- Investing.com خلال الحرب العالمية الثانية، كانت المقاتلة اليابانية "ميتسوبيشي إيه إم 6 زيرو" الكابوس الذي يطارد طائرات الحلفاء، التي حاولت التحليق فوق المحيط الهادئ، فقد كانت الطائرات الفرنسية والبريطانية والأمريكية بمجرد أن تلمح المقاتلة "إيه إم 6 زيرو" من على بعد أميال تهرب بعيدًا، وذلك بسبب إمكانيات هذه المقاتلة.
في عام 1937 طلبت البحرية اليابانية من المصنعين المحليين مساعدتها في تصنيع مقاتلة قوية بمواصفات خاصة، حيث كانت تريد صناعة طائرة لديها القدرة على التحليق على ارتفاع يصل لـ 3 آلاف متر خلال ثلاث دقائق ونصف دقيقة، وبسرعة تقترب من 500 كيلو متر في الساعة.
كما كانت ترغب البحرية اليابانية في صناعة مقاتلة لديها قدرة أفضل على المناورة من أي مقاتلة أخرى، وأن تكون قادرة على حمل مدفعين رشاشين، وهذه المواصفات كانت قياسية جدًا، ولا يوجد نصفها في أي من الطائرات المقاتلة الموجودة في هذا الوقت.
وبسبب صعوبة المواصفات المطلوبة، كانت شركة "ميتسوبيشي" هي الشركة الوحيدة التي تقدمت بعرض لتصنيع هذه المقاتلة، ونجحت بالفعل في صناعة مقاتلة بنفس المواصفات المطلوبة في الموعد الذي اتفقت عليه مع البحرية اليابانية، ودخلت الخدمة بشكل رسمي في 14 سبتمبر 1939، وتم تسميتها "إيه إم 6 زيرو".
ومنذ هذا التاريخ وحتى عام 1942، كانت "إيه إم 6 زيرو" هي المسيطرة على سماء شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ، وذلك بفضل سرعتها وخفتها وقدرتها الهائلة على المناورة، والتي جعلتها تحسم أي اشتباك تدخل فيه مع طائرات الحلفاء لصالحها بكل سهولة.
وتعد "إيه إم 6 زيرو" أول طائرة بالعالم تستطيع الإقلاع من البر والبحر، ولهذا بالرغم من أنها كانت في معظم الوقت تقلع من على متن حاملات الطائرات اليابانية في المحيط الهادئ، مما يقلل من قدرتها على المناورة، إلا أنها كانت تنجح في إلحاق الهزيمة بمقاتلات الحلفاء التي كانت تقلع من البر، وكان هذا أمر غير مسبوق.
ولأن التاريخ يعيد نفسه، فإن قصة سيطرة المقاتلة اليابانية "إيه إم 6 زيرو" تشبه إلى حد كبير قصة سيطرة قطاع السيارات الياباني على نظيره الأمريكي، فأثناء وعقب الحرب العالمية الثانية، أصيب قطاع صناعة السيارات اليابانية بالشلل، بعد الدمار الذي تعرضت له المصانع والبنية التحتية للبلاد، فقد أعلنت شركة "تويوتا" إفلاسها في 1949، ولم يتوقع أحد أن تقوم صناعة السيارات باليابان مرة أخرى.
وفي أغسطس 1957، غادرت سفينة تحمل على متنها اثنتين من سيارات "تويوتا" ميناء "يوكوهاما" في طريقهما إلى أمريكا، حتى تدخل الشركة اليابانية السوق الأمريكي للمرة الأولى، إلا أن الشركة في عامها الأول لم تنجح في بيع أكثر من 300 سيارة فقط.
ولكن منذ هذا الوقت، عملت "تويوتا" على تثبيت قدمها في السوق الأمريكي، ومنافسة المصنعين المحليين في سوقهم الخاص، وبقدوم عام 1975 صارت "تويوتا" أكبر مصدري السيارات الأجانب إلى السوق الأمريكي، متفوقة على شركة "فولكس فاجن" الألمانية.
ولكن الشركات اليابانية كانت تطمح في منافسة صناع السيارات الأمريكية أنفسهم، وبعد مرور 50 عام من دخولها السوق الأمريكي، وفي عام 2007 بالتحديد، نجحت الشركة اليابانية "تويوتا" من التفوق على الشركة الأمريكية "فورد" حيث أصبحت ثاني أكبر مصنع للسيارات بالولايات المتحدة من حيث المبيعات، بعد "جنرال موتورز (NYSE:GM)".
وقد نجحت اليابان في اختراق السوق الأمريكي، لأنهم تفهم جيدًا عقلية المستهلك الأمريكي أكثر من المصنعين الأمريكيين أنفسهم، كما أنها كانت تستغل أخطاء المنافسين، وأيضًا بسبب قدرة اليابانيون على الابتكار والتعلم من غيرهم.
وحتى تتمكن اليابان من اختراق السوق الأمريكي لصناعة السيارات، قامت بدراسة نقاط القوة الأساسية لدى كبار مصنعي السيارات بالعالم، والتي كانت تتمثل في التصميمات الرائعة في السيارات البريطانية، والمحركات القوية في السيارات الألمانية، والتسويق الجديد بالنسبة للسيارات الأمريكية.
نجح اليابانيون في صناعة سيارات تجمع بين هذه المميزات الثلاثة "المحركات ذات الكفاءة العالية" و"التصميمات الرائعة" و"أسلوب تسويق شيق" نجحت من خلاله في جذب المزيد من العملاء لها، وفي نفس الوقت يمكن للمستهلك العادي تحمل تكلفتها.
قامت اليابان في هذا الوقت ببناء مصانعها في الولايات المتحدة، صاحبة أكبر سوق للسيارات في العالم، وذلك حتى تتجنب التعريفات الجمركية، وحتي لا توجه إليها أي اتهامات حول استيلاءها على وظائف الأمريكيين، كما شجعت الموردين على الانتقال إلى السوق الأمريكي وبناء مصانعهم هناك وتوظيف عمال أمريكيين.
استحوذ مصنعو السيارات اليابانيون على 39% من المبيعات بسوق السيارات الأمريكي في 2016، وبلغت قيمة العجز التجاري بين البلدين خلال نفس العام حوالي 68.9 مليار دولار، من بينها 52.6 مليار دولار مصدرها واردات السيارات وقطع الغيار، وفقًا لبيانات وزارة التجارة الأمريكية.