من ستيفن كالين
الموصل (العراق) (رويترز) - هاجمت القوات العراقية آخر مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في المدينة القديمة بالموصل يوم الجمعة بعد يوم من إعلان الحكومة رسميا عن نهاية دولة الخلافة التي أعلنها المتشددون والسيطرة على المسجد التاريخي الذي اعتبر رمزا لنفوذ الجماعة المتشددة.
وفر عشرات المدنيين معظمهم من النساء والأطفال نحو القوات العراقية وسط أزيز طلقات في الهواء. وكانوا عطشى ومتعبين وبعضهم مصابون بجروح.
وقال قادة جهاز مكافحة الإرهاب بالمدينة إن المعارك القادمة ستكون صعبة لأن معظم المتشددين أجانب ويتحصنون بين آلاف المدنيين ومن المرجح أن يحاربوا حتى الموت.
وقال اللواء معن السعدي من جهاز مكافحة الإرهاب لرويترز إن السيطرة على الأحياء القليلة الباقية على ضفاف نهر دجلة التي يدافع عنها حوالي 200 من مقاتلي الجماعة المتشددة من المنتظر أن تستغرق ما لا يقل عن أربعة إلى خمسة أيام من القتال.
وأضاف أن التقدم مستمر حتى حي الميدان و"السيطرة عليه معناها يوصلنا إلى نهر دجلة وبذلك يكون قد قسمنا المدينة القديمة لقسمين، الجزء الجنوبي والجزء الشمالي وأحكمنا السيطرة على نهر دجلة".
ونفى مقاتلو الدولة الإسلامية الهزيمة. ووفقا لأحد التقديرات لا يزال التنظيم، الذي أعلن زعيمه دولة "الخلافة" على أجزاء من العراق وسوريا قبل ثلاثة أعوام، يسيطر على منطقة تعادل مساحة بلجيكا في البلدين المتجاورين.
وسيمثل سقوط الموصل النهاية الفعلية للنصف الواقع في العراق مما تسمى دولة الخلافة وإن كان التنظيم لا يزال مسيطرا على أراض إلى الغرب والجنوب من المدينة ويعيش تحت حكمه مئات الآلاف.
ومدينة الرقة معقله في سوريا محاصرة أيضا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الخميس إن قوات تدعمها الولايات المتحدة تطوق المدينة بعد إغلاق آخر مخرج أمام المتشددين من الجنوب. وشن مسلحو الدولة الإسلامية هجوما مضادا يوم الجمعة.
* مدنيون يائسون
وقال بعض من استطاعوا الهرب إن الموقع الذي يسيطر عليه المتشددون عرضه بضع مئات من الأمتار وإن عشرات الآلاف من المدنيين محاصرون هناك في ظروف سيئة لا يتوفر لهم إلا القليل من الطعام والماء والدواء ولا يمكنهم الحصول على خدمات صحية.
وتدفق من فروا يوم الجمعة عبر الأزقة قرب جامع النوري الكبير الذي فجره مقاتلو الدولة الإسلامية قبل أسبوع.
ورأى مراسل لرويترز سحب الدخان تتصاعد فوق المناطق المطلة على النهر وسط دوي المدفعية والرصاص. وقال إن قوات غربية من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تساعد بتقديم استطلاع جوي ودعم بنيران مدافع الهاون.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يوم الخميس نهاية دولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية ووصفها بأنها "دويلة الباطل" بعد أن تمكنت وحدات قوات مكافحة الإرهاب من السيطرة على أرض الجامع الأثري المدمر الذي بني قبل 850 عاما.
وكان زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قد أعلن من على منبر جامع النوري الكبير قيام دولة "الخلافة" قبل ثلاث سنوات.
وفضل المتشددون تفجيره على أن تنزل راية التنظيم المتشدد من على مئذنته "الحدباء" التي كانت ترفرف عليها منذ يونيو حزيران 2014.
وطغت معاناة عشرات الآلاف، الذين دُمرت حياتهم بعد أن فقدوا أقاربهم ومنازلهم أو أعمالهم، على مشاعر الانتصار.
وقال محمود وهو سائق سيارة أجرة في الجانب الشرقي من الموصل الذي استعادته القوات من قبضة المتشددين في الأيام المئة الأولى من الحملة "أسمع خطب النصر في الإذاعة لكنني لا أستطيع مقاومة الشعور بالحزن حين أرى أناسا بلا منازل وآخرين يفرون مع أطفالهم تحت حرارة الشمس الحارقة".
* حرب ضارية
تحقق الانتصار الرمزي للقوات العراقية بعد حرب ضارية استمرت لأكثر من ثمانية أشهر وتقول منظمات إغاثة إنها أدت إلى نزوح 900 ألف شخص، وهم نحو نصف سكان المدينة قبل الحرب، ومقتل آلاف المدنيين.
ونفت صحيفة النبأ التي يصدرها تنظيم الدولة الإسلامية أسبوعيا خسارة معركة الموصل وقالت إن الجيش العراقي انهار وسقط من عناصره 300 بين قتيل ومصاب.
وقالت في عنوان المقال الرئيسي "معركة الموصل من أهم معارك الإسلام ودروسها ستطبق في ساحات أخرى بإذن الله".
ويقدم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة دعما جويا وبريا للحملة التي تشارك فيها أيضا وحدات من الجيش والشرطة الاتحادية تهاجم المدينة من جهات مختلفة.
وقال الكولونيل ريان ديلون المتحدث باسم التحالف وهو من الجيش الأمريكي "تقدم قوات الأمن العراقية صعب جدا بسبب الأزقة الضيفة المفخخة ووجود مدنيين ومقاتلين من الدولة الإسلامية في كل ركن".
وكانت الخطبة التي ألقاها البغدادي من جامع النوري الكبير في الرابع من يوليو تموز 2014 المرة الأولى والأخيرة التي يكشف فيها عن نفسه للعالم.
وقالت مصادر عسكرية أمريكية وعراقية إنه ترك القتال في الموصل لقادة محليين ومن المعتقد أنه مختبئ في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا.
وذكرت مصادر بالمخابرات الأمريكية الأسبوع الماضي أن التنظيم نقل ما تبقى من هياكل القيادة والسيطرة إلى منطقة الميادين في شرق سوريا دون الإشارة إلى ما إذا كان البغدادي يختبئ أيضا في نفس المنطقة.
وأفادت تقارير متكررة بمقتل أو إصابة زعيم الدولة الإسلامية. وقالت روسيا في 17 يونيو حزيران إنها ربما تكون قتلته في ضربة جوية في سوريا. لكن واشنطن تقول إنها ليس لديها معلومات تدعم هذه التقارير كما عبر مسؤولون عراقيون أيضا عن تشككهم.
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير وجدي الالفي)