يشهد الاقتصاد الأمريكي اليوم حالة من التأهب للبيانات الصادرة عزيزي القارئ، إذ سنكون اليوم على موعد مع تقرير الناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع من هذا العام إلى جانب المؤشر المفضل لدى البنك الفدرالي لقياس التضخم، وهو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري عن الربع الرابع أيضا، هذا بالإضافة مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين عن كانون الثاني.
وبداية الجلسة الأمريكية ستكون مع وزارة التجارة الأمريكية التي ستصدر القراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع من هذا العام والذي من المتوقع أن يشير إلى نمو الاقتصاد الأمريكي بأفضل من القراءة السابقة، حيث من المتوقع أن يكون الاقتصاد قد نما خلال الربع الرابع بنسبة 3.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 2.6%، بينما من المتوقع أن ترتفع القراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي المقاس بالاسعار بنسبة 1.7% مقابل القراءة السابقة التي بلغت 2.1%.
أما بما يخص مؤشر الإنفاق الشخصي فمن المتوقع أن يرتفع خلال الربع الرابع بنسبة 4.1% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 2.4%، إضافة إلى التوقعات التي تشير بأن مقياس التضخم المفضل لدى البنك الفدرالي - مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري - سيرتفع خلال الربع الرابع وفي القراءة الأولية بنسبة 0.4% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.5%.
واضعين بعين الاعتبار أن الاقتصاد الأمريكي نما خلال الربع الأخير من العام 2009 بنسبة تعد قوية وسط الضغوطات التي تقع على عاتق الاقتصاد ككل، مركّزين على أن النمو تشكّل بالاساس من الارتفاع في الاستثمارات والمخزونات إضافة إلى الدعم المقدم من قبل قطاع الصناعة الأمريكي، وذلك وسط التحسن الذي طرأ مؤخرا والذي بدأ مع النصف الثاني من العام المنصرم، الأمر الذي أكسب الاقتصاد العزم، خاصة مع مواصلة الدعم المقدم من الحكومة الأمريكية للأنشطة الاقتصادية عن طريق السياسة النقدية المتبعة والإجراءات الغير تقليدية.
إلا ان الاقتصاد الأمريكي لم يتمكن من المحافظة على الوتيرة القوية من النمو أو الحفاظ على العزم الذي اكتسبه ليكمل به خلال النصف الأول من العام الحالي، حيث أن النشاطات الاقتصادية تمر في مرحلة تقلص نوعا ما، إذ أن معدلات البطالة وأوضاع التشديد الائتماني تشكل عائقا أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود، مع العلم أن البنك الفدرالي صرح مؤخرا في مناسبات عديدة بأن الاقتصاد الأمريكي سيواصل سيره نحو التعافي ولكن بوتيرة "معتدلة وتدريجية".
أما بالنسبة للتضخم فقد أكد البنك الفدرالي مرارا وتكرارا وفي أكثر من تصريح أن مستويات التضخم ستبقى تحت السيطرة خلال العامين المقبلين، وسط تركيز البنك الفدرالي على تعزيز النمو، وبخصوص توقعات البنك الفدرالي حول معدلات التضخم فقد أشار البنك ان مستويات التضخم الجوهرية قد تنحصر ما بين 1.4 – 1.7% خلال العام الحالي، والتي وصفها البنك الفدرالي بأنها لا تزال تحت السيطرة.
ويجب أن نغفل من أذهاننا أن معدل البطالة لا يزال يقف ضمن المستوى الأعلى له منذ حوالي ربع قرن وهذا ما يعيق تقدم الأنشطة الاقتصادية ويحد من مستويات الإنفاق لدى المستهلكين مؤثرا بالسلب على نمو الاقتصادي، وذلك باعتبار أن الإنفاق يمثل حوال 70% من النمو في الولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا شهدنا تعثرا في الأنشطة الاقتصادية خلال النصف الأول من هذا العام.
وبالعودة إلى أجندة البيانات الرئيسية الصادرة اليوم نرى بأن مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين عن شهر كانون الثاني الذي من المتوقع أن يرتفع إلى 73.0 مقابل 72.7 وذلك وسط التقدم الذي أحدثه الاقتصاد الأمريكي في الأونة الأخيرة، واضعين بعين الاعتبار أن مرحلة التعافي على ما يبدو وأنها استعادت عزمها مؤخرا.
إلا انه من المؤكد أن يتمكن الاقتصاد من إيجاد سبيل الاستقرار، حيث من المحتمل أن يتلقى الاقتصاد المزيد من العزم ليشكل الدعم للأنشطة الاقتصادية إلى حين تحقيق الاستقرار على المدى البعيد، وسرعان ما تبدأ معدلات البطالة بالهبوط بوتيرة أسرع فإننا قد نشهد نسب نمو أكثر قوة، وهذا ما نتوقع حدوثه بحلول النصف الثاني من العام المقبل.
وهنا نشير بأنه من المؤكد أن يواصل الاقتصاد تعافيه من الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم، و من الجدير بالذكر أن الاقتصاد سيلزمه المزيد من الوقت قبل أن ترجع المياه إلى مجاريها كما يقولون، وبالتالي من المتوقع أن نرى تباينا في أداء الاقتصاد خلال الفترة القادمة، وذلك قبل أن يتمكن من تحقيق الاستقرار الجزئي بحلول النصف الثاني من العام 2011...