يسيطر الهدوء على الأسواق المالية منذ بداية تعاملات الأسبوع بانتظار قرارات الفائدة من البنوك المركزية الأوروبية التي كانت تنتظر قمة الاتحاد لتنتهي لكي يتمكنوا من اتخاذ أي قرارات حول السياسة النقدية، إذ تدور معظم التوقعات بأن البنك المركزي الأوروبي سوف يخفض أسعار الفائدة دون 1.00%، أما البنك البريطاني فمن المقدر أن يقوم بتوسيع برنامج شراء الأصول بقيمة 50 مليار جنيه أضافية.
كانت أهم أربع مخرجات للقمة الاتحاد الأوروبي و التي نشرت التفاؤل في الأسواق، أولا : استخدام آلية الاستقرار الأوروبي بشكل مباشر في إعادة هيكلة البنوك قبل نهاية العام الجاري من دون الحاجة لقيام الحكومات الاوروبية بإقرار سياسات تقشفية صارمة لتخفيض العجز في الميزانية العامة و التي تضر مستويات النمو في هذه البلدان المتعثرة.
وضع الاتحاد الأوروبي بعض الشروط إرضاء لبرلين التي عارضت هذه الفكرة بشكل تام، قبل تطبيق هذه الخطة وهي شروط سيتم التفاوض بشأنها خلال الأسابيع المقبلة مما يفتح الباب لمزيد من المساومات الأوروبية.
اتفق القادة على تخفيف الشروط المرتبطة بخطط الإنقاذ التي تقدمت أسبانيا لدعم بنوكها المتعثرة، و هذا ما ينطبق على ايطاليا في حال تقدمت لخطة إنقاذ لتمويل نفقاتها العامة و ان هذا المجهود يأتي ضمن المساعي لتخفيض الارتفاع الكبير في تكاليف الاقتراض التي تواجهها ايطاليا و أسبانيا في الوقت الراهن.
ثانيا :أقر قادة منطقة اليورو استخدام آليه الاستقرار الأوروبي في شراء ديون الدول الأوروبية المتعثرة مباشرة من الأسواق لأولية و الثانوية من خلال البنك المركزي الأوروبي بعد الفوضى العارمة التي نشرها ارتفاع العائد لسندات هذه الدول في الأسواق المالية خلال الفترة الراهنة وانهيار مستويات الثقة في المنطقة ، و التي باتت تهدد بقاء نظام العملة الموحدة.
يحتاج إقرار استخدام صناديق الإنقاذ الاوروبية لشراء السندات الحكومية من السوق الثانوية إلى موافقة جماعية للدول السبعة عشر بمنطقة اليورو ، على ما يبدو بأن فنلندا و هولندا يعرضان هذا الاستخدام، إذ نقلت وكالة الانباء رويترز بأن فنلندا و هولندا سوف تحجبان موافقتهما على استخدام صندوق الإنقاذ الأوروبي من شراء السندات الحكومية من السوق الثانوي، ضمن الاستفتاء المقرر اقامته للدول الأوروبية خلال الفترة القادمة.
ثالثا: تعهد قادة منطقة اليورو بحزمة بقيمة 120 مليار يورو لدعم وتيرة النمو في المنطقة، إلا أن ايطاليا و أسبانيا حجبتا الموافقة على هذه الحزمة حتى تتعهد ألمانيا بتهدئة أسواق السندات و تخفيض تكاليف الاقتراض التي تواجهها الحكومتان ، و التي باتت تهدد قدرة ثالث و رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو في تمويل نفقاتها العامة من أسواق السندات.
رابعا : وافق القادة على إنشاء وحدة رقابة للبنوك في منطقة اليورو بحلول العام الجاري و هذا الخطوة الأولى في طريق تحقيق اتحاد مصرفي أوروبي، فقد وأعلن الرئيس الأوروبي هرمان فان رومباي أن قادة الاتحاد وافقوا على خريطة طريق محدودة لتعزيز الوحدة النقدية والاقتصادية عبر أربعة محاور نقدية ومالية وسياسية واقتصادية وتعزيز ما سماه بالرقابة الديمقراطية .. مؤكدا أن مقترحات بهذا الشأن ستطرح في شهر أكتوبر المقبل.
تفاعلت الأسواق المالية بايجابية مطلقة مع مخرجات قمة الاتحاد الأوروبي، فقد قفز اليورو لمستويات 1.27 لأول مرة منذ شهريين، و استفادت مؤشرات الأسهم العالمية من هذا النجاح باحراز تقدم غير مسبوق في القرارات، بعد هذا الارتفاع و التفاؤل الذي سيطر على الأسواق خيم الهدوء العارم بانتظار قرارات الفائدة الأوروبية.
عزيزي القارئ، لن تتبلور نتائج قمة الاتحاد إلا إذ قامت البنوك الأوروبية بتكليل هذه النجاح بتيسير السياسة النقدية لدعم وتيرة النمو الاقتصادي في منطقة اليورو التي تعاني من الضعف الشديد على جميع الأصعدة، ما عدا ذلك فأن الأسواق المالية سوف تصاب بخيبة أمل كبيرة و تلغي جميع المكاسب التي حققتها الجمعة الماضية.