كشفت بيانات حديثة خسارة الدول العربية التي شهدت اضطرابات وهي تونس ومصر واليمن وسوريا وليبيا، حوالي 32 مليار دولار من احتياطياتها الأجنبية منذ بداية الثورات وسقوط بعض الأنظمة ووفق البيانات الصادرة عن البنوك المركزية لتلك الدول، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي، وتوقعات محللين استراتيجيين، فقد سجلت هذه الدول انخفاضات حادة في صافي احتياطياتها من العملة الأجنبية، خلال الأشهر الأولى من اندلاع الثورات.
وأشار تقرير صادر عن "جيوبوليسيتي للاستشارات" الدولية إلى أن حجم الخسائر الليبية حتى نهاية سبتمبر قارب 14.2 مليار دولار، وكان الانخفاض في إجمالي الاحتياطي الأجنبي من خلال بيع احتياطي الذهب بكثافة وتأتي مصر في الترتيب الثاني لأكثر المتضررين، فانخفض الاحتياطي الأجنبي، وفقا للبنك المركزي، 12 مليار دولار من أعلى مبلغ سجله في شهر ديسمبر الماضي عند 36 مليار دولار.
ويرى المركزي المصري أن تلك الاحتياطيات لا تزال في الحدود الآمنة، وبحسب نائب رئيس البنك المركزي المصري، هشام رامز، فإن مرحلة الخطر الحقيقية للاحتياطيات الدولية تحدث عندما تكون الاحتياطيات تغطي أقل من 3 أشهر من الواردات السلعية، التي تعادل 12.5 مليار دولار بالنسبة لمصر، طبقا لأسعار السلع الأساسية والاستراتيجية التي تستوردها البلاد طبقا لمتوسطات أسعارها خلال العام المالي الماضي 2010 – 2011.
وعلى الجانب السوري، كشفت تصريحات المسؤولين السوريين والقرارات التي أخذت على مدار الأسابيع الأخيرة عن تردي الأوضاع الاقتصادي، وربما زادت العقوبات الدولية من الضغط على الاقتصاد السوري؛ مما دفع الحكومة إلى إصدار قرارات تحظر استيراد المنتجات بتعريفة تزيد على 5% (حفاظا على الاحتياطي الأجنبي). وعلق وزير الاقتصاد والتجارة السوري على القرار في حينه قائلا إنه مطبق بشكل مؤقت.
وعلق أوليفر جاكوب، الخبير النفطي من بيتروماتريكس في سويسرا، أن سوريا تواجه سلسلة من المشكلات تؤدي إلى إنفاق الاحتياطي الأجنبي لديها. وقال الخام السوري، مقارنة بخامات المنطقة، ليس جذابا على الإطلاق، وعليها أن تبيع بأسعار مخفضة جدا حتى تجد من يشتري، أضف لذلك أن تجربة الخام على المصافي التي ستشتري الخام السوري قد تأخذ عدة شهور على أقل تقدير.
وتنتج سوريا نحو 385 ألف برميل يوميا، وكانت أوروبا تستورد ما يصل إلى 150 ألف برميل يوميا من النفط السوري وشهد أداء الاقتصاد التونسي بعد ثورة 14 يناير تراجعاً في عائدات القطاع السياحي، أحد أهم مصادر توفير العملة الأجنبية، كما أثر انخفاض الصادرات التونسية إلى الأسواق الأوروبية التقليدية، خاصة في ميدان الصناعات المعملية والخدمات، بفعل تخريب عدد كبير من المؤسسات الإنتاجية على الميزان التجاري، كما سجل الاستثمار الخارجي المحلي والأجنبي تراجعاً كبيراً.
وسجل حجم الاحتياطي الأجنبي شبه استقرار، مقارنة بشهر أغسطس، ليسجل في سبتمبر 10.850 مليون دينار تونسي (7.61 مليار دولار)، أي ما يعادل 120 يوما من التوريد.
ويعني احتياطي النقد الأجنبي الودائع والسندات من العملة الأجنبية فقط التي تحتفظ بها المصارف المركزية والسلطات النقدية، لكن يشمل المصطلح الشائع صرف العملات الأجنبية والذهب، والاحتياطي من حقوق السحب الخاصة، أو حصة الدولة في رأسمال صندوق النقد الدولي.