السياسة النقدية، فهو يدير حالياً برنامج عملاق لشراء السندات بهدف مقاومة الآثار الاقتصادية لوباء كورونا، وأسعار الفائدة الحالية تتواجد في منطقة عميقة من الأسعار السلبية.
لقد أشار محضر اجتماع يوليو لمجلس البنك المركزي الأوروبي، والذي صدر يوم أمس الخميس، إلى أن العديد من أصحاب القرار في البنك قد تساءلوا عما إذا كان يجب على البنك أن يستخدم الطاقة الكاملة لبرنامج التسهيل الكمي البالغ 1.35 تريليون يورو (1.6 تريليون دولار). هذه ليست إشارة إلى أن الخيارات المتاحة تتضمن طباعة المزيد من اليورو، أو اتخاذ تدابير من شأنها تخفيض قيمة العملة.
تقول المديرة التنفيذية لعمليات السوق في البنك المركزي الأوروبي (إيزابيل شنابل) أن التفاؤل في الأسواق المالية (من كون الأسهم الأمريكية قد وصلت إلى أعلى مستوياتها التاريخية) قد "أثار تساؤلات بشأن قوة ومرونة معنويات المستثمرين في الوقت الحالي". لديها وجهة نظر. إذا حصل تصحيح كبير على مؤشر (ستاندرد آند بورز 500)، فسيؤدي ذلك إلى دفع الدولار للانخفاض، وبالتالي، قد يكون اليورو هو المستفيد الأكبر لأنه ثاني أكثر العملات سيولة. تعتمد منطقة اليورو على الصادرات من أجل تحقيق النمو الاقتصادي، لذلك، فإن المشكلة في ارتفاع سعر اليورو، هي أنه قد يتسبب في خنق هذا الانتعاش الذي بدأ في الظهور بعد التوقف الاقتصادي الذي تسبب به وباء كورونا.
كما أن هناك فجوة آخذة في الاتساع بين المعنويات الاقتصادية في الولايات المتحدة، وأداء الأسهم في البلاد. لقد أعطى محضر اجتماع 28 و29 يوليو لمجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي، والذي صدر مساء الأربعاء، تقييماً قاتماً للاقتصاد الأمريكي، تضمن خفض تقديرات النمو في النصف الثاني من العام. ويوم أمس، أظهرت البيانات ارتفاع مطالبات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة لما فوق حاجز المليون مطالبة. بالنسبة لبعض المستثمرين، فإن هذه المؤشرات توضح أن هنالك مخاطر يجب بدء التحوط ضدها.
هذا التأثير يظهر في أسواق السندات أيضاً. لقد حقق مزاد سندات الخزينة الألمانية لـ 30 عام يوم الأربعاء أعلى طلب على الإطلاق، على الرغم من تقديم عائد سلبي. وبحسب ما يبدو، فإن هذا الطلب قد كان مدفوعاً بإهتمام من دول خارجية. من المنطقي بالنسبة لصناديق المعاشات التقاعدية وشركات التأمين اليابانية أن تتحوط مقابل سندات العملات الأجنبية التي تستثمر بها، إذا كانت تخشى المزيد من الضعف في العملة الأمريكية.
وبعد أن قام الاتحاد الأوروبي أخيراً بتوحيد جهود إنعاش الإقتصاد من طرفي السياسة (السياسة المالية والسياسة النقدية)، قد ينتهي به الأمر إلى أن يكون ضحية لنجاحه. لا تحتاج منطقة اليورو إلى أداء اقتصادي فائق الجودة لجذب التدفقات الاستثمارية القادمة من الخارج، لأنها ببساطة ثاني أفضل مكان لإيداع الأموال بعد الولايات المتحدة. وإذا فقد الدولار بريقه، فقد يصبح اليورو مطلوباً بشدة، لدرجة تتجاوز مصلحته الخاصة.
ماركوس أشورث هو كاتب (آراء بلومبرغ)، يغطي الأسواق الأوروبية. لقد أمضى أشورث ثلاثة عقود في الصناعة المصرفية، كان آخرها في وظيفة الاستراتيجي الرئيس للأسواق في شركة هايتونج للأوراق المالية في لندن.