من أندرو تورشيا ورانيا الجمل ومروة رشاد
الرياض (رويترز) - من المنتظر أن توقع السعودية على صفقات بقيمة 50 مليار دولار يوم الثلاثاء في أول أيام مؤتمر الاستثمار، على الرغم من أن مقتل الصحفي جمال خاشقجي ألقى بظلاله على المؤتمر ودفع عدد من السياسيين الغربيين وكبار المصرفيين والمسؤولين التنفيذيين في العالم إلى مقاطعته.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، تمر "بأزمة بشكل ما"، لكنها ستمضي قدما في خطط التنويع الاقتصادي.
وأضاف "لا أحد في المملكة يمكنه تبريره (مقتل خاشقجي) أو تفسيره".
وقالت سيدة الأعمال السعودية لبنى العليان في الجلسة الافتتاحية إن مقتل الصحفي السعودي، الذي أثار غضبا عالميا ووتر علاقات الرياض مع الغرب، أمر "غريب على ثقافتنا"، وعبرت عن ثقتها في أن المملكة "ستخرج أكثر قوة".
وتابعت "من الطبيعي أن يميل تفكيرنا إلى التركيز على الأحداث الأخيرة المحيطة بموت جمال خاشقجي.... الله يرحمه".
وانضم مئات من المصرفيين والمسؤولين التنفيذيين بالشركات إلى مؤتمر مباردة مستقبل الاستثمار الذي يعقد في أحد فنادق الرياض الفخمة، وهو حدث سنوي يهدف إلى المساعدة في جذب رؤوس أموال أجنبية بمليارات الدولارات في إطار إصلاحات غرضها إنهاء اعتماد السعودية على صادرات النفط.
واختفى خاشقجي، وهو من المنتقدين لولي العهد السعودي، في الثاني من أكتوبر تشرين الأول بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول للحصول على وثائق لزواجه.
وبعدما ظلت السعودية تنكر على مدى أسبوعين تورطها في اختفائه، قالت الرياض يوم السبت إن خاشقجي لقي حتفه خلال شجار في القنصلية. وفي وقت لاحق، عزا مسؤول سعودي موته إلى الاختناق.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في البرلمان بأنقرة يوم الثلاثاء إنه هناك أدلة قوية على أن قتل خاشقجي كان وحشيا ومدبرا. وأضاف أنه ليس راضيا عن إلقاء الرياض مسؤولية موت خاشقجي على بعض مسؤولي المخابرات السعودية.
ويرى الكثير من المستثمرين الأجانب خطرا يتمثل في أن قضية خاشقجي، التي قوبلت بإدانات عالمية، قد تدمر علاقات الرياض مع الحكومات الغربية.
وهبط مؤشر البورصة السعودية 1.7 بالمئة في تعاملات يوم الثلاثاء بفعل استمرار مخاوف المستثمرين.
وانسحب وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين ووزراء بارزون من بريطانيا وفرنسا من المؤتمر إلى جانب مسؤولين تنفيذيين كبار ورؤساء مجالس إدارة نحو عشر من كبرى الشركات المالية مثل جيه.بي مورجان تشيس وإتش.إس.بي.سي والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد.
* صفقات جديدة
على الرغم من ذلك، من المنتظر أن توقع السعودية صفقات بأكثر من 50 مليار دولار في اليوم الأول من المؤتمر، في قطاعات النفط والغاز والصناعات والبنية التحتية مع شركات مثل ترافيجورا وتوتال وهيونداي ونورينكو وشلومبرجر وهاليبرتون وبيكر هيوز.
وقالت شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط إنها وقعت 15 مذكرة تفاهم بقيمة 34 مليار دولار.
وقال باتريك بويان الرئيس التنفيذي لشركة توتال (PA:TOTF) يوم الثلاثاء إن شركة النفط والغاز الفرنسية ستعلن عن شبكة تجزئة في المملكة مع أرامكو السعودية.
وأرسلت روسيا وفدا كبيرا بقيادة كيريل ديميترييف رئيس صندوق الاستثمار المباشر، الذي قال إن خطة السعودية للتحول الاقتصادي "مهمة للعالم" وإن إقامة شراكات بين صناديق الثروة السيادية تمثل "فرصة عظيمة".
وقال مدير صندوق الثروة السيادي في المملكة، الداعم الرئيسي للمؤتمر، إن السعودية تزداد شفافية وإن صندوق الاستثمارات العامة السعودي مستمر في تطوير صناعات جديدة في إطار الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وذكر ياسر الرميان، مدير صندوق الاستثمارات العامة السعودي، إن الصندوق استثمر في 50 أو 60 شركة عبر صندوق رؤية التابع لمجموعة سوفت بنك وسيجلب معظم هذه الشركات إلى السعودية. والتزم صندوق الاستثمارات العامة باستثمار 45 مليار دولار في صندوق رؤية.
ويخشى الكثير من البنوك الغربية وغيرها من الشركات خسارة أعمال، مثل رسوم ترتيب صفقات لصالح صندوق الثروة السيادي السعودي البالغة قيمته 250 مليار دولار، ويرسلون مسؤولين تنفيذيين أقل مستوى حتى في الوقت الذي يبقى فيه المسؤولون الكبار بعيدا عن المؤتمر.
وتردد مسؤولون تنفيذيون كبار من شركات آسيوية في الانسحاب، ومن ثم فإن مشاركة مؤسسات صينية ويابانية قد تجعل المؤتمر الذي يعقد على مدى ثلاثة أيام نشطا بما يكفي لتقول الرياض إنه نجح.
لهذه الأسباب، فقد لا يكون للمقاطعة الغربية أثر يذكر في الأجل الطويل على الآفاق الاقتصادية السعودية.
وبلغ صافي مبيعات الأجانب في الأسهم السعودية 4.01 مليار ريال (1.07 مليار دولار) في الأسبوع المنتهي في 18 أكتوبر تشرين الأول، في أكبر موجات البيع منذ فتح السوق أمام الشراء الأجنبي المباشر في منتصف 2015.
ويقام المؤتمر في فندق ريتز كارلتون بالرياض، الذي شهد احتجاز عشرات من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين في حملة على الفساد بعد أيام فقط من اختتام مؤتمر العام الماضي.
وقالت السلطات إن الحملة جمعت أكثر من 100 مليار دولار من المشتبه بتورطهم في الفساد من خلال تسويات مالية. لكن ذلك الرقم لم يتم التحقق منه ولم تعلن أبدا تفاصيل الاتهامات المنسوبة إليهم، وهو ما أذكى مخاوف المستثمرين بشأن الشفافية القانونية.
(إعداد عبد المنعم درار للنشرة العربية - تحرير هالة قنديل)