أسبوع جديد في بداية النصف الثاني من العام الحالي حيث تتصدر قرارات سعر الفائدة لكلا من المركزي الأوروبي و البريطاني الأجندة الاقتصادية هذا في الوقت الذي لاتزال فيه الضبابية مسيطرة على الأسواق بشأن الوضع الاقتصادي الذي لم يشهد الاستقرار بعد وإن كان يظهر علامات صغيرة بشأن مدى قوة عملية التعافي.
لايزال البنك المركزي البريطاني مبقيا على سعر الفائدة عند أدنى مستوى منذ تأسيس البنك عند نسبة 0.5% هذا بجانب الابقاء على برنامج شراء الأصول بقيمة 200 بليون جنيه إسترليني حتى الآن و ذلك ضمن جهود البنك لدعم الاقتصاد البريطاني. و التوقعات تشير إلى مواصلة البنك في الابقاء على نفس السياسة النقدية خلال اجتماع الأسبوع الجاري.
في الإجتماع الأخير لأعضاء لجنة السياسة النقدية الذي عقد الشهر السابق أظهر أول انقسام لرأي بين أعضاء اللجنة الثمانية حول سعر الفائدة وهو الانقسام الأول منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام السابق. جدير بالذكر أن هذا الإجتماع شكل من قبل ثمانية أعضاء فقط بعد انتهاء فترة كات باركر في 31 من مايو/ايار السابق و سوف يتم الإعلان عن العضو الجديد في الخامس من شهر يوليو/تموز الجاري لتعود اللجنة كما كانت من تسعة أعضاء.
نتيجة تصويت المحضر السابق كان عبارة عن اجماع سبعة أعضاء فقط على الابقاء على نفس السياسة النقدية دون تغير، بينما اتجه العضو أندرو سنتنس نحو رفع سعر الفائدة مقدار 25 نقطة أساس لتصبح 0.75%.
اتجه العضو سنتنس إلى ذلك القرار بناءً على مواجهة المخاطر التصاعدية لمعدل التضخم الذي تشهده بريطانيا في الوقت الحالي، إذ صرح أنه على الرغم من عدم وضوح مدة قوة عملية التعافي في البلاد إلا أن الركود الذي شهدته بريطانيا جعل من التضخم أكثر مرونة.
وهذا تأكيد من أحد الأعضاء على مدى مايعانيه الاقتصاد البريطاني من هشاشة في النمو وعدم استقرار الأوضاع بشكل كامل خاصة مع وجود سوق عمل غاية في الضعف وهو مرآة للنشاط الاقتصادي في البلاد هذا بخلاف ما تسعى الحكومة البريطانية إليه من حيث خفض الإنفاق العام لإحتواء عجز الموازنة.
معدل التضخم في بريطانيا بعد ان سجل مستوى 3% في فبراير من العام السابق اتجه للصعود فوق ذلك المستوى الذي يعد الحد الأعلى للمستوى الآمن لاستقرار الأسعار وفقا لمعايير البنك البريطاني، وفي الأشهر اللاحقة واصل ارتفاعه لتظهر آخر القراءات تسجيله مستوى 3.7% في أبريل/نيسان وهو أعلى مستوى منذ السبعة عشر شهر إلا أنه تراجع في مايو/ايار ليسجل 3.4% لكن لايزال أعلى من المستوى المعياري للبنك.
تقرير التضخم الربع السنوي الذي صدر في مايو/أيار السابق أشار إلى بقاء معدل التضخم مرتفعا عن الحد الأعلى للاسعار حتى نهاية العام الحالي و من ثم سيتجه إلى التراجع بفعل فائض الطاقة الإنتاجية و ضعف مستويات الإستهلاك و الإنفاق.
يقف الاقتصاد البريطاني بشكل عام في موقف حرج إذ أن النمو الذي حققه على مدار الربع الأخير من العام السابق بنسبة 0.4% و الأول من العام الحالي بنسبة 0.3% يعد متواضعا خاصة مع ضعف سوق العمل وبجانب أن الإجراءات التي سوف تتخذها الحكومة لخفض الإنفاق العام خلال العام الحالي و على مدار الخمس سنوات القادمة من شأنها أن تؤثر على عملية التعافي و هو الأمر الذي يعد غاية في الحساسية لنمو الاقتصاد.
ووفقا لتقرير الموازنة الطارئ الذي أعد تحت قيادة وزير المالي جورج اوزبورن أظهر فيه هدف الحكومة نحو خفض عجز الموازنة إلى 1.1% في عام 2015 من من 11.5% كنسبة من الناتج المحلي, و توقع التقرير أن يحقق الاقتصاد نمو بنسبة 1.2% في عام 2010 يتبعه نمو بنسبة 2.3% في العام القادم، ويتبع ذلك تحقيق نمو بنسبة 2.8% في عام 2012 ثم 2.9% في عام 2013. و تشير التوقعات إلى أنه قد يحدث تسارع للنمو بداية من الربع الثاني من العام الحالي.
