تأتي البيانات الاقتصادية التي ستصدر عن الاقتصاد الأمريكي للأسبوع المقبل بأهمية كبيرة، بعد انقضاء أسبوع كان مليء بالمشاعر المختلطة التي تكوّنت لدى المستثمرين بخصوص الاقتصاديات الرئيسية حول العالم، حيث أن البيانات الصادرة خلال الأسبوع القادم من المفترض أن تكون بمثابة دلائل للاقتصاد الأمريكي حول مرحلة تعافيه من أسوأ أزمة مالية من الركود منذ الكساد العظيم، حيث أن مرحلة التعافي بدت وأنها بطيئة نوعا ما خلال الفترة الماضية، وذلك وسط التحديات التي لا تزال تقف حاجزا أمام الاقتصاد الأمريكي.
ويكمن الحدث الأكبر للأسبوع عزيزي القارئ في محضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة الذي سيتحدث فيه البنك الفدرالي عن أداء الاقتصاد منذ قرار الفائدة السابق، حيث أنه من المؤكد أن يترّق البنك الفدرالي إلى مسألة شراء سندات الخزينة، كما أنه سيتحدث أيضا عن قطاع العمالة الأمريكي، القطاع الأكثر نزيفا بين القطاعات الأمريكية.
كما أن البنك الفدرالي لا يزال بصدد التركيز على تحقيق التعافي دون أية عراقيل، مشيرا إلى أن أسعار الفائدة ستبقى ضمن مستويات متدنية وذلك لضمان سير الاقتصاد الأمريكي نحو بر الأمان متخطيا العقبات، وبما يخص التضخم فقد أكد البنك الفدرالي مرارا وتكرار بأن مستويات التضخم ستبقى تحت السيطرة خلال الفترة القادمة، حيث يعتقد البنك الفدرالي أن مستويات التضخم والمقاسة بنفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري ستبقى ضمن المستويات المرغوبة لدي البنك نفسه.
كما وسيصدر عن وزارة التجارة الأمريكية تقرير أسعار الواردات – ذلك التقرير الذي يعكس أسعار البضائع المستوردة في الولايات المتحدة – والذي من المتوقع أن يشير إلى انخفاض في أسعار الواردات خلال أيلول، وذلك وسط تباطؤ النشاطات خلال الفترة الأخيرة، بينما على الصعيد السنوي فمن المتوقع أن ترتفع الأسعار ولكن بأدنى من القراءة السابقة.
كما أن يوم الأربعاء يحمل لنا في طياته تقرير الميزان التجاري الأمريكي عن شهر آب، حيث تشير التوقعات إلى توسع العجز في الميزان وبشكل طفيف، عقب نجاح الدولار الأمريكي في توسيع أرباحه والتربع على عرش العملات الرئيسية خلال شهر آب، ومن جهة أخرى فإن ضعف مستويات الطلب المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية أسهم في توسع ذلك العجز، مع العلم أن الدولار الأمريكي انحدر إلى الأسفل وبشكل حاد منذ بداية شهر أيلول وحتى يومنا هذا.
كما أن وزارة التجارة الأمريكية ستصدر مؤشر أسعار المنتجين والمستهلكين عن شهر أيلول، حيث من المتوقع أن يظهر المؤشران بأن الأسعار لا تزال ضعيفة وسط الأوضاع التي تمر على الاقتصاد الأمريكي وبالأخص مستويات الطلب التي شكلّت ضغوطات أمام ارتفاع الأسعار، حيث أن البيانات التضخمية السابقة أشارت مجتمعة أن معدلات التضخم لا تزال تحت السيطرة.
وبالانتقال إلى باقي البيانات الصادرة نرى بأن التوقعات تشير بأن مبيعات التجزئة الأمريكية سترتفع خلال أيلول بتطابق مع القراءة السابقة، وذلك وسط ارتفاع مستويات الإنفاق لدى المستهلكين ولكن ضمن وتيرة معتدلة وتدريجية وبطيئة.
في حين أن قطاع الصناعة الأمريكي والذي توسع لأول مرة منذ آب العام 2009 بدا وأنه فشل في الاستمرار بالتوسع بذلك الشكل، حيث على الرغم من أنه شهد توسعا خلال الفترة الماضية إلا أنه تباطأ في النمو، حيث سيصدر عن القطاع مؤشر نيويورك الصناعي والذي من المتوقع أن يشير إلى أنه توسعخ خلال تشرين الأول بأفضل من القراءة السابقة.
وفي النهاية نشير إلى أنه من المؤكد عزيزي القارئ أن الاقتصاد الأمريكي خلّف المرحلة الأسوأ من الركود منذ الحرب العالمية الثانية، في حين أن الاقتصاد سيلزمه المزيد من الوقت حتى تتعافى الأنشطة الاقتصادية بالشكل التام، لتبقى هذه المعضلة مسألة وقت ليس إلا، في حين أن التوقعات تشير إلى ان الاقتصاد الأمريكي لن يكون قادرا على تحقيق النمو على المدى البعيد قبل العام 2011، وإلى ذلك الوقت سيواصل الاقتصاد إظهار مؤشرات التعافي التدريجي من أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم.