بكين، 30 ديسمبر/كانون أول (إفي):- بعد عام من اندلاع الأزمة المالية العالمية وآثارها المدمرة، برزت قوة الصين الاقتصادية خلال 2009 بمثابة القاطرة التي تقود الاقتصاد العالمي نحو التعافي، بشكل يؤهلها لاحتلال المركز الثاني في قائمة الدول الاقتصادية الكبرى، بدلا من اليابان.
ففي الوقت الذي كانت فيه بقية دول العالم تحاول النجاه بعيدا عن الانكماش والكساد، تشير المعطيات الى أن مؤشر نمو الناتج المحلي للمارد الصيني سوف يقدر بـ8 في المائة نهاية العام 2009 وهو الهدف الذي كانت قد رسمته لنفسها الحكومة الصينية.
وكان الاقتصاد الصيني قد حقق نموا بلغت نسبته 6.1 في المائة خلال الربع الاول من العام، إلا ان تلك النسبة تحسنت شيئا فشيئا، حتى ان البنك الدولي توقع أن تصل إلى الضعف خلال الربع الأخير من نفس السنة.
وعلى الرغم من ان تلك النسب تعد بعيدة المنال على الاقتصادات الغربية، إلا ان معدل نمو الاقتصاد الصيني هذا العام يعتبر الأدنى الذي تحققه بكين خلال عقد كامل.
ويعزي الخبراء هذا النمو الى خطة التحفيز الاقتصادي العملاقة التي بدأت بكين العمل بها في نوفمبر/تشرين ثان عام 2008 والتي تتضمن ضخ استثمارات بقيمة نصف تريليون دولار.
كما ساهمت الخطة التي تم وضعها للفترة بين 2009 و2010 في الحفاظ على معدلات النمو من خلال ضخ مزيد من الاستثمارات في مجال البنى التحتية، وهو ما ساهم بدوره في توفير فرص عمل بهدف تحقيق قدر اكبر من الاستقرار الاجتماعي.
وعلى صعيد آخر، تسعى هذه الخطة الى تقليص اعتماد بكين على الصادرات، والتي تعد المحرك الرئيسي للاقتصاد الصيني، لتفسح المجال أمام زيادة الطلب الداخلي، الذي يعتبر متواضعا حتى الان، على الرغم من الارتفاع الذي شهده خلال الفترة بين يناير/كانون ثان وأكتوبر/تشرين أول، والتي بلغت نسبته 15.1 في المائة.
ويأتي ذلك بعد أن أصبحت التجارة الخارجية أول القطاعات التي وقعت ضحية للأزمة، حيث شهدت صادرات الصين خلال الأرباع الثلاث الأولى من العام الجاري انخفاضا بلغت نسبته 21.3 في المائة، فيما انخفضت الواردات الصينية خلال الفترة نفسها بنسبة 20.4 في المائة.
ولعبت التجارة الخارجية، الى جانب اليوان الصيني، دورا كبيرا في الجدل والتوتر وتبادل التهم بتبني اجراءات حمائية بين الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أكبر شريكيها التجاريين على المستوى الدولى.
ومن جانب اخر، أثارت التصريحات التي أدلها بها محافظ البنك الشعبي المركزي الصيني، زو تشياوتشوان، حول ضرورة استبدال اليوان الصيني بالدولار كعملة الاحتياط الدولي في مارس/آذار الماضي موجة من الشائعات في الاسواق العالمية.
وكان رئيس البنك الدولي روبرت زوليك قد أكد في مناسبات عديدة أن الصين لعبت دورا بناء للغاية في مكافحة الانكماش الاقتصادي العالمي من خلال اتخاذ خطوات مالية ونقدية لإنعاش اقتصادها، مؤكدا أن الصين، كقوة اقتصادية صاعدة، تستطيع أن تكون "احد أصحاب المصالح المسئولين في النظام الاقتصادي الدولي من خلال سياساتها الخاصة".
وتشير البيانات الصادرة عن منظمة التجارة العالمية الى أن صادرات الصين خلال النصف الأول من العام الجاري قد تفوقت على صادرات ألمانيا، على الرغم من الأزمة الاقتصادية.
ووصل اجمالي الناتج المحلي الصيني خلال العام الماضي الى 4.32 تريليون دولار، فيما وصل اجمالي الناتج المحلي الياباني خلال الفترة ذاتها 4.91 تريليون دولار، وهو الأمر الذي يجعل من الوارد أن تتخطى بكين الاقتصاد الياباني خلال العام المقبل.
من جهة أخرى كانت إحدى القضايا المهمة على الساحة الصينية عام 2009 هي كيفية تعامل بكين مع قضية التغير المناخي، التي تهدد التنمية الاقتصادية على المدى الطويل، حيث أعلن العملاق الاسيوي قبل قمة كوبنهاجن الأخيرة اعتزامه خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2020 بنسبة تتراوح بين 40 إلى 45%، مقارنة بمستويات عام 2005.
كما أعلنت أنها تعتزم تقليل التمويل المخصص للشركات العاملة في القطاعات الملوثة للبيئة.
في الوقت نفسه أعلنت الصين أنها ستقدم الدعم المالي اللازم لقطاعات الطاقة البديلة والسيارات التي تعمل بالكهرباء وقطاعات أخرى. (إفي).