أخيرا استكمالا لبيانات أداء القطاعات الرئيسية في بريطانيا حيث ينتظر أن يتم الإعلان عن مؤشر مدراء المشتريات للخدمات عن شهر يونيو/حزيران و الذي يشهد تباطؤ في وتيرة النمو مقارنة بأداء القطاع الصناعي الذي استفاد بشكل كبير من تراجع قيمة الجنيه الإسترليني لكن قراءة شهر يونيو السابق أظهرت تراجع وتيرة النمو عن شهر مايو/أيار.
انتقالا إلى منطقة اليورو فهي أيضا على موعد مع البيانات الهامة المنتظر صدورها خلال الأسبوع الحالي، بداية بالقراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الأول و مرورا ببيانات أداء القطاع الخدمي و انتهاءا بقرار البنك المركزي الأوروبي.
في الربع الأول من العام الحالي أظهرت القراءة التمهيدية نمو اقتصاديات منطقة اليورو الستة عشر بنسبة 0.2% ودون تغير عن القراءة الأولية إلا أن القراءة ارتفعت على المستوى لتسجل 0.6% من 0.5%، و كانت البيانات الفرعية التي صدرت مع القراءة اظهرت نمو الصادرات التي دعمت النمو بشكل كبير إلى 2.5% من 1.7% لقراءة الربع السابق، و يأتي ذلك النمو من استفادة اقتصاديات منطقة اليورو من تراجع اليورو امام العملات الرئيسية الاخرى و على رأسهم الدولار الأمريكي على خلفية تداعي أزمة الديون السيادية في المنطقة. اليورو تراجع أمام الدولار الأمريكي بنسبة 15% منذ بداية العام الحالي الأمر الذي دعم من التنافسية السعرية لسلع المنطقة على المستوى العالمي.
توقعات البنك المركزي بشان النمو تشير إلى استمرار تحقيق النمو في الربع الأول إلا أن بعض المخاوف تتعلق بشأن تراجع وتيرة اداء القطاعات الرئيسية في المنطقة مثل ما شهدته من تراجع وتيرة نمو القطاع الصناعي في يونيو/حزيران السابق، هذا فإنه من المنتظر أن تصدر القراءة النهائية لمدراء المشتريات للخدمات في المنطقة خلال هذا الأسبوع و التي من شأنها ان تعطي صورة أوضح بشأن عملية تعافي المنطقة.
في تقرير الشهر السابق للبنك المركزي الأوروبي حيث رفع من توقعات نمو المنطقة خلال العام الحالي إلى 1% من 0.8% للتوقعات السابقة، بينما خفض توقعات النمو لعام 2011 لتصل إلى 1.2% من 1.5% وذلك بسبب ضعف مستويات الطلب على المستوى المحلي في المنطقة.
بالنسبة لقرار البنك المركزي فإن التوقعات تشير إلى بقاء سعر الفائدة كما هو دون تغير بنسبة 1% وهو أدنى مستوى منذ العمل بالعملة الأوروبية الموحدة في عام 1999 هذا في الوقت الذي يحاول فيه البنك المركزي التركيز على دعم مستويات النمو في المنطقة و كذا التدخل لمواجهة أزمة الديون السيادية و دعم القطاع المصرفي في المنطقة.
كما شهدت الأسواق في الآونة الأخيرة حالة من الإضطراب لما بين مخاوف من عمق أزمة الديون السيادية و كذا قلق إزاء النمو بجانب عودة المخاوف بشأن قدرة بنوك المنطقة على تمويل نفسها، البيانات الاخيرة أظهرت تقلص طلب البنوك على القروض لأجل ثلاث أشهر لتاتي بنصف ما كان متوقعات حيث أعلن البنك عن حجم القروض التي تم الطلب عليها بلغ 131.9 كما اعلن البنك خلال الاسبوع السابق عن تراجع حجم الطلب على القروض لأجل ستة أيام الأمر الذي هدئ قليلا من حالة التوتر في الأسواق بشأن مدى القدرة المالية للبنوك.
جدير بالذكر أن بعض من الإجراءات الغير تقليدية التي اتخذها البنك الاوروبي قد انتهى أجلها مثل القروض لأجل 12 شهر، فيما يواصل البنك تقديم عروض القروض لأجل 3 شهور بالإضافة إلى التدخل في الأسواق و شراء السندات الحكومية و الخاصة من أجل التخفيف من تداعيات أزمة الديون السيادية.